• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
من وراء اغتيال العاروري وتأثير ذلك على حماس؟

هل اغتيل العاروري بطائرة مسيرة، أم طائرة مقاتلة اخترقت الأجواء اللبنانية، هل اخترق الموساد دوائر العاروري المقربة، أم أنه اخترق حزب الله حيث يقيم العاروري ورفاقه؟ والسؤال الأكبر كيف ستؤثر عملية اغتيال العاروري على حماس


"اغتيال العاروري لن يهز حماس"

هذا ما قاله رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق إيهود باراك.

وأضاف باراك في حديثه للقناة الـ 13 الصهيونية، أن من يأمل أن يكون هذا الذي يخلف العاروري بديل أقل كفاءة فهو مخطئ كذلك، مؤكدًا أن هدف تحرير المحتجزين لدى حماس لا يقل أهمية عن تصفية قادتها، بل الأولوية للهدف الأول، لأنه أكثر إلحاحًا "لإسرائيل"، على حد تعبيره.

فهل ما يقوله باراك صحيحًا؟ خاصة أن هذا المسئول الصهيوني السابق بالذات، وصل في فترة من الفترات إلى قمة المسئولية في الكيان الصهيوني كرئيس للوزراء، كما كان وزيرًا للدفاع، بل قاد في شبابه في أوائل السبعينات فرقة صهيونية متخفيًا في زي النساء وسافر إلى بيروت، ونجحت هذه الفرقة في اغتيال علي حسن سلامة أحد أشهر القادة العسكريين في المقاومة الفلسطينية، أي أن حديثه ليس نظريًا بل نتاج خبرة عسكرية وسياسية لا يستهان بها في تاريخ الكيان، خاصة في مثل هذه الاغتيالات وتأثيرها.

ولكن لكي نستطيع تحديد النتائج المترتبة على عملية الاغتيال تلك، لابد لنا قبلها من معرفة الطريقة التي تم بها استهداف الشيخ صالح العاروري ورفاقه، لأن أسلوب الاغتيال هو جزء من الرسالة التي أراد بها الاحتلال إيصالها إلى أطراف الصراع المختلفة.

اغتيال غامض

يوم الثلاثاء الماضي، أدى انفجار في إحدى الشقق في ضاحية بيروت الجنوبية (معقل حزب الله) إلى استشهاد الشيخ صالح العاروري أحد مؤسسي كتائب القسام وقائدها في الضفة الغربية، كما استشهد معه اثنان من قيادات حماس وأربعة من كوادر الحركة.

كيف تم اغتيال الشيخ العاروري؟

ففي يوم الثلاثاء، يوم الاغتيال، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان، إن استشهاد الشيخ صالح العاروري تم عبر طائرة مسيّرة التي استهدفت مكتبا لحركة حماس، وفي اليوم التالي الأربعاء، عاد مصدر أمني لبناني بارز مطلع على التحقيقات الأولية لوكالة فرانس برس، ليقول رواية جديدة مفادها، أن القصف الذي أدى إلى مقتل القيادي في حركة حماس، صالح العاروري، وستة آخرين في الضاحية الجنوبية لبيروت، جرى عبر صواريخ موجهة أطلقتها طائرة حربية إسرائيلية، وليس عبر طائرة مسيّرة.

واستند المصدر إلى عاملين، الأول دقة الإصابة لأنه لا يمكن لمسيرة أن تصيب بهذه الدقة، والثاني زنة الصواريخ، المقدرة بنحو 100 كيلوغرام لكل منها.

 

تاريخيًا وحتى الآن حقق الموساد اختراقات كبيرة لحزب الله، وتصاعدت وتيرته في السنوات الأخيرة. وقد كشفت تقارير وتحقيقات عن وجود العديد من العملاء المجنّدين لصالح الكيان الصهيوني في صفوف الحزب

وبحسب المصدر الأمني اللبناني، أطلقت الطائرة الحربية 6 صواريخ، اثنان منها لم ينفجرا. وقال إن صاروخين اخترقا سقف طابقين قبل أن يصيبا مكان اجتماع قادة حماس إصابة مباشرة.

وأكد المصدر أن الصواريخ التي استخدمت في القصف تستخدمها الطائرات الحربية "الإسرائيلية"، وسبق للأجهزة العسكرية اللبنانية أن عاينت صواريخ مشابهة أطلقتها طائرات "إسرائيلية" في جنوب لبنان، بعد بدء التصعيد عبر الحدود مع إسرائيل على وقع الحرب في غزة.

