• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
حين انتظر الكيان الصهيوني رد السنوار!

هل اقتربت حماس من عقد صفقة مع الكيان الصهيوني لوقف القتال، لماذا يتم الإعلان عن قرب الاتفاق ثم تعود الأمور إلى المربع الأول مرة أخرى؟ ما الذي يجري خلف الكواليس وهل ثمة اختلاف بين قيادات حماس حول بنود عمليات التفاوض؟


"لأي وضعٍ وصلنا.. إننا في انتظار موافقة السنوار على الصفقة"

في مزيج من الحسرة والسخرية، جاءت كلمات المراسل العسكري الصهيوني الشهير أمير بوخوبط والتي كتبها في حسابه على منصة إكس، وذلك عندما تواردت الأخبار في البداية عن الموافقة الصهيونية على صفقة تمت صياغتها في اجتماع باريس بين رؤساء مخابرات فرنسا ودولة الاحتلال وقطر ومصر والولايات المتحدة، وحسب وكالات الأنباء فقد عرضت مسودة للاتفاق على الكيان الصهيوني فقبلها، وعلى حماس فأعطت إشارات ايجابية بالموافقة عليها.

ولعل مصدر تلك المعلومات هو المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، ففي جلسة حوارية معه عُقدت في كلية الدراسات العليا في واشنطن التابعة لجامعة هوبكنز الأمريكية، صرح الأنصاري إن "الاجتماع في باريس نجح في دمج المقترحات.. لقد وافق الجانب الإسرائيلي على هذا الاقتراح والآن لدينا تأكيد إيجابي أولي من جانب حماس، وأضاف: لا يزال أمامنا طريق شاقة للغاية، لكنه أوضح: نحن متفائلون لأن الجانبين وافقا الآن على المبدأ الذي من شأنه أن يؤدي إلى التوقف التالي في القتال".

وبمجرد أن ظهر هذا الخبر في الفضائيات حتى هلل أهالي غزة فرحًا، ولكن سرعان ما بدأت قيادات حماس في نفي التوصل إلى اتفاق، وقالت إن هناك خطة سلام وصلت إلى قيادات الحركة وسوف تقوم بدراساتها وإعطاء الرأي فيها، ولهذا سخر المراسل العسكري الصهيوني المخضرم من ذلك المستوى الذي آل إليه السياسيون في دولة الكيان من المسارعة على الموافقة بينما حماس جعلتهم ينتظرون ما تريده.

 

 تبدو بنود الصفقة المنشورة في وسائل الإعلام مختلفة، فأطراف الصفقة تتكتم على تفاصيلها، لأن المفاوضات لا تزال جارية وربما يتم تعديلها بنودها، حيث يمارس الطرف الصهيوني وطرف المقاومة الضغوط للخروج بقدر الإمكان باتفاق يقترب من تحقيق أهدافهما.

وخرج بعدها تصريح رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لوكالة رويترز يقول فيه: إن الصفقة يجب أن تشمل بندًا صريحًا ينص على وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الصهيوني من القطاع.

مع العلم أنه قبل هذا التصريح بيومين، كانت الأنباء تتوارد عن وصول وفد من حماس بزعامة هنية إلى القاهرة للتباحث بشأن الصفقة، ولم تتم الزيارة المرتقبة.

وبعد هذه التجاذبات خرج القيادي في حماس أسامة حمدان في مؤتمر صحفي ببيروت ليضع النقاط فوق الحروف ويعلن بوضوح، أنه "لا توجد صفقة حتى الآن وإنما إطار عام دون تفاصيل"، وقال إن الحركة "ستعلن موقفها النهائي استنادا لمصلحة الشعب الفلسطيني"، وإن على نتنياهو "الرضوخ لطلبات المقاومة".

وهنا يتساءل المرء ما الذي حدث بالضبط؟

ما الذي دفع المتحدث باسم الخارجية القطري ليقول إن الكيان الصهيوني وافق على الصفقة وهناك ردود إيجابية من حماس؟

هل هناك خلافات بين قادة حماس كما تدعي بعض وسائل الإعلام سواء الإعلام الذي ينتمي إلى دولة الاحتلال، أو وسائل الإعلام الأخرى والتي تعبر عن الفكر الصهيوني ضمنًا؟

والأهم من ذلك كله، ما هو مضمون تلك الصفقة التي وافقت عليها حكومة الاحتلال وترددت حماس في قبولها ثم عادت إلى رفضها؟

صفقة أم مجرد إطار عام؟

في السابع والعشرين من شهر يناير الماضي، نقلت وكالة فرانس برس عما أطلقت عليه مصدر أمني من دولة مشاركة في المفاوضات، أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" في باريس ومسؤولين كباراً من مصر وإسرائيل وقطر مجتمعون لمحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن غزة.

