• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
 الوقت يمضي والخليل باقية كما هي

الوقت يمضي والخليل باقية كما هي

 عميرة هس/صحيفة هأرتس

إن زهيرة دنديس – التي لا تعرف بتاتا كم عمرها - ابتسمت لنا، على الرغم من أمراضها العديدة. وقد أضاء وجهها بسبب العدد القليل جدا من الناس الذين يزورونها في منزلها في شارع الشهداء في الخليل. "انهم يخشون المجيء"، تقول، أو أن الأمر معقد – بسبب وجود حوالي 120 نقطة إغلاق و18 حاجزا، تمزق الشوارع عن بعضها، بالإضافة إلى حظر سفر الفلسطينيين في السيارات أو المشي في معظم أجزاء الشارع الرئيسي، الشهداء.

في الأسبوع القادم، في 25 شباط، ستمر الذكرى الحادية والعشرين للمجزرة التي نفذها باروخ غولدشتاين ضد المصلين في الحرم الابراهيمي. وهذه فرصة للتذكير بالروتين الذي يسود هناك منذ ذلك الوقت. قبل شهر، في 19 كانون الثاني، قام الجنود بلحم مدخل الشقة الصغيرة التي انتقلت اليها دنديس عندما تزوجت منذ عقود. وهناك، تحت المسكن، كانت تقوم المنجرة التي امتلكها زوجها الراحل، وبالقرب منها محل حلاقة ومنجرة أخرى وورش عمل أخرى. سلسلة من المصالح التجارية التي تم إغلاقها.

تبتسم  دنديس عندما تتذكر كيف كان الشارع يعج دائما بالناس والجيران الذين زاروا بعضهم البعض وبالأصوات والألوان، والنشاط، والسيارات التي كانت تتوقف عند مدخل البيت. وعلى بعد مائة متر من بيت دنديس يقوم "بيت هداسا" الذي يخضع لحراسة مشددة وجيدة ويحاط بمواقع عسكرية. لقد تم التحضير للحام مدخل البيت بحضور العديد من المدنيين الإسرائيليين الذين يضعون على رؤوسهم القلنسوات، والذين أكثروا من الابتسام والتقاط الصور. صحيح إن دنديس انتقلت منذ زمن من الشقة الصغيرة التي عاشت فيها مع زوجها وأطفالها إلى شقة أكبر، تقع تماما في الجهة المقابلة. ولكن إلى البيت الواقع فوق المنجرة تصل الشمس، وفيه تتواجد ماكنة الغسيل، وعلى سطحها تعلق الملابس وتجلس كل يوم كي تستدفئ بحرارة الشمس.

ذات مرة كان يعيش في هذا البيت احد أولادها، لكنه "هرب" حسب تعبيرها، بسبب أوامر المنع وتنكيل المستوطنين بالأولاد. وقد هرب ابنها وهرب غالبية الجيران، أيضا.

لماذا قام الجنود بإغلاق الباب؟ "قالوا لي إن احدهم رشق الحجارة" تقول دنديس، "ولكنني لم ارشق الحجارة". ولا تعتقد دنديس أنهم عرضوا أمامها أي أمر عسكري يأمر بإغلاق باب بيتها. الناطق العسكري الإسرائيلي لم يجب على أسئلة "هآرتس" حول ما إذا قام الجنود بلحم الباب وفقا لأمر عسكري، ومن الذي وقعه، وما هي مدته. لكنه قال "إن الشارع المقصود (الشهداء) مغلق منذ 20 سنة، بموجب أمر الجنرال. وفي أعقاب القاء زجاجتين حارقتين في شارع الشهداء في الحي اليهودي في الخليل، تم العثور على عدة فتحات بين المباني سمحت للفلسطينيين بالدخول إلى الحي اليهودي دون العبور بالحاجز، خلافا لأمر الجنرال. واشتعلت إحدى الزجاجات داخل مبنى ما اضطر الجنود إلى اقتحام المبنى المغلق واخماد الحريق. وفي 19 كانون الثاني وبموجب الأمر القائم، وصلت قوات الجيش إلى المكان وقامت بإغلاق المبنى الذي لا تقيم فيه عائلات".

ولم يوضح الناطق العسكري كيف دخلت زجاجة حارقة إلى البيت المغلق. نشطاء المجموعة الخليلية "شباب ضد الاستيطان" يؤكدون اندلاع حريق داخل حانوت فلسطيني مغلق، بالقرب من بيت هداسا. وحسب هؤلاء النشطاء فقد اندلع الحريق بسبب محاولة احدهم الارتباط بشبكة الكهرباء بشكل غير قانوني. وهذا الأحد هو بالذات مستوطن إسرائيلي. ويقول النشطاء انه تم اقتحام الحانوت، وعندها تبين لهم انه تم فتح ثغرات كبيرة في الجدران التي تفصل بين كل حانوت وآخر، على شكل الفتحات التي أحدثها الجيش في بيوت مخيمات اللاجئين في 2002. ويؤمن النشطاء بأن المجهولين ينوون بهذه الطريقة السيطرة تدريجيا على الحوانيت المغلقة، وتحويلها إلى مبنى استيطاني أخر، للسكن أو للتجارة أو اللهو، هذا ليس مهما. وحسب أقوالهم فان لحم الأبواب يسهل على المستوطنين تنفيذ مخططاتهم.

