• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
تكالة رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة الليبية.. هل ينهي الجمود السياسي؟

جاء فوز محمد تكالة مفاجئا وخارج التوقعات، وهو ما يحرك عددًا من الأسئلة: من هو الرجل، وما هي خلفياته وأيدولوجياته السياسية، وهل يملك من القدرات والمهارات التي تمكنه من إحداث خرق في الساحة الليبية المأزومة؟


انتخب محمد مفتاح محمد تكالة في السادس من أغسطس 2023 رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وهو يعني حراكًا غير محدد المعالم والاتجاه داخل المؤسسات في الدولة التي تعاني جمودًا سياسيًا وفشلاً مؤسساتيًا منذ الثورة التي أسقطت نظام الرئيس معمر القذافي في العام 2011.

المجلس الأعلى للدولة الليبية:

 

يُنظر إلى انتخاب تكالة على أنه نتيجة تحول دراماتيكي وتغير مفاجئ وتم تفسيره على أنه رفض صريح لخالد المشري الذي أصبح ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح حليفين مؤخرًا

أنشئ المجلس الأعلى للدولة عام 2015 من هيئة تشريعية سابقة انتخبت في 2012، وبموجب اتفاق يحظى باعتراف دولي عام 2015 فإن لكل من المجلس الأعلى للدولة الليبية، ومقره طرابلس، ومجلس النواب في الشرق الذي انتخب لولاية مدتها أربع سنوات عام 2014 رأيًا في التطورات السياسية الرئيسة، لكنهما ليسا متفقين حول آلية الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر اجرائها في 24 ديسمبر 2021، غير أنها تأجلت بسبب غياب التوافق بين الأطراف السياسية على الأسس القانونية للاقتراع، وكان لكل منهما رأيه أيضًا خلال القتال بين فصائل من شرق ليبيا وغربها. ويشترك المجلس الأعلى للدولة مع مجلس النواب في عدة صلاحيات، من بينها اختيار رئيس الحكومة وتقديم الملاحظات على الميزانية المقترحة واختيار المناصب السيادية.

انتخابات المجلس الأعلى للدولة الليبية:

وتنظم انتخابات رئاسة المجلس سنويًا، وقد تداول على رئاسته حتى الآن رئيسان هما: عبد الرحمن السويحلي وخالد المشري، وتكالة هو الرئيس الثالث بعد حصوله على 67 صوتًا في الجولة الثانية من التصويت ضد منافسه خالد المشري.

وحضر التصويت 131 عضوًا، وغاب 6 أعضاء، وجرت عملية الفرز بحضور ممثلين عن كل مرشح، وحصل المشري في الجولة الأولى على 49 صوتًا، بينما حصد منافسه تكالة على 39 صوتًا، فيما حصلت المرشحة نعيمة الحامي على 4 أصوات، والمرشح ناخي مختار على 36 صوتًا، وصوت عضوان بورقتين فارغتين.

وتنافس المشري وتكالة مجددًا في جولة الإعادة، التي حضرها 130 عضوا من أصل 137 هم أعضاء المجلس الأعلى للدولة، وحصل خالد المشري على 62 صوتًا في الجولة الثانية، فيما حصد تكالة 67 صوتًا، مع تسجيل ورقة اقتراع فارغة واحدة، وبذلك يغادر المشري منصبه بعد نحو 5 سنوات قضاها في رئاسة المجلس، منذ انتخابه للمرة الأولى في 4 أبريل عام 2018. وفاز مسعود عبيد بمنصب النائب الأول لرئيس المجلس بعد حصوله على 64 صوتًا مقابل 58 صوتًا لناجي مختار النائب الأول السابق لرئيس المجلس.

ويُنظر إلى انتخاب تكالة على أنه نتيجة تحول دراماتيكي وتغير مفاجئ وتم تفسيره على أنه رفض صريح لخالد المشري الذي أصبح ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح حليفين مؤخرًا، حيث أراد كلاهما اختيار حكومة مؤقتة أخرى قبل إجراء انتخابات عامة، وبات يُنظر إليهما على أنهما من شخصيات الوضع الراهن غير المهتمين بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

من هو محمد تكالة؟

ومحمد تكالة أكاديمي ليبي ولد عام 1966، وعرف خطواته الأولى نحو عالم السياسة بعد الاحتجاجات التي شهدتها ليبيا وأطاحت في 2011 بنظام معمر القذافي، حيث أصبح محمد تكالة عضوًا بالمجلس المحلي لمدينة الخُمس.

