• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
دلالة تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم للشيء قَصْدًا على المنع منه وتحريم البدع والمُحْدَثات في الدِّين

دلالة تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم للشيء قَصْدًا على المنع منه..


الحمدُ لله رَبِّ العالمين، «حمدًا كثيرًا طَيِّبًا مباركًا فيه»، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صَلِّ اللهمَّ وسَلِّم وبَارِكْ عليه صلى الله عليه وسلم، وارْضَ اللهمَّ عَنْ آلِه وصَحْبِه الغُرِّ الميامين رضوان الله عليهم، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.

أما بعد:

فقد جاء الإسلام والناس يتعاملون فيما بينهم، ولهم عادات يقومون بها، فحرَّم عليهم بعض معاملاتهم، وعاداتهم، وسكت عن بعضٍ فلم يحرمها عليهم، ولذا قال العلماء: «إن الأصل في الأشياء الإباحة»، يريدون أن الأصل في عادات الناس وأشيائهم الإباحة ما لم تخالف أصلًا شرعيًّا.

بخلاف العبادات فلم تكن ثم كانت، ولا يجوز الزيادة على ما كانت، ومعنى ذلك أنها لم تكن موجودة قبل ورود الإسلام، وإنما شرعها الله عز وجل بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنه لا تكليف قبل ورود الشرع، فمتى لم يرد الشرع فلا تكليف، قال الإمام العيني: «لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع»[1].

وهذا ظاهرٌ واضحٌ في العبادات التي تتوقَّف معرفتها على ورود الشرع بها، بخلاف العادات والأشياء ففيها خلافٌ مشهورٌ بين الأصوليين، حول حكمها قبل ورود الشرع.

وقال النوويُّ: «الأصح أنه لا حكم ولا تكليف قبل ورود الشرع لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:15]»أهـ[2]. وهو المنصوص عليه عند إمام الحرمين وغيره[3].

وفي «المستصفى» للغزالي: «الحكم لا يثبت إلا بنص أو قياس على منصوص»[4]، وفيه أيضًا: «ولا   تكليف  في حقنا إلا بما بلغنا»[5].

وهذا من المعلوم ضرورة؛ إذْ خلقَ الله عز وجل الناس لعبادته، وأرسلَ إليهم رُسُلَه، وأنزل عليهم كُتُبَه، يُعرّفهم الطريق إليه، ويُبَيِّن لهم كيفية عبادته التي يريدها، والتي لا عِلْم لأحدٍ بها إلا عن طريق الرُّسُل، ولذا لم تقم الحجة على الناس إلا بالرسالات، ولو كانت ثمة طريق أخرى لمعرفة العبادات لما كانت للرسالات فائدة، ولقامت الحجة على الناس بغير الرسالات، وهذا مما يُقْطع ببطلانه شرعًا وعقلًا.

ثم جاءت النصوص الصريحة، على اختصاص الله عز وجل بالتشريع، تأكيدًا للقضية السابقة، نحو قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} [الشورى:21]، فأكَّد سبحانه وتعالى على اختصاصه وأحقِّيته بالتشريع، كما أَكَّد سبحانه وتعالى على ضرورة إذْنه بالعبادات والتشريعات، ومعرفة إِذْنه بذلك أن يشرعها عز وجل لعباده.

فظهر من هذا أنه لا مجال في العبادة سوى الاستسلام والطاعة، لا الاستحسان والرأي؛ لأنه لا مجال لمعرفة العبادة بالعقل.

قال ابن تيمية: «واحتجوا على أن المعرفة لا تحصل بمجرد العقل بقوله تعالى : {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللهِ}[الأحقاف:26]، وهذه الآية وأمثالها تدل على أن السمع والأبصار والأفئدة لا تنفع صاحبها مع جحده بآيات الله، فتَبَيَّنَ أن العقل الذي هو مناط التكليف لا يحصل بمجرده الإيمان النافع والمعرفة المنجية من عذاب الله، وهذا العقل شرط في العلم والتكليف لا موجبٌ له»[6].

فلا تثبت عبادة بغير الشرع، كونها توقيفية، تتوقَّف على ورود النص بها، لا يجوز لأحدٍ التعدِّي على حق الله في تشريعها، ولا الافتئات على عباد الله باختراع عبادات لهم ما أنزلها الله.

