• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كيف ينظر «أكراد العراق» إلى فوز أردوغان؟

يمتد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التأثير في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ومن أهم تلك الملفات هو ملف إقليم كردستان العراق، إذ تلقي تلك العلاقة بظلال على الداخل التركي قبل أن تكون قضية علاقات خارجية.

 

فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية، متفوقًا على مرشح المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، وحصل أردوغان على نحو 52 في المئة من الأصوات، مقابل نحو 47 في المئة لمنافسه كليجدار أوغلو.

فوز أردوغان يعني إقرار سياسية التماهي التركي مع المحور الشرقي، مع استمرار الانعطافة التركية تجاه روسيا، والتهدئة في ملفات الشرق الأوسط وتعزيز العلاقات مع محيط تركيا الإقليمي، واستكمال التطور في العلاقات مع عدد من الدول وضبط التوتر الحادث مع القوى الغربية، وسيكون الرئيس التركي وحزبه أكثر حرصًا على ألا يصل الأمر إلى حد القطيعة مع أي دولة من نظر براغماتية بين الغرب وتركيا.

ومع فوز أردوغان بات من الواضح إلى أين تتجه بوصلة "أكراد العراق"، ويتطلع الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والمتضرر من الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، إلى تهدئة، لكنه يتمسك أيضاً بالحفاظ على شراكة استراتيجية مع أنقرة.

التعطش للاستقرار

ربما كان ثابتاً من الثوابت لدى الأكراد أنه ليس من مصلحة السلطات في إقليم كردستان العراق خسارة أردوغان في الجولة الثانية التي حسمها بالفوز على مرشح المعارضة، نظرًا إلى العلاقات الوطيدة التي تربطها به، لكن الأكراد المتضررين من الحرب على حزب العمال الكردستاني تمنوا رحيله.

ويأمل الكثيرون بعد فوز أردوغان بالرئاسيات، وحزب العدالة والتنمية بالبرلمان، في أن تؤدي حكومة جديدة في النهاية إلى إنهاء الصراع المستمر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، ورسميًا لم يعلق قادة الإقليم على التنافس المحتدم بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو.

وبعد فوز أردوغان على مرشح المعارضة كمال كليتجدار أوغلو، يتمنى نزار سلطان -60 عاماً- وهو موظف حكومي في جامعة صلاح الدين في أربيل "أن تجلس الحكومة التركية المقبلة والأكراد على طاولة حوار".

 

يتطلع الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والمتضرر من الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، إلى تهدئة، لكنه يتمسك أيضاً بالحفاظ على شراكة استراتيجية مع أنقرة.

ويضيف "في المرات السابقة كلها، استخدموا الأكراد للوصول إلى غاياتهم للأسف ثم يقومون بعدها بتهميش الأكراد والتحايل عليهم".

وبعدما أدلى بصوته في القنصلية التركية في أربيل، قال المواطن الكردي التركي قدري شمزينو -60 عاماً- مرتدياً الزي الكردي التقليدي، "نحن لا نطلب شيئاً إضافياً للشعب الكردي".

وأضاف، وهو واحد من 3834 مواطناً تركياً مقيمين في كردستان العراق، "نريد المساواة مع المواطنين الأتراك في الحقوق وأن نعيش بكرامة على هذه الأرض لأننا أيضاً أبناؤها".

ودعا سيروان نجم -50 عاماً- من مكتبته في وسط أربيل، الأكراد في تركيا إلى التصويت "للمرشح الذي سيعالج القضية الكردية بشكل دبلوماسي"، وشدّد على أن "المشاكل الكردية يجب أن توضع على طاولة الحوار وأن يتم حلها والاعتراف بحقوقهم الأساسية".

وفي إشارة إلى التعطش للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في الشرق الأوسط، يعتقد الباحث بالشؤون التركية "بوتان تحسين" أنه بعد فوز أردوغان، ستكون تركيا بحاجة إلى مبادرة لتطبيع الأوضاع مع جيرانها، وخصوصا مع كردستان العراق.

كما يرى أن مستقبل العملية الديمقراطية في تركيا مرهون بالتحالف مع الأكراد وإنصاف حقوقهم، معتبراً أن الحكومة التركية المزمع تشكيلها سوف تراهن على التهدئة وسوف تسعى إلى فتح صفحة جديدة مع الأكراد.

وينظر الأكراد إلى فوز الرئيس أردوغان على مرشح المعارضة على أنه حدث مفصلي في تحديد مكانتهم وهويتهم في البلاد، خاصة مع تسابق الأحزاب على مخاطبة ودهم للحصول على أصواتهم.

ويرى مراقبون وسياسيون أن أردوغان لن ينتهج سياسة مغايرة تجاه العراق بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية، خصوصاً أنه لا يزال ينظر إلى العراق على أنه جزء من المجال الحيوي لتركيا، إضافة إلى أنه يركز بشكل كبير على إنهاء ملف حزب العمال الكردستاني.