وقد رفض الناطق العسكري الرد على هذه الاتهامات، ووعد فقط بقيام الجيش بالعمل لتطبيق القانون والنظام في الضفة. زهيرة دنديس لم تبق في الشارع المهجور بخيار منها أو إظهار بطولة، وتقول: "لو كان لدي منزل أخر وكنت املك المال لكنت قد غادرت هذا المكان". أما عائلة ابو عيشة في تل رميضة، فوق شارع الشهداء، فبقيت في بيتها بخيارها وقرارها. إلى الشرق من بيتها يقع موقع عسكري صغير، وإمامها يعيش المستوطنون في الكرفانات و"بيت ميدوت". وقد عرض عليها الإسرائيليون عدة مرات الكثير من المال كي تخلي المنزل، لكنها رفضت. وتحرص العائلة على ترك بالغ واحد على الأقل في المنزل بشكل دائم. وتشرح ذلك قائلة: "إذا تركنا كلنا البيت ولو لعدة ساعات، فسنرجع ونكتشف أن المستوطنين استولوا عليه".

قوانين الجيش في المكان تمنع العائلة من استقبال الزوار الفلسطينيين. ولذلك فقد استقبلتنا النساء وكذلك الأطفال هنا، ايضا، بابتسامة دافئة. ولا يحق للجيران، أيضا، زيارة بيت العائلة، ولا حتى عائلة الكنة. وعند زاوية الشارع يقف بشكل دائم جندي إسرائيلي يفحص هويات كل شخص غير يهودي/ إسرائيلي. أبناء عائلة ابو عيشة طوال القامة ويبدون اكبر من أعمارهم، ولذلك فقد تم من خلال ترتيب خاص مع وزارة الداخلية الفلسطينية منح هويات لكل من يبلغ سن الخامسة عشرة كي لا يشتبه الجيش بهم ولا يمنع دخولهم إلى بيتهم. وبعد عشر سنوات من تقديم الطلبات، سمحت لهم الإدارة المدنية بادخال عمال لترميم منزلهم.

مدخل وجدران البيت المسمى "Cage House"، محاطة بشبكات من الحديد، وتقول ريما ابو عيشة: "الوضع هكذا منذ ايام عرفات، أي منذ 1996. لقد سمع بأن المستوطنين يرشقون الحجارة على البيت واهتم بأن نحصل على المال من السلطة. من قبل لم يكن لدينا أثاث على الشرفة، وشبابيك الزجاج كانت محطمة والحجارة كانت تغطي الأرضية، ولم نجلس فيها كما نجلس الآن". وبعد مواصلة المستوطنين لمهاجمتهم رغم ذلك، قاموا قبل ست سنوات، وبمساعدة "بتسيلم" بتركيب كاميرات توثق على مدار الساعة ما يحدث في واجهة البيت. وبفضل هذه الكاميرات تقلصت أعمال الاعتداء عليهم.

بجانب البيت كانت العائلة تملك مصنعا صغيرا لإنتاج الادوات النحاسية والحديدية، منذ ما قبل 1967. وكان الزبائن يأتون من تل ابيب ويشترون مصنوعات النحاس، لكن الجيش أمر بإغلاق المصنع، فقام الأب وابنه بفتح دكانين لبيع الملابس.

الوصول إلى بيت عائلة ابو عيشة وبيوت المستوطنين يمر عبر طريق حادة الارتفاع. والمشهد الروتيني هناك هو التالي: السيارات الاسرائيلية تسافر على الطريق بمتعة، والفلسطينيين يتحملون المشاق سيرا على الأقدام. وفي الشتاء يرجع الاولاد من المدرسة بثياب مبللة.

إلى ما قبل ثلاثة أشهر كان المسنون يستطيعون ركوب الحمار واجتياز حاجز الشهداء إلى الجانب الآخر من العالم، الجانب الفلسطيني من الخليل. ولكنه تم في حينه إلقاء زجاجتين حارقتين على الحاجز، وقام الجيش بإغلاقه لمدة ثلاثة اسابيع، وعندما تم فتحه اكتشف الفلسطينيون انه لا يسمح للحمير باجتياز الحاجز، ولذلك يضطر الناس إلى احضار حاجياتهم وقوارير الغاز داخل عربة أو على الأكتاف.

أعلى