وتقوم العبادة على الاستسلام والطاعة لله، قيامًا بالعبودية، وأداءً لحق شكر نعمته على عباده، بينما تقوم العادات على مراعاة مصالح الناس.

يقول الكاساني (الحنفي): «إن العبادات و جبت لحق العبودية أو لحق شكر النعمة» [7].

وقال الشاطبي (المالكي): «الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني، أما الأول: فيدل عليه أمور: منها الاستقراء؛ فإِنَّا وجدنا الطهارة تتعدَّى محل موجبها، وكذلك الصلوات خُصَّتْ بأفعال مخصوصة على هيئات مخصوصة إن خرجت عنها لم تكن عبادات..»[8].

فإذا تقرَّر هذا؛ فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يتعبَّد الله عز وجل بما ليس مِن شريعته، خاصةً بعد ورود الوعيد لأولئك الذين يُحْدِثون في الدين؛ ويضيفون إليه ما ليس منه.

وفي الحديثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثُمَّ قَالَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء:104] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ثُمَّ قَالَ: «أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي؛ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ[9]: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[المائدة:117] فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ»[10]. وفي روايةٍ مِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى»[11].

قال النووي في «شرح صحيح مسلم»: «وقال الإمام الحافظ أبو عمرو بن عبد البَرّ : كلّ مَن أَحْدَث في الدِّين فهو مِن المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء, قال : وكذلك الظَّلَمَة المسرفون في الجَوْرِ وطَمْسِ الحق والمعلنون بالكبائر , قال : وكلّ هؤلاء يُخَاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر . والله أعلم» انتهى.

فانحصر الأمر بين عدة أمور لا يسع العباد الخروج منها أو التغافل عنها، وهي:

الأول: أنه لا تكليف قبل ورود الشرع.

الثاني: أن التشريع حقٌّ خالصٌ لله عز وجل لا يجوز الافتئات عليه.

الثالث: أن الإحداث في الدين منهيٌّ عنه؛ مطرودٌ صاحبه عن حوضِ النبي صلى الله عليه وسلم.

الرابع: أن الوسيلة الوحيدة إلى الله عز وجل هي رُسُل الله I ورسالاته، وكتبه التي أمرهم باتباعها.

ولهذا قال تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [12]، وقال: {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[13].

قال الأزهر الشَّريف في بيانه للناس: «لاشك أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلتنا إلى الله، مِنْ حَيْثُ إِنَّه مُعَلِّم ومُرْشِد، فطاعته وحبّه أساس حب الله لِلْعَبْدِ» أهـ [14].

وقال عز وجل:{ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}[المائدة:3]، فأخبر أنه أَكْمَلَ الدين وأَتَمَّ النِّعْمَةَ، فلا يجوز الزيادة على ما أكمله الله وأَتَمَّه لعباده، بل لا يجوز اعتقاد إمكانية الزيادة على ما أكمله الله وأَتَمَّه، لما في ذلك من سوء الاعتقاد وسوء الظنِّ بالله عز وجل، ومن هنا يظهر الخطر الذي يحيط بالمبتدعة والمُحْدِثين في الدين؛ فإِنهم بإحداثهم في الدين يقولون بلسان حالهم: إِنّ الله لم يُكمل دينه، ولا أتم نعمته، فأي ضلال بعد معارضة كلام الله الواضح الصريح، وأي سوء ظنٍّ وفساد اعتقادٍ بعد رفض تصديق ما قاله الله عز وجل ؟.

فإن قيل: فكيف يعرف الناس حكم الأمور التي تحدث لهم، والتي لم يأتِ بها النص الصريح، مثل كثير من الأحكام المعاصرة؟.

فالجواب: أن الله عز وجل لم يُخل عباده من دلالة على كل ما يستجد من الأمور، في كل العصور، وما من شيءٍ إلا وقد وضع الله له دلالة في دينه، إما بالنص الصريح، أو بالقياس على مِثْلِه.

وقد سبق عن «المستصفى» للغزالي: «الحكم لا يثبت إلا بنص أو قياس على منصوص».

