• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
 تونس .. بوادر إرساء حكم استبدادي جديد

تونس .. بوادر إرساء حكم استبدادي جديد

تحصلت الحكومة التونسية الجديدة برئاسة الحبيب الصيد على موافقة مجلس البرلمان و بدأت فعليا في العمل بعد أن وقع تغييرها، حيث لم تلقى الحكومة الأولى التي أراد حزب نداء تونس ترشيحها أي مساندة من حركة النهضة التي رفضت التصويت لها في حال عرضها في البرلمان،  و التي كانت تعبر عن سياسة الحزب الواحد و محاولة  الانفراد بالحكم على طريقة النظام السابق للمخلوع بن علي.

و كان الحزب العلماني نداء تونس  الذي طالما انتقد حركة النهضة بشأن مزاعم احتكارها للسلطة قد صرح أكثر من مرة بأنه لا يريد أن يحكم منفردا في السلطة ، وادعى أنه سيسعى لتحالف واسع من الأحزاب والقوى السياسية بمختلف توجهاتهم،  إلا أنه عند لحظة الإعلان عن الحكومة الجديدة في البداية اتضح أن هذا الكلام ما هو إلا دعاية انتخابية سرعان ما تراجع عنها ولم يثنيه عن المضي قدما في طريقه إلا التهديدات التي أعلنتها عدة أحزاب بعدم منح الحكومة الثقة في البرلمان ... فخشي من فشل مرتقب يضعه في حرج بالغ أمام الرأي العام  التونسي خاصة، و ذلك في أول ظهور له بعد الانتخابات وهو ما سيعطي انطباعا أوليا بالفشل و عدم القدرة على تحقيق أهداف الثورة التونسية .

و بصعود حزب نداء تونس ما بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية إلى الحكم، حتى بدأت سياسة القمع تجاه شباب الثورة التونسية ، التي بدأت بمواجهات في مدن قابس و تطاوين و اعتقال العشرات من الشباب المحتج على تصريحات محسن مرزوق العنصرية  أحد قياديي حركة نداء تونس.  

من ثم بدأت سياسة المحاكمات غير العادلة تجاه بعض المدونين و بصفة غير شرعية، اذ تم سجن المدون ياسين العياري لسنة بتهمة المس من المؤسسة العسكرية على اثر مقالات نشرها في موقع التواصل الاجتماعي في محاكمة عسكرية اخترقت الدستور التونسي الذي ينص على عدم تدخل القضاء العسكري في قضايا المدنيين، اثر ذلك تم إصدار قرار السجن لمدة 4 سنوات في حق المدون أيمن بن عمار على خلفية انتماءه السياسي.  

و بانطلاق عمل حكومة الحبيب الصيد في أيامها الأولى حتى بدأت  مواجهة احتجاجات سلمية بالجنوب التونسي بالرصاص الحي تحديدا بمدينة الذهيبة، سقط على إثرها الشهيد صابر المليان و جرح أكثر من 5 أفراد، و لم يتعاطى الإعلام التونسي بعد كل هذه الأحداث بحيادية بل قدم أعذار لذلك، في روايات أعادت ذهن التونسي إلى أيام ممارسات النظام السابق. في حين وجهت سلسلة من التهديدات لغلق قنوات التي تعمل في صف الثورة و قامت بكشف الفساد بملفات موثقة.                                                               

و أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش كل هذه الأحداث معلقة حول الأحداث  " أن ما يجري من محاكمات  يعيد تونس إلى مربع الظلم و التضييق على الحربات العامة و هو منعرج خطير ينذر بمستقبل استبداد جديد ". فالتونسيون  كانوا يتوقعون و ينتظرون تغييرات جذرية بعد فرار بن علي أو على الأقل بعد الانتخابات الأخيرة ، فانه شيء لم يتغير في ظل صعود ذراع النظام السابق نداء تونس الذي قام بإعادة سياسات الماضي منذ الأيام الأولى من حكمه ، مؤشرات خطيرة تنذر باستفحال الاستبداد أكثر فأكثر.            

فتونس اليوم لم تعد قادرة على تحمل سنوات جديدة من الاستبداد و تفشي الفساد، و الشعب ضاق الكثير من ذلك خلال حقبة نظام المخلوع بن علي ، فالوضع قد ينفجر مجددا في تونس و  خاصة في قسمه الجنوب الذي يزدد غضبه على حزب نداء تونس ، الذي يعبر في كل مرة أحد قيادييه على سياسة العنصرية و التهميش تجاه أبناء و شباب الجنوب التونسي الذي يعد رمزا للثورات التونسية عبر تاريخ البلاد.

و أيضا على مستوى تركيبة الحكومة الجديدة فقد وقع إقصاء الإسلاميين منها بصفة تكاد كلية و لم تسند لحزب حركة النهضة سوى وزارة وحيدة و هي وزارة التشغيل ، كذلك  هناك الكثير من الأسماء التي تم تعيينها في الحكومة الجديدة لنداء تونس هم من فلول النظام السابق و كانت تقف وراء الاستبداد و الفساد في تونس.

و قال القيادي بحزب التيار الديمقراطي محمد عبو " هناك وزراء مورطين من اللذين تم تعيينهم في الحكومة الجديدة مثال ذلك وزير الداخلية، و هو مؤشر لا يطمئن في ظل تواصل احتكار السلطة للمشبوه فيهم ".البوادر لا تشير إلى نجاح الحكومة الجديدة  بعد وضوح توجه نداء تونس وعدد من حلفائها العلمانيين للانفراد بالحكم، وعدم مشاركة الإسلاميين والقوى الثورية الحقيقية في المجتمع و السلطة ، التي ترفض التقاطع مع نظام بن علي وهو أمر لا يحبذه نداء تونس باعتباره أحد أذرع النظام القديم و متشبع بقيم و مبادئ حكم بن علي ، و من المتوقع ظهور الكثير من الخلافات قريبا حيث أن التوجهات مختلفة تماما بين الجانبين كما أن القوى العلمانية المتطرفة و فلول الأنظمة السابقة التي سقطت و  التي ظهرت في بلدان الربيع العربي مؤخرا أصبح من أهم أهدافها تشويه صورة الثورة في محاولة إعادة  كمائن لحركة النهضة مثلا وحلفائها داخل وخارج الحكومة وليس من المستبعد توجيه  اتهامات لها "بالإرهاب" أو على الأقل لبعض عناصرها من أجل تفجيرها من الداخل و خلق خلافات و تمكين الإعلام المحلي منها باعتباره أحد عوامل نجاح حزب نداء تونس .

أعلى