• - الموافق2025/09/16م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هذه هي هويتنا.. تاريخ العنف السياسي في أمريكا على مدى 250 عامًا

إن الادعاء بأن حوادث العنف السياسي والاغتيال ليس من طبيعة المجتمع الأمريكي هو نسيان لحقيقة أن الولايات المتحدة تأسست – وظلت لفترة طويلة – على هذا الشكل من العنف السياسي، وما زالت تمارسه إلى الآن


المصدر: The Conversation

كتبه ماوريتسيو فالسانيا - أستاذ التاريخ الأمريكي، جامعة تورينو

 

 

في اليوم التالي لمقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك بالرصاص أثناء إلقائه كلمة في جامعة "وادي يوتا"، كرر المعلقون لازمة مألوفة: "هذا ليس نحن كأمريكيين."

وبالمثل، قالت ووبي غولدبرغ في برنامج The View إن الأمريكيين يحلون خلافاتهم السياسية بطرق سلمية: "هذه ليست طريقتنا."

ومع ذلك، تتبادر إلى الذهن فورًا أحداث مأساوية أخرى: فقد اغتيل الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963. ومؤخرًا، في 14 يونيو/حزيران 2025، قُتلت ميليسا هورتمان، الرئيسة السابقة لمجلس نواب ولاية مينيسوتا، في منزلها مع زوجها وكلبهم.

بوصفي مؤرخًا للجمهورية المبكرة، أرى أن النظر إلى هذا العنف في أميركا باعتباره "حوادث منفصلة" خطأ. إنها تعكس نمطًا متكررًا.

فالسياسة الأمريكية لطالما شخصنت العنف، إذ يُصوَّر التقدم التاريخي على أنه متوقف على إسكات شخصية بعينها أو تدميرها الخصم الذي يُعاد تشكيله في صورة العدو البغيض.

لذلك، فإن الادعاء بأن مثل هذه الحوادث تخون "هويتنا" هو نسيان لحقيقة أن الولايات المتحدة تأسست وظلت لفترة طويلة على هذا الشكل من العنف السياسي.

العنف الثوري بوصفه مسرحًا سياسيًا

كانت سنوات الثورة الأمريكية حاضنة للعنف. إحدى الممارسات المروعة ضد الخصوم السياسيين كانت "التقطير بالقار والريش". وهو عقاب جاء من أوروبا وانتشر على يد "أبناء الحرية" في أواخر ستينيات القرن الثامن عشر، وهم ناشطون استعماريون قاوموا الحكم البريطاني.

في مدن الموانئ مثل بوسطن ونيويورك، كانت الحشود تجرّد الأعداء السياسيين عادة الموالين لبريطانيا أو مسؤولي التاج من ملابسهم، وتغطيهم بالقار الساخن، ثم بالريش، وتجوب بهم الشوارع.

كان تأثير ذلك على الأجساد مدمرًا. إذ كانت طبقات من اللحم تُنتزع مع إزالة القار. ينجو البعض، لكنهم يظلون مشوهين مدى الحياة.

وبحلول أواخر سبعينيات القرن الثامن عشر، تحولت الثورة في "المستعمرات الوسطى" إلى حرب أهلية شرسة. في نيويورك ونيوجيرسي، كانت ميليشيات الوطنيين والموالين والقوات البريطانية تشن غارات على المزارع والقرى. وعندما كان الوطنيون يأسرون مقاتلي الموالين المعروفين بـ"التوريين" كانوا يعاملونهم كخونة لا كأسرى حرب، فيُعدمون سريعًا غالبًا بالشنق.

في سبتمبر/أيلول 1779، أُسر ستة من الموالين قرب هاكنساك نيوجيرسي، وأُعدموا شنقًا دون محاكمة. وفي أكتوبر من العام نفسه، أُطلق النار على جاسوسين مشتبه بهما في مرتفعات هدسون فور القبض عليهما.

بالنسبة للوطنيين، كان ذلك رادعًا، وبالنسبة للموالين، كان جريمة قتل. لكنه في كل الأحوال كان سياسيًا بامتياز.

المبارزة كأداة سياسية

حتى بعد الاستقلال، ظلت السياسة الأميركية مشبعة بمنطق العنف تجاه الخصوم.

كانت المبارزات بالمسدسات أكثر من مجرد "شرف شخصي"، بل كرست ثقافة سياسية تعتبر إطلاق النار جزءًا من الجدل.

أشهر المبارزات كانت مقتل ألكسندر هاملتون على يد آرون بور عام 1804، لكن وقائع أخرى سبقتها.

في 1798، قتل هنري بروكهورست ليفينغستون الذي أصبح لاحقًا قاضيًا في المحكمة العليا جيمس جونز في مبارزة، ولم يؤثر ذلك سلبًا على مسيرته. كان يُنظر إلى فعله على أنه مشرّف.

في 1802، وقعت مبارزة بين دي ويت كلينتون وجون سوارتووت، وكلاهما من الجمهوريين، بسبب خلاف على المناصب، وتبادلا إطلاق النار خمس مرات قبل أن يتدخّل الوسطاء.

لقد كانت إشارة إلى أن العنف المسلح صار وسيلة طبيعية لتسوية النزاعات.

ثقافة السلاح واتساعها

قد يميل البعض إلى اعتبار العنف السياسي بقايا مرحلة "بدائية" أو "حدودية" من تاريخ أميركا، حين كان السياسيون وجماهيرهم يفتقرون إلى ضبط النفس. لكن الواقع مختلف.

منذ ما قبل الثورة، كان العقاب البدني أو القتل وسيلة لتحديد الانتماء السياسي والفصل بين "الداخل" و"الخارج"، وتقرير من يملك حق الحكم.

لم يكن العنف يومًا تشويهًا للسياسة الأميركية، بل سمة متكررة، قوة هدامة لكنها أيضًا "خلاقة" بحدّ ما، إذ تنتج حدودًا جديدة وأنظمة جديدة.

وتعمق هذا النمط مع اتساع امتلاك السلاح. في القرن التاسع عشر، أسهم التصنيع الحربي والعقود الفيدرالية في ضخ المزيد من الأسلحة في المجتمع. وتحولت طقوس معاقبة الخصوم السياسيين إلى استخدام المسدسات والبنادق الآلية لاحقًا.

ولم تعد هذه الأسلحة أدوات عملية للحرب أو الجريمة أو الدفاع عن النفس فحسب، بل رموزًا للسلطة والمعنى الثقافي، مانحةً حامليها شعورًا بأن الشرعية يمكن أن تُنتزع من فوهة البندقية.

خلاصة

لهذا السبب، يبدو شعار "هذا ليس نحن" زائفًا. فالعنف السياسي كان دائمًا جزءًا من قصة أميركا، لا شذوذًا عابرًا ولا حادثًا منفصلًا.

إن إنكاره يعني ترك الأميركيين بلا حماية أمامه. وحده الاعتراف بهذه الحقيقة التاريخية يتيح تصور سياسة لا يعرّفها السلاح.

أعلى