وقال الشاطبي: «الأدلة الشرعية ضربان: أحدهما: ما يرجع إلى النقل المحض. والثاني: ما يرجع إلى الرأي المحض، وهذه القسمة هي بالنسبة إلى أصول الأدلة، وإلا فكل واحد من الضربين مفتقرٌ إلى الآخر؛ لأن الاستدلال بالمنقولات لا بد فيه من النظر، كما أن الرأي لا يعتبر شرعا إلا إذا استند إلى النقل، فأما الضرب الأول: فالكتاب والسنة، وأما الثاني: فالقياس والاستدلال، ويلحق بكل واحد منهما وجوه..»[15]. وقال أيضًا: «فليس القياس من تصرفات العقول محضًّا، وإنما تصرَّفَتْ فيه من تحت نظر الأدلة، وعلى حسب ما أعطته من إطلاقٍ أو تقييدٍ، وهذا مُبَيَّنٌ في موضعه من كتاب القياس، فإِنَّا إذا دَلَّنا الشرعُ على أن إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه مُعْتَبَرٌ، وأنه من الأمور التي قصدها الشارع وأمرَ بها ونَبَّه النبي صلى الله عليه وسلم على العمل بها، فأين استقلال العقل بذلك؟ بل هو مُهْتَدٍ فيه بالأدلة الشرعية يجري بمقدار ما أَجْرَتْهُ ويقف حيث وقفته»[16].

فظهر مما سبق أن الأصل في العبادات الشرعية الحظر والمنع؛ لافتقارها إلى الشرع، بخلاف العادات والأشياء فالأصل فيها الإباحة حتى تأتي الشريعة بحظرها.

قال ابن تيمية: «تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، و أما العادات: فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه إلا ما حظره الله صلى الله عليه وسلم، و ذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لابد أن تكون مأمورًا بها، فما لم يثبت أنه مأمورٌ به كيف يُحكم عليه بأنه عبادة؟ و ما لم يثبت من العبادات أنه مَنْهِيٌّ عنه كيف يُحكم على أنه محظور؟ و لهذا كان أحمد و غيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، وإلا دخلنا في معنى قوله: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}.

و العادات: الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حَرَّمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما و حلالا}، و لهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله و حرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام من قوله تعالى: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث و الأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم و هذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم و ليلبسوا عليهم دينهم و لو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون وقالوا هذه أنعام و حرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}، فذكر ما ابتدعوه من العبادات و من التحريمات، و في صحيح مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ t عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى))إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا(([17]. وهذه قاعدة عظيمة نافعة»[18].

ولهذا كانت العبادة الخارجة عن مطلق التشريع باطلة، لا تصح، لأنه لابد لأي عمل من داعٍ وباعث يحمل عليه، فإن لم يكن داعية العمل هو الشرع لم يكن له داعية سوى الهوى؛ لأنه هو الوارد في مقابلة اتِّباع النصوص الشرعية، فإما الشرع وإما الهوى، نحو قوله عز وجل: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص:50]، وقوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً}[الفرقان:43].

وقال الشاطبي: «كل عمل كان المتبع فيه الهوى بإطلاق من غير التفات إلى الأمر أو النهي أو التخيير فهو باطل بإطلاق لأنه لا بد للعمل من حامل يحمل عليه وداع يدعو إليه فإذا لم يكن لتلبية الشارع في ذلك مدخل فليس إلا مقتضى الهوى والشهوة وما كان كذلك فهو باطل بإطلاق لأنه خلاف الحق بإطلاق، فهذا العمل باطل بإطلاق بمقتضى الدلائل المتقدمة..»، قال الشاطبي: «فأما العبادات فكونها باطلة ظاهر، وأما العادات فذلك من حيث عدم ترتب الثواب على مقتضى الأمر والنهي فوجودها في ذلك وعدمها سواء، وكذلك الإذن في عدم أخذ المأذون فيه من جهة المُنْعِم به كما تقدم في كتاب الأحكام وفي هذا الكتاب. وكل فعل كان المتبع فيه بإطلاق الأمر أو النهي أو التخيير فهو صحيح وحق»[19].