ويؤكد فرضية الطائرات المقاتلة وليس المسيرّة، ما نقلته وسائل إعلام عن مصدر في الجيش اللبناني، أنه في صباح يوم العملية ظلت الطائرات الحربية الصهيونية تخترق سماء بيروت على ارتفاعات كبيرة، ورجح مصدر الجيش أن العملية تمت بطائرة مقاتلة وليست مسيرة.

ولكن صحيفة ذا تايمز البريطانية في تقرير لها، تؤكد أن الاغتيال تم بطائرة مسيرة (درون)، وأن العملية بدت دقيقة من الناحية الفنية، إذ تم تصميم الصاروخ الموجه ذي القطر الصغير الذي أطلقته الدرون، من أجل قتل الهدف دون إحداث الكثير من الأضرار المحيطة. وفي هذه الحالة فجّر غرفة واحدة دون الإضرار ببقية المبنى متعدد الطوابق.

أما النقطة الثانية التي تدل على أن الهجوم كان دقيقاً خصوصاً في توقيته، فقد حدث عند غروب الشمس فوق البحر ما شكل غطاء طبيعياً للمسيّرة، لاسيما أن لبنان يلفه الظلام في مثل هذا الوقت خلال فصل الشتاء، كما اختفى صوتها مع حركة المرور، فيما كانت هناك طائرتان أخريان على الأقل تقدمان معلومات للمسيرة في الوقت الفعلي.

ولكن كيف أمكن للكيان الصهيوني تحديد مكان الشيخ صالح العاروري؟

نقلت صحيفة النهار اللبنانية عن مصادر أمنية في قوى الأمن اللبناني قولها، أن تكون الهواتف الخليوية السبب في الإصابة المباشرة للقيادي الفلسطيني صالح العاروري أي أن هذه القوى الأمنية تتحدث عن اختراق الصهاينة لهاتف العاروري الذي تمكنوا من خلاله تحديد مكانه.

ولكن بعض الخبراء الأمنيين المتابعين لتفاصيل العملية، يرون أن الاختراق ليس عن طريق الهاتف بل عن طريق عملاء، وأن تلك العملية كانت مصحوبة بوجود عميل مراقبة على الأرض يدخل ويخرج من المكتب، فكل تلك العيون على الهدف لم تتواجد لتأكيد وجود العاروري في الداخل، بل للتعرف على الرجال الآخرين الجالسين معه أيضاً.

وهناك رواية أخرى تتحدث عن أن اغتيال العاروري لم يكن وهو متواجد في مكتبه، بل استهدفه الصاروخ مباشرة عندما غادره وهمّ بأن يستقل السيارة التي كانت تنتظره أمام المبنى الذي يتواجد فيه المكتب.

هذا التضارب في تفاصيل ومعلومات عملية الاغتيال والتناقض حتى في تحليها، تثير الشكوك حول طريقة استهدافه وكيفية معرفة موقعه، خصوصاً أن المنطقة التي تواجد فيها تعد مكاناً آمناً وسرياً لا يعرفه إلا التابعون لحزب الله والحلقة الضيقة المحيطة به، أي أن هناك اختراقًا حدث إما في دائرة حزب الله وخاصة أن المنطقة تعتبر المربع الأمني الخاص به، أو يكون الاختراق تم في الحلقة الفلسطينية المحيطة بالعاروري والمسئولة عن حراسته، وهذا الاحتمال يبدو الأضعف، فحماس تتواجد بشكل رمزي ومحدود في لبنان، ولا يسمح لها حزب الله إلا بذلك، لأنها في النهاية قوة سنية عسكرية.

وتاريخيًا وحتى الآن حقق الموساد اختراقات كبيرة لحزب الله، وتصاعدت وتيرته في السنوات الأخيرة. وقد كشفت تقارير وتحقيقات عن وجود العديد من العملاء المجنّدين لصالح الكيان الصهيوني في صفوف الحزب، وتبين أن بعضهم تربطه صلات قرابة بقياديين.

وفي الأسابيع الأخيرة استهدف الموساد العديد من قادة حزب الله العسكريين في جنوب لبنان منهم قادة كتائب النخبة، أي قوات الرضوان، ومن بينهم نجل النائب اللبناني المنتمي لحزب الله محمد رعد وغيرهم تواجدوا في منازل بشكل سري، كما استهدف الموساد قيادات الحرس الثوري الايراني في سوريا وعلى رأسهم رَضى موسوي، والذي تعتبره بعض الأوساط في أهميته مثل قاسم سليماني، وهذا كله يدل على أن الاختراق الصهيوني لإيران وفرعها اللبناني (حزب الله) ضخم.

