• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
إيران والحارس الأمريكي في

إيران والحارس الأمريكي في "باب المندب"

أظهرت جماعة "أنصار الله" أو ما يعرف بجماعة الحوثي الشيعية اليمنية مرونة في تحديد أولوياتها في اليمن والغاية من حالة الفوضى الأمنية التي أحدثتها مؤخرا من خلال السيطرة على صنعاء ومدن أخرى بتواطؤ من قبل الرئاسة اليمنية، وسواء تحققت لها الغاية أم لا فهي جزء من لعبة إقليمية تديرها الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، فالأولى ترى أن الحوثي و"داعش" وغيرها يمكن أن تحتوى من خلالها حالة الصراع الديني الموجودة في منطقة الشرق الأوسط ضمن حدود جغرافية بالإضافة إلى استنزاف موارد خصومها في المنطقة وحماية أمن الكيان الصهيوني. أما إيران فترى في "الحوثي" وغيرها من الجماعات الشيعية في العراق ولبنان كأذرع تستطيع من خلالها اختراق المنطقة العربية سواء بالقدرات الأمنية التي تزودها بها، أوالشعارات الدينية التي تستغلها في استعطاف سكان المناطق التي تسيطر عليها.  بالنسبة لإيران فإن مهمة جماعة الحوثي تنحصر في فرض طوق على منطقة الخليج العربي من ناحية الجنوب، وبالتالي السيطرة على أهم ممرات الملاحة الدولية وهومضيق باب المندب.

وخلال الأيام القليلة الماضية تقدمت جماعة الحوثي باتجاه سواحل البحر الأحمر، في مسعى لتحقيق مطالبها السابقة بالحصول على منفذ على البحر الأحمر،وبحسب مراقبين، باتت محافظة الحُدَيْدة الهدف الجديد لجماعة الحوثي التي كثّفت من حضورها المسلح فيها خلال الأيام الماضية، لبدء طريق السيطرة على "باب المندب".

وللتعرف أكثر على أهمية مضيق" باب المندب" وتأثيره في إستقرار المنطقة سياسيا، فإننا يجب أن نتعرف على خصائصه الجغرافية، فهوممر مائي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، والمسافة بين ضفتي المضيق هي 30 كم ويعتبر من أهم الممرات المائية على مستوى العالم، لأهميته الإقتصادية والعسكرية.

وبحسب المعلومات التي نشرتها وكالة أنباء الأناضول فإن جزيرة "بريم" اليمنية تقسم المضيق إلى ممرين، الشرقي بعرض 1.5 كم ، والغربي بعرض 28 كم، وهوالممر الأهم للملاحة.  تقول الإحصائيات الرسمية إن 21 ألف سفينة وقطعة بحرية مختلفة تمر سنويا من المضيق، بالإضافة إلى نقل 3.3 مليون برميل من النفط يوميا عبر المضيق وهوما يعادل 30% من نفط العالم.  لليمن أفضلية كبيرة في السيطرة على المضيق نظرا لتحكم جزيرة "بريم" فيه، كونها تابعة لسلطتها، لكن ضعف السلطة المركزية في السنوات الأخيرة جعلت واشنطن تعزز تواجدها العسكري في المنطقة وتفرض سلطتها في المضيق من خلالها تأثيرها على "الناتو"، وعمليات مكافحة القرصنة الصومالية.

نظرا لقيام اليمن بإغلاق المضيق خلال حرب اكتوبر عام 1973 في وجه ناقلات النفط وطرق إمداد الكيان الصهيوني بالسلاح بالإضافة إلى الاضطرابات الأخيرة التي حدثت بسبب القرصنة وهجمات تنظيم القاعدة، قامت واشنطن بعد ذلك بوضع حامية مكونة من 1300 جندي في جيبوتي، بالإضافة إلى السفينة الحربية"وايثني مونت" وهي الأحدث في مجال التجسس على مستوى العالم، وطائرات تجسس وسفن حربية تابعة للناتو، من أجل تأمين مضيق "باب المندب". بالإضافة إلى حامية عسكرية فرنسية مكونة من 2700 جندي متمركزة في جيبوتي.

تظهر أهمية التدخل الأمريكي في السيطرة على المضيق لغايات عدة، أبرزها مراقبة حركة السفن في المنطقة بالإضافة إلى ضمان وصول إمدادات النفط إلى العالم الغربي. لاسيما أن الكيان الصهيوني خلال الأعوام الماضية قام باعتراض عدد من السفن المتجهة إلى السودان تحت ذريعة أنها محملة بالأسلحة التي تهرب إلى قطاع غزة، ومنها كان السفينة "كارين أيه" التي تم اعتراضها في البحر الأحمر عام 2002.

من الأمور التي زادت في أهمية المضيق هو اتساع قناة العبور التي تقع بين جزيرة بريم والبر الإفريقي،وعمقها 100-200م. مما جعله الممر الأفضل لعبور شتى السفن وناقلات النفط على محورين متعاكسين متباعدين. ولقد ازدادت أهميته بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.

سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة "باتفاقية جامايكا" حيز التنفيذ في شهر نوفمبر من عام 1994، وهي اتفاقية تنظم حركة الملاحة في المسطحات المائية على مستوى العالم، والولايات المتحدة هي الوحيدة التي لم تصادق على هذه الاتفاقية. وتبقى أهمية باب المندب مرتبطة ببقاء قناة السويس أولاً وممر هرمز ثانياً مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة.

يقول الجنرال اليمني حسين اليدومي، في دراسة قدمها في جامعة بنسلفانيا عام 1991، إن حرص واشنطن على إقامة قواعد العسكرية في بالقرب من المضيق بهدف الإبقاء على حركة إمدادات النفط إلى الدول الغربية دون إنقطاع. أما بخصوص جماعة الحوثي وسعيها للسيطرة على المضيق فإنه وبحسب مجلة نيوزويك الأمريكية يأتي تماشيا مع مخططات إيران للسيطرة على المضيق الرابط بين خليج عدن والبحر الأحمر والذي يمر منه الجانب الأكبر من تجارة أوروبا وأسيا.

وإذا أردنا أن نعرف مدى إمكانية نجاح جماعة الحوثي بالسيطرة على مضيق "باب المندب"، فإننا يجب أن نفكر في عمق العلاقة بين واشنطن وإيران من ناحية بالإضافة إلى إمكانية تنازل واشنطن عن سيطرتها على تلك المنطقة، لذلك يمكن القول إن السيطرة على المضيق بمثابة السيطرة على شريان الحياة في الخليج العربي.

أعلى