• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل يكتب بن غفير نهاية الدولة العبرية؟!

تحيط بالقضية الفلسطينية متغيرين غاية في التأثير أولهما هو انتقال اليمين المتطرف اليهودي من الهامش إلى المركز، ثانيهما ضعف المركزية الفلسطينية وانتقال المواجهة إلى الشباب غير المنتمي للفصائل، ما يشكل جملة من السيناريوهات تناولها الكاتب في هذا المقال


أيقظت العمليات الفدائية الفلسطينية مؤخراً ضد المستوطنين الصهاينة في القدس المحتلة موجة جديدة من التصريحات السياسية المثيرة للذعر بشأن مستقبل الكيان الصهيوني، وعلى غرار نهاية كل هجوم ينفذه الفلسطينيين رداً على مجازر الاحتلال واعتداءاته اليومية تبدأ التصريحات الإعلامية من قادة المنظومة الغربية بمهاجمة "الإرهاب" الفلسطيني بصفته عنصرًا شاذُا عن طريق السلام الذي تبنته السلطة الفلسطينية. في صحيفة الأوزبرفر البريطانية نشرت بيثان ماكيرنان، مقالة حول هجوم القدس الذي نفذه الشاب خيري علقم وقتل فيه 8 مستوطنين يهود رداً على مجزرة جنين التي راح ضحيتها 9 شهداء.  تقول الصحفية ماكيرنان: إن الدوامة العنف كما تصفها بدأت تتصاعد بسبب انحسار شرعية السلطة الفلسطينية في أعين الكثير من الشبان الفلسطينيين وظهور صورة نمطية لقادة السلطة بصفتهم مجرد متعاقدين أمنيين مع الاحتلال بالباطن.

يتغير الواقع الأمني في الضفة المحتلة لصالح انتفاضة جديدة بعيداً عن التصارع الحزبي بسبب تآكل قوة السلطة الفلسطينية وزيادة الضغط الصهيوني وزيادة شعبية جيل جديد من المجموعات الفدائية التي تحصل على أسلحتها من التهريب عبر الحدود الأردنية أو سرقة قواعد الجيش الصهيوني، وهذا كله بدأ يظهر عقب مرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونشوب صراع على خلافته بين عدة شخصيات من قيادات فتح والأجهزة الأمنية مثل ماجد فرج وحسين الشيخ. تقول بيثان ماكيرنان: إن تصاعد المواجهة بين الطرفين قد يضاعفها أيضاً الحكومة اليمينية التي تشكلت مؤخراً في الدولة العبرية برئاسة بنيامين نتنياهو وتسلمت شخصيات يهودية متطرفة مسؤوليات رفيعة فيها، مثل، إيتمار بن غفير، الذي يشغل منصب وزير الأمن القومي وله صلاحيات كاملة على شرطة حرس الحدود وعدد من الأجهزة الأمنية الصهيونية وبالتالي سينعكس ذلك على طريقة تعاملها مع الفلسطينيين، فعقب عملية القدس الأخيرة خرجت تصريحات صهيونية مختلفة تتحدث عن تسليح المستوطنين اليهود وتصعيد المواجهة مع الفلسطينيين في أماكن تواجدهم في الضفة المحتلة.

 

وعاجلاً أو آجلاً، ستواجه "إسرائيل" خيارًا بين أن تصبح سلميًا دولة فلسطينية، أو أن تقلص وتدمر المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل" من خلال الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي".

يقول المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، "لازلت متشككاً بمستقبل" أرض الميعاد" ومصير الصهيونية، فمقاومة الشعب الفلسطيني المستمرة، تجعل الحياة في "إسرائيل" أقل راحة وأمانًا مقارنة بالحياة في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا. لذلك، فليس من المستغرب أن اليهود العائدين من بلدان ثالثة أصبحوا ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها نقطة في الطريق إلى رحلتهم إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، فيما تتزايد هجرة اليهود من إسرائيل إلى دول أخرى.