ولكن هناك فرضية أوردتها صحيفة النهار اللبنانية وهي من أشهر الصحف في لبنان ومعروفة باستقلاليتها. وتتحدث هذه الفرضية كما تقول الصحيفة، عن تلكّؤ مقصود من قبل حزب الله لجهة تأمين حماية أمن العاروري، أو التخلّي عن حمايته للقول إن الحزب ليس جزءا من الصراع الدائر في غزة.

ومما يعزز من هذه الفرضية، ما كشفه موقع lebtalks اللبناني، بأن دبلوماسيين غربيين سألوا بعض المسؤولين اللبنانيين، قبل أيام قليلة من اغتيال الشيخ صالح العاروري، عن سبب إقامته في منطقة الضاحية الجنوبية، مع التشديد على ضرورة رحيله تجنباً لأي عملية اسرائيلية على أرض لبنان.

 

 وأضاف أن حماس حتى ولو كانت مقطوعة الأطراف ومصابة بشكل كبير بسبب الضربات الأخيرة، فإنها ستتمكن من التعافي، مضيفا حتى وإن كنا ننظر نحن إلى ذلك بسخرية، ستقول حماس: نجحت في أن أصمد.

والمعلومة التي أوردها الموقع اللبناني تساهم في تعزيز التحليل الذي يرى أن تصفية الشيخ العاروري هو الثمن الذي توافقت عليه قوى إقليمية ودولية، ومن أجله يمكن أن تتوقف فيه الحرب بشكلها الحالي، وتنتقل فيه لمرحلة أخرى قائمة على انسحاب للقوات البرية الصهيونية.

ولكن ما تزال فرضية تواطؤ إيران أو حزب الله تحتاج إلى دلائل أقوى من ذلك.

حماس وتأثير الاغتيال

بعيدا عن الدعاية الفجة أو الديماجوجية الصهيونية، والتي يملؤون بها إعلامهم ويخدعون عامتهم عن أن الحملة على غزة تحقق أهدافها، وأنهم على وشك تحقيق ما يبتغون من تحطيم حماس وإطلاق سراح الأسرى، لكن قادة الكيان الصهيوني يدركون تماما الواقع على الأرض.

والخبراء الصهاينة الذين يخافون على كيانهم من الاندثار يدركون هذه الحقيقة:

ففي ندوة نظمتها قناة 13 الصهيونية حول نتائج اغتيال الشيخ العاروري، استضافت فيها القناة ثلاثة خبراء صهاينة، أحدهم أكاديمي جامعي متخصص في الشئون الفلسطينية ويشغل رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، والاثنان الآخران عضوان سابقان في المخابرات الداخلية الشاباك، أشار الأكاديمي إلى أن الاهتمام الصهيوني قبل عملية طوفان الأقصى، كان منصبًا على الضفة الغربية وما يحدث فيها، وفي ذلك الإطار كان العاروري هو الشخصية المركزية التي تم التهديد بتصفيتها في ذلك الحين.

وأضاف أن حماس حتى ولو كانت مقطوعة الأطراف ومصابة بشكل كبير بسبب الضربات الأخيرة، فإنها ستتمكن من التعافي، مضيفا حتى وإن كنا ننظر نحن إلى ذلك بسخرية، ستقول حماس: نجحت في أن أصمد.

أما أعضاء الشاباك السابقين، فأحدهما ذكر تخوفه من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر الماضي بإحدى مستوطنات الضفة الغربية، بعد اغتيال العاروري الذي كان رئيس حماس فيها، مضيفا علينا الحذر الشديد سواء بالشمال أو الضفة؛ لأنه من الممكن أن يحاولوا فعل شيء.

بيننا رأى عضو الشاباك الثاني، أن حماس لم تعد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حركة محلية محصورة في قطاع غزة، وباتت تملك دعمًا إقليميًا، وهو ما يعكس مسار نمو حماس من حركة نشأت في غزة عام 1987 إلى حركة أكبر من مقاسات القطاع.

هذا ما أدركه خبراء صهيون، حماس لم تتأثر في تاريخها باغتيال قادتها ومؤسسيها، بل أثبتت قدرتها على ملء الفراغ القيادي واختيار من ينقلها إلى مرحلة جديدة، وإلى خطوات إلى الأمام نحو تحقيق غايتها وهي تطهير أرض فلسطين وإقامة شرع الله ومنهجه.

أعلى