فالشرع ما شرعه الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وما سوى ذلك فهوًى مُتَّبَع، وباطلٌ لا ثواب عليه؛ إِذِ الثواب على الشرع، فما لم يكن شرعًا فلا ثواب فيه، بل هو باطلٌ مردودٌ على صاحبه.

ولهذا قالت دار الإفتاء المصرية حينما سُئِلَتْ عن الذِّكْرِ الملحون:  «اتفق جميع أهل العلم سلفا وخلفا على أن الذكر الملحون ليس ذكرًا شرعيًّا فلا ثواب فيه. وقد نصَّ على ذلك غير واحدٍ كسيدي مصطفى البكري»[20].

ومصداق هذا قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ»[21]، وفيما رواه عنه العرباض بن سارية رضي الله عنه: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[22]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه عائشة رضي الله عنها: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»[23]، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[24].

قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: «البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب، وعُلم الأمر بالأدلة الشرعية، فهو من الدين الذي شرعه الله ...» إلى أن قال: « ... سواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن» [25].

وقال أيضا: «السنة هي ما قام الدليل الشرعي عليه بأنه طاعة لله ورسوله، سواء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فُعِلَ على زمانه، أو لم يفعله ولم يُفْعَل على زمانه، لعدم المقتضي حينئذ لفعله أو وجود المانع منه، ...... فما سنه الخلفاء الراشدون ليس بدعة شرعية يُنْهى عنها، وإنْ كان يسمى في اللغة بدعة فكونه ابتُدِئَ»[26].

ومن هنا وجب اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم في فِعْلِه وتَرْكِه؛ فالكل شرع، وفِعْلُه وتركُه في ذلك سواء، فيجب الاقتداء في تركه كما يجب ذلك في فعْلِه، وكما لا يجوز ترك ما فعله أَوْ أمر به؛ كذلك لا يجوز العمل بما تركه ولم يعمل به، بعد توفُّر الدواعي لهذا العمل في زمنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن تركه صلى الله عليه وسلم العمل بالشيء مع توفُّر دواعيه يدلُّ على عدم مشروعيته؛ إِذِ التشريع كما يكون بالفعل يكون بالترك أيضًا.

ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله:«ولكنا نتبع السنة فعلاً أو تركًا»‏[27].

وقال ابن القيم رحمه الله: «فإنَّ تَرْكه صلى الله عليه وسلم سُنَّة كما أنَّ فِعْله سُنة، فإذا استحببنا فِعل ما تركه؛ كان نظيرَ استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرق» أهـ[28].

وهذا كله في باب العبادات كما أسلفنا، بخلاف الأشياء والوسائل المادية العادية للناس فالأمر فيها واسعٌ، والأصل فيها الإباحة، ما لم تتعارض مع الضوابط الشرعية، بخلاف العبادات، وهذا أيضًا مِن  التيسير؛ لئلا يشق الناس على أنفسهم بالتزام ما لم يلزمهم الشرع به، فيشق ذلك عليهم من جهة، ومن جهة أخرى قد يؤدي عملهم ببعض البدع إلى ضياع بعض السنن؛ ولذا يقول حسَّان بن عطية المُحَارِبي رحمه الله: «ما ابتدعَ قومٌ بدعةً في دينهم إِلَّا نَزَعَ اللهُ مِن سُنَّتِهِمْ مثلها ثم لا يُعيدها إليهم إلى يوم القيامة»[29].

وضابط ذلك كله كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والضابط في هذا والله أعلم أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئًا إلا لأنهم يرونه مصلحةً؛ إذ لو اعتقدوه مفسدةً لم يحدثوه؛ فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين، فما رآه الناس مصلحةً؛ نُظِرَ في السبب المُحْوِج إليه؛ فإن كان السبب المحوج إليه أمرًا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن من غير تفريط منه؛ فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه، وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن تركه النبي  صلى الله عليه وسلم لمعارضٍ زال بموته، وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث، فكل أمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم موجودًا، لو كان مصلحة ولم يُفْعَل: يُعْلم أنه ليس بمصلحةٍ، وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق؛ فقد يكون مصلحةً...»إلخ[30].