وبعدها أعلن متحدث مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، خلال مقابلة مع شبكة "إم إس إن بي سي" التلفزيونية، أن المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، أفضت إلى "إطار عمل يمكن أن يؤدي إلى اتفاق نهائي".

والملاحظ أن المسئول الأمريكي لم يستخدم مصطلح صفقة، وانما إطار عمل، وهو نفس الألفاظ الذي استخدمها أسامة حمدان في مؤتمره الصحفي.

تبدو بنود الصفقة المنشورة في وسائل الإعلام مختلفة، فأطراف الصفقة تتكتم على تفاصيلها، لأن المفاوضات لا تزال جارية وربما يتم تعديلها بنودها، حيث يمارس الطرف الصهيوني وطرف المقاومة الضغوط للخروج بقدر الإمكان باتفاق يقترب من تحقيق أهدافهما.

ونشرت صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية، مقالا مهما يعرض وجهة نظر حكومة الاحتلال في الصفقة المنتظرة، تحت عنوان "عقبات تواجه صفقة الرهائن"، للكاتب ايتمار ايشنر، وبحسب الكاتب فإن إسرائيل توصلت مع الولايات المتحدة وقطر ومصر إلى توافق في الآراء بشأن اتفاق يتضمن وقف إطلاق النار لمدة 45 يوماً لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، كما سيتضمن الاتفاق إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، بالإضافة إلى زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة.

ووفق تحليل الكاتب، فإنه وبمجرد إعلان قبول حماس بالاتفاق الأولي، ستبدأ مفاوضات مكثفة حول نقاطه الرئيسة، ولكن الكاتب الصهيوني يتوقع أن لا توافق حماس لأنها تطالب وفق رأيه بما يتراوح بين 100 إلى 300 سجين مقابل كل محتجز يتم إطلاق سراحه، في وقت لم يوضح مآل الجثث الإسرائيلية المحتجزة في غزة، ومن غير المعروف كما يرى الكاتب ما إذا كانت الحركة ستوافق على مبادلتها بجثث عناصرها أو ما إذا كانت ستطلب إطلاق سراح سجناء إضافيين.

 

وأضاف نحن في المرحلة النهائية للمشاورات الداخلية ومع الفصائل بشأن المقترح الذي تسلمناه وسنرد قريبا، ونطالب الإعلام بالحذر وعدم الوقوع بشرك الإعلام الإسرائيلي الذي يهدف لإرباك الشارع الفلسطيني.

ويزعم الكاتب إنَّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسم خطاً على الرمال، قائلاً - قاصداً نتنياهو- إنَّه "لن يتم إطلاق سراح آلاف من المقاومة"، وأشارت التقارير إلى إمكانية إطلاق سراح ما بين 4000 إلى 5000 في الصفقة، مما يجعله أكبر عدد من السجناء تطلق سراحهم إسرائيل على الإطلاق.

ويضيف الكاتب بمجرد الاتفاق على النقاط الرئيسية، سيكون من الضروري معالجة القضايا الإضافية، على سبيل المثال، تصر حماس على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من غزة.

ويتساءل الكاتب إن كانت إسرائيل تستطيع منع سكان غزة من الوصول إلى شمال القطاع لمدة 45 يوما؟ وماذا سيحدث بعد وقف إطلاق النار لمدة 45 يوما؟ وإن كان من المعقول الافتراض أن حماس ستصر على الحصول على ضمانات لوقف القتال، وهو ما يعتبر خطا أحمر من وجهة النظر الإسرائيلية، وفق الكاتب.

المقاومة والصفقة المنتظرة

نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية، نقلا عما أسمته مصادر معنية بالمفاوضات خلاصات تشرح الإطار العام للمداولات التي جرت في ورقة باريس.

وتتطرق الخلاصات، إلى التزام الأطراف بالموافقة على مبدأ الصفقة وعدم إقفال باب التواصل كما جرى في المرة السابقة.

ولعل ما تقوله صحيفة الأخبار اللبنانية يعضده التصريح الذي نقلته قناة الجزيرة عن قيادي في حماس ليلة الأحد، والذي ينفي فيه صحة الأخبار المتداولة حول رفض الحركة لمقترحات وقف النار، وأضاف نحن في المرحلة النهائية للمشاورات الداخلية ومع الفصائل بشأن المقترح الذي تسلمناه وسنرد قريبا، ونطالب الإعلام بالحذر وعدم الوقوع بشرك الإعلام الإسرائيلي الذي يهدف لإرباك الشارع الفلسطيني.