 

 لم يصنف تكالة ضمن تيار سياسي محدد، وتركز نشاطه في مجالات السياسات الاقتصادية والمحاسبية للدولة، وترشح لمنصب رئيس ديوان المحاسبة إثر فتح مجلس الدولة باب الترشح للمناصب السيادية

وفي 2012 انتخب عضوًا بالمؤتمر الوطني العام عن مدينته الخُمس، في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 17 فبراير 2011، وتولى صفة مراقب بمكتب رئاسة المؤتمر الوطني العام، وعضوية لجنة المواصلات والاتصالات بالمؤتمر، واستمر عضوًا بالمجلس التشريعي الذي تغير لاحقًا إلى المجلس الأعلى للدولة، بموجب الاتفاق السياسي برعاية الأمم المتحدة، والموقع في مدينة الصخيرات المغربية في 2015، ثم انتخب في السادس من أغسطس 2023 رئيسًا للمجلس خلفا لخالد المشري.

وتولى في غضون ذلك عدة مهام في جولات الحوار المتعددة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على مدار السنوات الماضية، واختير عضوا لملتقى الحوار السياسي (تونس-جنيف)، إذ كان عضوًا في لجنة الصياغة بحوارات تونس وملتقى الحوار السياسي بتونس وجنيف، وفي 2022 أصبح محمد تكالة رئيسًا لفريق المجلس الأعلى للدولة لخارطة الطريق.

توجهاته السياسية:

لم يصنف تكالة ضمن تيار سياسي محدد، وتركز نشاطه في مجالات السياسات الاقتصادية والمحاسبية للدولة، وترشح لمنصب رئيس ديوان المحاسبة إثر فتح مجلس الدولة باب الترشح للمناصب السيادية في فبراير الماضي، غير أنه عرف بانضمامه إلى كتلة الرافضين لتمرير رئاسة مجلس الدولة التعديل الدستوري الذي من شأنه توفير أساس لإجراء انتخابات، وشارك في رفض تشكيل لجنة 6+6 المشتركة بين مجلس الدولة ومجلس النواب ومخرجاتها والتي دعت إلى تشكيل حكومة موّحدة تتولى تهيئة وتوحيد البلاد لإجراء الانتخابات، وكذلك تمرير مجلس الدولة خارطة الطريق الجديدة الممهدة للانتخابات برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وعند انتخاب ملتقى الحوار للحكومة الحالية في فبراير 2021 كان تكالة من بين مؤيدي تولي عبد الحميد الدبيبة رئاسة الحكومة، وكان من أوائل المؤيدين لحكومة فتحي باشاغا التي عينها مجلس النواب في وقت سابق ثم سحب الثقة منها، والتي كانت ستحل محل حكومة الدبيبة.

ماذا سيصنع تكالة؟

نظريًا، يسعى تكالة لإحداث خرق في جدار الصمت السياسي الليبي، فحسب تصريحاته فإنه سيعمل في الفترة القادمة من ولايته على تأمين الاستقرار في البلد بأي طريقة سلمية متوافرة، ورأب الصدع، وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية، وجلب الأطراف السياسية الليبية للجلوس على طاولة المفاوضات والتجهيز للانتخابات، والمصالحة الوطنية؛ كي يمكن إجراء الانتخابات والقبول بنتائجها.

وفي الواقع، فإن فوز تكالة المدعوم من حزب العدالة والبناء ذي المرجعية الإسلامية، والمدعوم أيضًا من رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، قد يكون له تأثيره على المشهد السياسي الليبي، خاصة إذا ما تبني سياسات مختلفة، وتجاوز الخلافات الواسعة التي وقعت بين خالد المشري ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والتي سدت كافة الطرق المؤدية إلى انتخابات في البلاد.

ولكن في المستقبل المنظور قد يكون من المبكر رؤية هذه التغيرات أو التوقع بها، لكن المؤشرات الأولية والخلفية السياسية التي تحكمت في تكالة والتي تمثلت في: رفض تمرير رئاسة التعديل الدستوري، رفض مخرجات لجنة 6+6، تأييده لاستمرار حكومة الدبيبة، لا تجعل مجالًا كبيرًا للتفاؤل بتغير دراماتيكي في المسار الليبي، خاصة على صعيد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحلحلة الأزمة الليبية.

 

 

أعلى