وهذا وجهٌ آخر من شمولية الشريعة لكل ما يستجد من نوازل، شرط أنْ لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تركها بعد توفُّر الدواعي لها في  زمنه صلى الله عليه وسلم، فهناك فرق بين ما توفَّرت الدواعي له وتركه النبي صلى الله عليه وسلم، وبين ما لم يكن موجودًا وحدَثَ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فالأول لا يجوز إحداثه ولا فِعْلِه بعد تَرْكِ النبي صلى الله عليه وسلم له رغم وجوده أو توفُّر الدواعي له في زمنه صلى الله عليه وسلم، والثاني يجوز فِعْله إذا توافرتْ فيه المصلحة الشرعية؛ كونه من المستجدات التي يُعلم حكمها مِن النصِّ أو القياس عليه.

ومِن ثَمَّ يُعْلم أننا لا نُحَجِّر واسعًا، ولا نطالب بالجمود، كما يُشاع عندما نتكلم في مثل هذه الأبحاث؛ وإنما نطالب بالانضباط تحت لواء الشريعة، في جميع النوازل.

ومما سبق يتضح أننا مُتَعَبَّدون باتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم في ترْكِه، كما أننا متعبَّدون باتباعه في فِعْلِه صلى الله عليه وسلم، وهذا من المعلوم ضرورةً؛ إِذْ شهدت العقول السليمة بأن التَّرْكَ فِعْل، ولهذا يقول كثيرٌ من الأصوليين كالشاطبي وغيره بأن الأحكام الشرعية تنقسم إلى أفعال وتروك، فأما الأفعال فمنها الصلاة ونحوها، وأما التروك فمنها اجتناب المحرمات كالسرقة ونحوها، ولو لم يكن الترك فِعْل لما ترتَّب عليه الحساب، ولهذا كان تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم معتبرًا لدى الأصوليين؛ بل جعلوا البيان بالترك أحد أنواع البيان.

والترك نوعان: ترك مقصود، وترك غير مقصود.

فأما الترك غير المقصود فليس موضعًا للقدوة، فلا يدل على جواز ولا كراهة ولا تحريم، كونه غير مقصود، مثل أنْ يترك النبي صلى الله عليه وسلم الشيء كونه لم يكن في زمانه وإنما حَدَثَ بعده صلى الله عليه وسلم.

وفي نحو هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أثناء كلامه عن دخول الحمامات: «ليس لأحد أن يحتج على كراهة دخولها، أو عدم استحبابه، بكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخلها، ولا أبو بكر وعمر، فإن هذا إنما يكون حجة لو امتنعوا من دخول الحمامات، وقصدوا اجتنابها، أو أمكنهم دخولها فلم يدخلوها، وقد علم أنه لم يكن في بلادهم حينئذ حمام، فليس إضافة عدم الدخول إلى وجود مانع الكراهة أو عدم ما يقتضي الاستحباب، بأولى من إضافته إلى فوات شرط الدخول وهو القدرة والإمكان.

وهذا كما أن ما خلقه الله في سائر الأرض، من الأقوات واللباس والمراكب والمساكن، لم يكن كل نوع منه كان موجودًا بالحجاز؛ فلم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم من كل نوع من أنواع الطعام، القوت والفاكهة، ولا لبس من كل نوع من أنواع اللباس، ثم إن مَن كان من المسلمين بأرض أخرى كالشام ومصر واليمن وخراسان وغير ذلك، عندهم أطعمة وثياب مجلوبة عندهم، أو مجلوبة من مكان آخر، فليس لهم أن يظنوا ترك الانتفاع بذلك الطعام واللباس سنّة، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل مثله ولم يلبس مثله؛ إذ عدم الفعل إنما هو عدم دليل واحد من الأدلة الشرعية، وهو أضعف من القول، باتفاق العلماء، وسائر الأدلة من أقواله كأمره ونهيه وإذنه، ومن قول الله تعالى، هي أقوى وأكبر، ولا يلزم من عدم دليل معين عدم سائر الأدلة الشرعية». أهـ[31].

وأما الترك المقصود، فهو الذي يُعَبَّر عنه بالكف، أو الإمساك، أو الامتناع.

وهل الكفّ فعل من الأفعال؟:

يرى كثير من الأصوليين أن الكَفَّ فِعْلٌ من الأفعالِ، وهو عندهم فعل نفسي، ونُسب إلى قوم (منهم أبو هاشم الجبائي) أَنَّ الكَفَّ انتفاءٌ محض، فليس بفعل، والأول أولى، كما هو معلومٌ بالوجدان.