وتكمل الصحيفة بأنه جرى التوافق بين جميع الأطراف على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين وجثامين القتلى وتسليمهم إلى حكومتهم، وأن يصار في المقابل إلى إطلاق عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، دون أن تقبل إسرائيل فكرة تبييض السجون معتبرةً إياها غير قابلة للتحقق، والاتفاق على تقسيم العملية إلى ثلاث مراحل، بحيث تشمل الأولى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من كبار السنّ والنساء والأطفال الذين لم تشملهم الصفقة السابقة، ويقدّر عددهم بأقل من 40 شخصاً، على أن تطلق إسرائيل سراح جميع المعتقلين الذين أدخلوا إلى سجونها بعد السابع من أكتوبر، إضافة إلى المرضى من المعتقلين الفلسطينيين وبقية النساء والأطفال.

كما تقول الصحيفة إنه جرى الحديث عن بدء هدنة تستمر لستة أسابيع، يجري خلالها منح الفصائل الفلسطينية كامل الوقت لإعادة تجميع الأسرى الموجودين لدى أكثر من جهة وفي أكثر من منطقة، ويصار خلالها إلى ضمان الوقف الشامل لكل العمليات العسكرية، بما في ذلك عمليات استطلاع الطيران الحربي أو المسيّر، والذي رفضت إسرائيل تطبيقه في كل الأمكنة، وتحديداً في تلك التي تنتشر فيها قواتها، وأنها لن تعرّضها للخطر - أي بدون حماية جوية -.

وتشمل المرحلة الثانية إطلاق سراح النساء من اللواتي كنّ في الخدمة العسكرية خلال اعتقالهنّ، أو اللواتي تنطبق عليهنّ مواصفات الخدمة العسكرية، وتطالب إسرائيل هنا بأن تكون المرحلة الثانية شاملة أيضاً للعسكريين من المعتقلين، على أن يطلق مقابلهم عدد كبير من المعتقلين في السجون الإسرائيلية، أما في المرحلة الثالثة، فيصار إلى تسليم الجثث مقابل إطلاق سراح إسرائيل لمعظم السجناء، وتسليم جثث فلسطينيين سبق لها أن احتجزتهم في عمليات كثيرة في الضفة الغربية والقدس، وكذلك تسليم جثامين عناصر حماس الذين قتلوا في 7 أكتوبر، وتحتجزهم القوات الإسرائيلية، كما يصار إلى إطلاق الدفعة الأخيرة من السجناء الفلسطينيين، وبينما تطالب حماس بإطلاق سراحهم جميعا، فإنَّ الولايات المتحدة وحتى مصر وقطر يعتقدون بأن ذلك قد لا يكون ممكناً، وهو ما ترفضه إسرائيل أصلاً.

ولكن أهم ما ذكرته الصحيفة اللبنانية المقربة من حزب الله، أنه من جانب حماس فإن الأمر لا يبدو سهلا، وتكمل الموقف النهائي رهن مشاورات، فحماس وفق الصحيفة اللبنانية لا ترى أنها مضطرّة إلى خسارة أهمّ الأوراق التي بيدها (ورقة الأسرى) من دون الحصول على ضمانات بعدم تجدّد الحرب، وهي أبلغت الوسطاء بأن إسرائيل ستعود لممارسة وحشية أكبر بعد إطلاق سراح الأسرى، ولن يكون هناك أيّ رادع، كما ستتوقف الحملة الضاغطة داخل دولة الاحتلال.

وفق بعض المصادر الإعلامية الأخرى، فإن أمريكا تحاول إغراء حماس بتوقيع الصفقة، وذلك بتمديد فترة الهدنة إلى ثلاثة أو حتى أربعة أشهر، وبرأي الأمريكان إنه في حال نجاح الصفقة، سيكون من الصعب على دولة الاحتلال استئناف الحرب كما كانت في الفترة السابقة، وإن دولة الاحتلال أصلاً تدرس فكرة الانتقال إلى مرحلة تتوقف فيها العمليات الكبيرة، بما فيها الغارات الجوية.

في النهاية حماس واقعة بين المطرقة والسندان، ضغوط من الدول الداعمة لها، والحال المزرية التي وصل لها القطاع، والخسائر في صفوف المدنيين بعد حملات الإبادة المستمرة التي يقوم بها الكيان الصهيوني الإرهابي.

أعلى