• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
سوريا بين فكي الأطماع الإيرانية الروسية وصراع النفوذ

حاولت كل من روسيا وإيران الاستفادة من الأوضاع التي آلت إليها سوريا لتعزيز نفوذهما في المنطقة، واستغل كل طرف تلك الأوضاع لتأسيس موطئ قدم لها. فهل يستمر التنسيق الروسي الإيراني أم تتصادم المصالح؟


بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرته في مايو الماضي، وحدوث فرص لتفاهمات جديدة في المنطقة، عاد الملفّ السوري ونموذج العلاقة بين روسيا وإيران إلى الواجهة من جديد، خاصة بعد تلويح روسيا باستعدادها الحديث والتفاهم مع أيّ من القوى في المنطقة، بما فيها الولايات المتحدة وتركيّا، وتجاهل الطرف الإيراني.

 فروسيا تدخلت بقوة في تلك الحرب الدائرة بحجة حماية حليفها بشار الأسد، وأنشأت وجودًا لها عبر إدخال القوات الروسية من فرق المشاة والبحرية والدفاع الجوي، الذين شاركوا في الحرب بكل قوة، وصنعت جنرالات في شتى مدن سوريا كحمص واللاذقية وطرطوس ودمشق، وكلفتهم بإدارة الحرب أمنيا وعسكريا، حتى بلغ عدد جنود التواجد العسكري في سوريا (63) ألف جندي روسي مسجلين ضمن وزارة الدفاع الروسية، و(20) ألف مقاتل من جهات ومجموعات قتالية غير حكومية، أهمها مجموعة "فاغنر" التي كان يرأسها "يفغيني بريغوجين"

وحتى الاَن تمتلك روسيا قاعدتين عسكريتين في سوريا هما: مطار حميميم في مدينة اللاذقية، وهي معقل إدارة العمليات العسكرية، ومركز اجتماع القادة الروس أتناء قدومهم لسوريا للاطلاع على العمليات، ومطار طرطوس البحري، الذي استأجرته القوات الروسية من دمشق بعقد مدته 49 عامًا بدءًا من العام 2019، ليكون ظاهره تطوير الميناء، وباطنه استملاك الميناء ليكون موطئ قدم لها على المياه الدافئة وتحقيق حلم الإمبراطورية الروسية القديم، كما تسيطر على المجال الجوي في معظم أنحاء سوريا وتتحكم بإطلاق أنظمة الدفاع الصاروخي إس 300، وإس 400 التي زودت سوريا بها.

كما يرمي هذا التدخل العسكري الروسي إلى تحقيق أهداف وغايات ويوجه رسائل سياسية إلى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، بأن روسيا لا تتخلى عن حلفائها، واقتصادية لإعادة تلميع صورة السلاح الروسي وتسويقه.

 

ولا شك في أن الملف السوري كان محلًّا لكثير من التقاطعات الروسية-الإيرانية في المصالح، فقد اشتركت الدولتان في منع سقوط نظام يشار الأسد، ودعمتاه عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا

 أما إيران التي تعتبر نفسها قوة إقليمية، وتسعى لتوسيع نفوذها وتأثيرها على المنطقة، والتي تعد نفسها العدو الأول لدولة الكيان الصهيوني إلى جانب حزب الله اللبناني، فكانت لها حسابات وتخمينات حول دخول الحرب وكيفية التدخل وآليات الزج بالقوات الإيرانية  وآليات العمليات العسكرية، إلى أن استقر الأمر لديها دخول الحرب عبر وكلائها المتمثلين في، فيلق القدس، ولواء زينبيون وفاطميون، وألوية النجباء، وحزب الله في لبنان، والقتال إلى جانب حليفها بشار الأسد ونظامه السياسي لمنع سقوطه، لأنها تعتبره شريكها في محور المقاومة في المنطقة وجدار الردع التي تجابه به دولة الكيان،

وبررت دخولها بذريعة قطع الطريق على دولة الكيان التي من الممكن أن تستغل الأحداث وسقوط نظام بشار الأسد أو إضعافه للسيطرة على مناطق كبيرة في سوريا والدخول إلى ما بعد الجولان.

ولا شك في أن الملف السوري كان محلًّا لكثير من التقاطعات الروسية-الإيرانية في المصالح، فقد اشتركت الدولتان في منع سقوط نظام يشار الأسد، ودعمتاه عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وما يجمع بين الطرفين هو مواجهة العدو المشترك المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقويض سيطرة الحركات الإسلامية السُّنيّة، على اعتبارها تهديدات محتملة على الأمن القومي للبلدين، خشية امتداد تأثيرها إلى آسيا الوسطى والقوقاز.

في المقابل، بدأ التناقض في المصالح بين موسكو وطهران في الملف السوري يطفو على السطح، وبدأت الخلافات تدب بين الطرفين حول فرض النفوذ والهيمنة، بعد أن هدأت الأزمة السورية، وانتهت الحرب واستعادت قوات النظام السوري الأراضي التي كانت في حوزة المعارضة المسلحة والجماعات والميليشيات المقاتلة،

فبعد أن اعتمد الروس خلال السنوات الأولى لتدخُّلهم العسكري المباشر في سوريا على النفوذ الإيراني الأمني والعسكري، شرعوا في خطواتهم الخاصة من أجل هيكلة مؤسسة عسكرية منضبطة، بعيدًا عن الحالة المليشياوية التي أفرزها التدخل الإيراني، الأمر الذي أغضب إيران وخاصة بعد التدخل الروسي في النظام السياسي السوري، والتحكم في النظام الدستوري وتأجيل الانتخابات السورية أكثر من مرة حتى تصل لمرحلة الاستقرار الذي تريده روسيا،

والذي يعني بالضرورة ضبط تحركات المليشيات المرتبطة بإيران، وإخراج المقاتلين الأجانب الذين جلبتهم طهران من أفغانستان وباكستان ولبنان، وحتى المقاتلين الإيرانيين، من أجل إضعافها وإضعاف المعارضة السورية في اَن واحد وإجبارهم على القبول بحل سياسي وفق مبدأ لا غالب ولا مغلوب، والحفاظ على مواقع روسيا في آخر موطئ قدم لها في المياه الدافئة شرق المتوسط، وتعزيز حضورها في المنطقة، والحفاظ على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. وهو ما ترفضه إيران، التي تعتبر أن حالة الفوضى هو الوضع الأفضل لبقاء مصالحها والحفاظ عليها، حيث إنها تنشط فيها من أجل تأسيس نفوذ لها، والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الجغرافية السورية، والهيمنة على محافظات حساسة لتأمين مصالحها، مستخدمة من أجل ذلك أسلوب التغيير الديمغرافي والجيوسياسي.

وعمدت إيران الى التدخّل في علاقات أكثر دقّة على مستوى الحياة الاجتماعيّة والدينيّة والثقافيّة والاقتصاديّة في سوريا، لتبدأ روسيا بالقلق من هذا التدخل والتوجهات الإيرانية، والتي تبعها ارتدادات وصراعات على النفوذ بين قادة الجيش السوري، سببه الولاء والتبعية إما لروسيا أو إيران.

 

أعلى