ويقول الإمامُ ابنُ حزمٍ: «التَّرْكُ من المخلوقِ للفِعْلِ فِعْلٌ؛ برهان ذلك: أَنَّ تَرْكَ المخلوقِ للْفِعْلِ لا يكونُ إِلَّا بِفِعْلٍ آخر منه ضرورةً؛ كتاركِ الحركة لا يكون إلا بِفعل السّكون، وتاركِ الأكل لا يكون إلا باستعمالِ آلات الأكلِ في مُقَارَبَةِ بعضها بعضًا أو في مُبَاعَدَةِ بعضِها بعضًا؛ وبتعويض الهواء وغيره من الشيء المأكولِ، وكتاركِ القيام لا يكون إلا باشتغالهِ بِفِعْلٍ آخر من قُعودٍ أوْ غيره»[32]. ويقول ابنُ حزم أيضًا: «وتَرْكُ الشيءٍ ضدّ فِعْله» اهـ [33].

بل حتى النَّظَّام المجرم الذي ألَّفَ في تفضيل التثليث على التوحيد كان يقول: «إنَّ الفعل والتَّرْك كلاهما طاعة»[34].

وأيضًا نحن نجد في الكتاب والسنة إشارات إلى أَنَّ الكَفَّ فِعْلٌ:

منها قوله تعالى:{لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة: 63]، فسمى الله تعالى ترك العُبّاد والعلماء للنهي عن المنكر صنعًا، والصنع فعل.

وقوله تعالى:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآَنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30]؛ إذ الاتخاذ افتعال، والمهجور المتروك.

ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو ذَرٍّ رضي الله عنه: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا: الْأَذَى يُمَاطُ عَنْ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا: النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ»[35]؛ فجعل ترك دفنها ممن يراها عملاً سيئًا.

ومن أجل ما في فِعْلِيَّةِ الكف من الخفاء، ولأجل التباسه بالترك العدميّ، أخرجوه من حيّز الأفعال الصريحة.

فالترك إما عدميّ: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أغفل الحكم في أمور لم تعرض له ولم تحدث في زمانه، فترك فعلها، وترك القول في شأنها، لعدم المقتضي لذلك القول والفعل، ويذكره الأصوليون في أبواب مختلفة، كباب القياس، والمصلحة المرسلة، وغير ذلك.

وإما وجوديّ: وهو الكف، وهو أن يوجد المقتضي للفعل أو القول، فيترك الفعل والقول، ويمتنع عنهما، مع إمكان فعله.

وهذا القسم نوعان:

الأول: ترك الفعل والإعراض عنه.

والثاني: ترك القول، وهو على منزلتين؛ لأنه إما سكوت عن الجواب وغيره من أنواع القول ما عدا الإنكار، وإما سكوت عن الإنكار خاصة، فيسمى التقرير [36].

والمقصود هنا هو القسم الأول من الكف، وهو الترك المقصود للفعل، وهو داخل في المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي (السُّنَّة)، ويستدل به الفقهاء في إثبات الحكم الشرعي، وكذا يذكره الأصوليون في باب بيان المجمل؛ فمثلا يقول الرازي: «المسألة الثانية في أقسام البيانات: اعلم أن بيان المجمل؛ إما أن يقع بالقول، أو بالفعل، أو بالترك»[37].

وقال أبو حيان أثناء كلامه على «مراتب البيان للأحكام»: «وقد ذَكَرَه الشافعيُّ في أول (الرسالة) ورتَّبها خمسة أقسام، بعضها أوضح بيانًا من بعض. فأولها: بيان التأكيد»، إلى أن قال: «وتعجَّبَ المازَري من الغزالي: كيف حكى الاتفاق على أن مراتب البيان خمسة، وإنما اختلفوا في أوضاعها؟ ثم قال أئمتنا ـ منهم ابن السمعاني ـ: يقع بيان المجمل لستة أوجهٍ؛ أحدها: بالقول وهو الأكثر...، والثاني: بالفعل...، الثالث: بالكتاب...، الرابع: بالإشارة...، الخامس: بالتنبيه...، السادس: ما خُصَّ العلماء ببيانه عن اجتهاد...، وزاد شارح (اللُّمع): سابعًا: وهو البيان بالترك؛ كما رُوِي أن آخر الأمرين ترك الوضوء مما مسته النار[38]، وقد يرجع إلى البيان بالفعل؛ لأن الترك كفٌّ، والكفُّ فِعْلٌ»[39].