ويضيف المحلل الروسي، " تتراجع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، بينما يواصل الفلسطينيون الاستخدام الفعال لسلاحهم الرئيسي: النمو الديموغرافي، والذي لا يمكن إيقافه حتى بالأسلحة النووية. وعاجلاً أو آجلاً، ستواجه "إسرائيل" خيارًا بين أن تصبح سلميًا دولة فلسطينية، أو أن تقلص وتدمر المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل" من خلال الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي".

إن ضعف السلطة الفلسطينية وظهور موجة جديدة من المقاومة الشعبية بالتزامن مع تصاعد في قوة اليمين الصهيوني المتطرف وتوليه زمام القيادة في الكيان مع محاولاته المتواصلة لإضعاف النظام القضائي الصهيوني وتحويل الجيش إلى مليشيات عسكرية تخدم أجندة اليمين، كل ذلك فاقم الانقسام داخل الكيان الصهيوني مؤخراً ، فقد هاجم زعيم المعارضة، يائير لابيد، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على خلفية محاولات من حكومته لزيادة صلاحياتها وسلطتها على المنظومة القضائية. وخاطب لابيد في تصريح له، نتنياهو قائلاً "لم تتلق تفويض لتدمير الديموقراطية، وأغلبية الجمهور ومن ضمنهم ناخبي الليكود، يعارضون التغيّرات المتسرعة والمدمّرة التي تقوم بها".

لذلك يبقى الواقع الفلسطيني أمام ثلاثة سيناريوهات، أولها أن تحاول الدولة العبرية بسط سلطتها على الفلسطينيين من خلال اللجوء إلى مستويات أعلى من العمليات الحربية. ويُعتبر هذا السيناريو معقولًا في ضوء نتائج الانتخابات الصهيونية الأخيرة، التي أتاحت لبنيامين نتنياهو العودة إلى السلطة مستفيدًا من دعم أحزاب اليمين المتطرّف العنصرية. فقد أصبح حزب الصهيونية الدينية، الذي كان في السابق على هامش المشهد السياسي الصهيوني، ثالث أكبر حزب في الكنيست، وسيتسلّم أعضاؤه مناصب حكومية بارزة.

أما السيناريو الثاني، فهو يقتضي بأن تلجئ الدولة العبرية إلى توظيف استراتيجية ذات طابع لا مركزي بحسب دراسة نشرها معهد كارنيجي الأمريكي، قائمة على توسيع تحالفاتها مع شخصيات فلسطينية محلّية، خصوصًا في ظل ضعف السلطة الفلسطينية المتنامي وعجزها عن القضاء على المقاومة في الضفة الغربية. وقد يُكلَّف هؤلاء الأشخاص الذين ستتحالف معهم دولة الاحتلال بشؤون أمنية وإدارية –مقابل الحصول الحصري على الخدمات الاقتصادية وامتيازات أخرى. وقد تشمل النخب التي تتعاون معها رجال أعمال وشخصيات قبَلية، ولا سيما في منطقة جنوب الضفة الغربية المعروفة بشبكاتها القبَلية الراسخة، وهو سيناريو يشبه ما فعلته في جنوب لبنان.

أما السيناريو المحتمل الثالث فيتمثّل في انهيار السلطة الفلسطينية،وإقدام دولة الاحتلال على تشكيل مليشيات عسكرية تعيد الفلسطينيين إلى مربع ما قبل أوسلو، ولكن احتمالات حدوث هذا السيناريو أقل، وذلك لسببَين أساسيين. أولًا، ستترتّب عنها تكاليف مالية طائلة سيتحملها الكيان، والسبب الثاني هو تغيّر السياق الجيوسياسي وبالتالي تلقي الكيان الصهيوني معارضة من الفلسطينيين ومن المجتمع الدولي أيضًا، ولا سيما وسط تبدّل نظرة المجتمع الدولي بسبب الصراعات الإقليمية الحالية.

 

أعلى