أفضل الأعداء للكيان الصهيوني
افرايم هليفي/يديعوت
في الآونة الأخيرة يتزايد عدد اللاعبين على الحلبة الدولية – دول وغير دول – الذي يحتاجون إلى المصطلح الذي يعبر عن وضع يكون فيه اللاعب الآخر هو صديق وعدو في آن واحد. ويدير هذا اللاعب الصديق- العدو، منظومة علاقات معقدة مع بيئته – يحارب عدو آخر، ويؤدي بذلك خدمة ملموسة لعدو آخر له. فمثلا، حركة حماس، تتواجد في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، ولكن حربها ضد الفصائل الأخرى في القطاع، التي لا تتقبل سيادتها، تخدم الاحتياجات الأمنية للكيان الصهيوني.
وفوق هذا تتمتع حماس بحرية في العمل تفوق ما كان المجتمع الدولي سيسمح بها للكيان الصهيوني. وتعتبر حماس في هذا الشأن أسرع وأنجع ولا تعرف الحدود إزاء العدو المشترك. وفي الشمال يعتبر الوضع أكثر تعقيدا. فعدد اللاعبين غير الحكوميين أكبر بكثير، حزب الله، جبهة النصرة، القاعدة، داعش، والجيش السوري الحر. وكل حركة من هذه الحركات تسبب الخسائر في الأرواح لأعداء الكيان الصهيوني. وحقيقة محاربتها لبعضها البعض يضعف كل واحدة منها أمام الكيان الصهيوني. وربما في الشمال أيضا، سينشأ صديق – عدو من بين هذه الحركات.
الواقع الجديد يحتم إستراتيجية وتكتيك جديدين.
أولاً: الاعتراف بالفارق بين اللاعبين غير الحكوميين المختلفين والتعامل مع كل منهم بشكل عيني.
ثانياً: التخلي عن التوجه المبدئي الذي يرفض كل اتصال سياسي مع "الإرهابيين". هذا التوجه يمنع الحكومة الصهيونية من استخدام الآليات الحيوية لتعليم العدو والتأثير على طريقة تفكيره.
ثالثاً: الاهتمام بأن يتم تدريج اللاعبين حسب موازين "التكلفة والفائدة"، ومكافأة من يؤدي خدمة للمصالح الأمنية الصهيونية.
رابعاً: صياغة طريقة ومضامين للحوار الجدي والموضوعي مع بعض اللاعبين الجدد حسب المصالح الصهيونية. يجب أن نقرر ما هو المطلوب من كل مجموعة وما سيتم تقديمه لها كمقابل. وبدل سياسة الهدوء مقابل الهدوء يجب البدء بسياسة أكثر دينامية تسعى إلى تغيير أوضاع أساسية لصالح المتحاورين.
خامساً: بدل الانشغال في الحكم على البيئة التي نعيش فيها علينا تكريس جهد أكبر للعثور على طريق للتعايش معها. مثلا، كلما ازدادت حركة المواد والبضائع إلى قطاع غزة، كلما اتسعت شبكة الاتصالات بين الكيان الصهيوني والغزيين على المعابر الحدودية وعبر وسائل الاتصال الجديدة الخارقة للحواجز والحدود المادية. يجب استخلاصها وعدم تقييدها. إذا أثمرت الاتصالات الأخيرة عن اتفاق بين الكيان الصهيوني وحماس لفترة محدودة، سيكون من الضروري تحويله إلى دعامة أولى للمضي في طريق جديدة. يجب على التكتيك أن يقود إلى إستراتيجية للحوار المتواصل.
مؤخرا تم اقتباس مصدر رسمي قال إننا نتمتع بالهدوء أيضا دون أن نقدم للفلسطينيين في غزة مطار وميناء. ومن دون التطرق إلى هذين الطموحين، إلا أن المحادثات الأخيرة تثبت انه مضى وقت صيغة الهدوء مقابل الهدوء. فمثل هذا التوجه يضمن جولة حربية أخرى. اللهجة الخطابية في الجانبين يمكن أن تتواصل، لكن هذا يجب أن لا يمنع الطرفان من العثور على مسارات للحوار الأقل عدوانية. ستواصل الحكومة الصهيونية وحماس الاستعداد للجولات القادمة للحرب كما لو انه لا يوجد بديل آخر، وربما فعلا لا وجود لبديل. ولكن إذا اندلعت الجولة الرابعة أمام غزة، كقدر محتوم دون أن يتم فحص البدائل الأخرى، لن نتمكن من الادعاء بأن حرب "اللا مفر" فرضت علينا مرة أخرى. لن نتمكن قول ذلك للعالم، والاهم من ذلك لن نتمكن من النظر مباشرة في عيون الصهاينة وقول ذلك لهم.