فالكف عن فعل شيء، بعد وجود الداعي إلى فعله؛ يدل على تَرْكِه عمدًا.

فإذا صدر هذا النوع من التروك عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهو من سنته؛ لشمولها فعلَ ما فعله صلى الله عليه وسلم، وترك ما تركه قاصدًا تركه مع قيام الداعي إلى فعله، وكونه من العبادات التي يُتَقَرَّب إلى الله بها، لا العادات والأشياء.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


 


[1]  «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» للعيني (1/299).

[2] «شرح صحيح مسلم» (11/2).

[3]  وانظر: «الإبهاج» للسبكي (1/144).

[4]  «المستصفى» للغزالي (72).

[5]  المصدر السابق (255).

[6] «درء التعارض» (4/378).

[7] «بدائع الصنائع» للكاساني (2/290).

[8] «الموافقات» (2/300).

[9] أي نبي الله عيسى عليه السلام.

[10] رواه البخاري، 4625، ومسلم، 2860.

[11] رواه البخاري، 6586.

[12] آل عمران: 31.

[13] النساء: 80.

[14] كتاب «بيان للناس مِن الأزهر الشريف»، تقديم: شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، ج2 صفحة80، طبع: مطبعة الأزهر 5000/10/1989، رقم الإيداع 2852/1988.

[15] «الموافقات» للشاطبي (3/41).

[16]  المصدر السابق (1/89).

[17]  أخرجه مسلم، 2865 ولفظه: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا».

[18] «الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (4/5)، «مجموع فتاوى ابن تيمية» (29/17).

[19] «الموافقات» للشاطبي (2/173).

[20] فتاوي دار الإفتاء المصرية، الموضوع (672) بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1334 هجرية - 26 أبريل 1916 م، المفتي: فضيلة الشيخ محمد بخيت.

[21] أخرجه مسلم (867).

[22] أخرجه أحمد (16694، 16695)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة (42) والدارمي (95)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/526).

[23] أخرجه البخاري (2697)، ومسلم ( 1718).

[24] أخرجه مسلم (1718)، وعلَّقه البخاري في «صحيحه» كتاب البيوع، باب النَّجْش، وفي كتاب الاعتصام، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ.

[25] «مجموع الفتاوى» (4/107ـ 108).

[26] المصدر السابق (21/317ـ 319).

[27] فتح الباري‏ (3/475).

[28] «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (2/460).

[29] أخرجه الدارمي (98) بإسناد صحيح، وصححه الألباني.

[30] «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/100).

[31] انظر: «مجموع فتاوى ابن تيمية» (21/314).

[32]  كتاب «الفِصَل في المللِ والأهْوَاءِ وَالنِّحَل»، لابنِ حزمٍ، ج1 صفحة 19.

[33] «الإحكام في أصول الأحكام»، لابن حزم، ج3 صفحة 326.

[34]  «الفَرْقُ بَيْنَ الفِرَقِ»، لأبي مَنْصُورٍ البَغْدَادِيِّ، صفحة 130.

[35] أخرجه مسلم (553).

[36] من أول الكلام على نَوْعَي الترك حتى هنا: مستفاد جله وبتصرف من كتاب «أفعال الرسول ودلالتها على الأحكام الشرعية» للدكتور محمد سليمان الأشقر.

[37] «المحصول» (3/261).

[38] يشير إلى رواية أبي داود (192) وغيره، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ»، وفي لفظ النسائي في «الكبرى» (188) و«المجتبى» (185): «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ». وقال الترمذي في «الجامع» (80): «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم، مثل سفيان، [ص:120] وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: رَأَوْا ترك الوضوء مما مست النار، وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن هذا الحديث ناسخٌ للحديث الأول حديث الوضوء مما مست النار» أهـ.

[39] «البحر المحيط» لأبي حيان (3/480ـ 482).

 

أعلى