وفيما أكثر من نصف أكراد العالم يعيشون في تركيا ويشاركون في الحياة السياسية إلى درجة وصفهم بصانعي الملوك، ما يدفع أردوغان لمواصلة سياسته الحالية، مع الأخذ بالاعتبار أن تركيا ستعمل على تعويض خسائرها الاقتصادية من خلال الانخراط بشكل أكبر في الداخل العراقي.

فيما يرى اقتصاديون أن طبيعة العلاقة القائمة بين كردستان العراق وتركيا أخذت ملامحها تثبت بعد أن أصبح هناك ارتكاز في الحياة الاقتصادية الموجودة ما بين الإقليم والحكومة التركية.

وذلك محكوم بعاملين، أولهما أنبوب النفط وما يمر من الأراضي العراقية عبر أراضي كردستان إلى تركيا، وما يحقق لها من موارد، خصوصًا وأن تركيا تكاد تكون دولة متقدمة في منطقة الشرق الأوسط لكن يبقى عامل الطاقة الهايدروكربونية بشقيها الغازي والنفطي يمثل عنصر قلق كبير بالنسبة لها، وما يمر عبر أراضي كردستان عبر بوابة جيهان مرتكز أساسي في العلاقة.

وهناك ما يقارب أكثر من 2500 شركة تركية من مختلف المجالات تعمل في إقليم كردستان سواء في البناء والإعمار وغيره، وكذلك فإن كردستان تعتبر بوابة النمو الاقتصادي التركي باتجاه العراق لوجود هذه البوابة داخل أراضي كردستان من الناحية العملية، وما يتم تحقيقه يتجاوز أكثر من 12 – 13 مليار دولار.

وعانى الأكراد الذي يشكلون نحو 20 بالمئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة، من الاضطهاد في حقبة الجمهورية التي أنشأها عام 1923 مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس حزب الشعب.

ونفت الجمهورية التركية الكاملية رسميا وجود هذه الأقلية العرقية وحرمت الأكراد الحقوق الثقافية والتعليمية، لكن العديد من الأكراد دعموا حزب "العدالة والتنمية" بزعامة أردوغان لدى وصوله إلى الحكم عام 2002، وقيادته البلاد تدريجًا بعيدًا عن عقود من العلمانية سياسيًا واجتماعيًا.

 

 يرى اقتصاديون أن طبيعة العلاقة القائمة بين كردستان العراق وتركيا أخذت ملامحها تثبت بعد أن أصبح هناك ارتكاز في الحياة الاقتصادية الموجودة ما بين الإقليم والحكومة التركية

وسعى أردوغان لإبرام اتفاق مع الأكراد المطالبين بدولة مستقلة، يضع بموجبه حدًا لنزاع دام امتد أعوامًا، وتدوين اسمه تاريخيًا كمن وضع حدًا لإحدى أكثر المشكلات إيلامًا للأتراك وتركيا.

إلا أن انهيار المباحثات بين الطرفين في العام 2015، ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرض لها أردوغان في العام التالي، دفعته إلى استئناف العمليات العسكرية في مناطق الأكراد.

لا تريد أنقرة أن توتر العلاقة التقليدية القائمة بين كردستان والحكومة التركية، لأنها تدرك أن أحد مصادر الدخل المهمة بالنسبة لها يمر عبر هذه العلاقة، وبالنسبة للأكراد فهم يتعاملون مع كل الجهات، وهم بالأساس يحتفظون بعلاقة استراتيجية مع أردوغان.

وتُمثل العراق جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي التركي، فحينما وصل حزب الرفاه القديم في منتصف تسعينيات القرن الماضي قبل وصوله أعلن أنه سيحل الملف الكردي سلميًا، ولكن ما إن استلم السلطة حتى قام بما يعرف بمطاردة المطرقة الساخنة حيث استطاع أن يُحجّم الكثير من نشاطات حزب العمال الكردستاني.

ولدى تركيا أكثر من ملف معقد من بينها ما يعرف بالقوميين الأتراك وهي مسألة مهمة جدا وهو ما يمثل تحديا للحكومة المقبلة، أما الملف الآخر فهو القوة اليسارية التي تمثل تحديا كذلك لأي جهة، لأنها تحتفظ بعلاقات مع حزب العمال الكردستاني.

الملف الكردي يجب أن يمر بتوافقات بين هذه القوى، خصوصا إذا ما أدركنا أن طبيعة جراحات ما خلفته القضية الكردية لا يمكن لها أن تندمل بالناحية العملية، وإضافة إلى كل هذا فإن القضية الكردية الآن تجاوزت حدود إقليم كردستان لتشمل مناطق أخرى في سوريا والعراق.

أعلى