• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
ترجمات  نهاية البداية للحرب الأوكرانية

إن الهدف الأساسي من الحرب التي تخوضها كييف هو استعادة السلامة الإقليمية لأوكرانيا التي انتهكتها القوات الروسية ووكلائها ابتداء من عام 2014.

 

سيث جونز Seth G. Jones

ترجمة هشام عليوان

بعد معركة العلمين الثانية في عام 1942، حين هزمت القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري Bernard Montgomery القوات الألمانية بقيادة إروين روميل Erwin Rommel في مصر، قال رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، ونستون تشرشل Winston Churchill: "هذه ليست النهاية. ولا هي حتى بداية النهاية. لكنها ربما تكون نهاية البداية"، أي للحرب العالمية. تعليقات تشرشل تلك ذات صلة باستعادة أوكرانيا مؤخراً للسيطرة على مدينة خيرسون (جنوبي البلاد)، مع حاجة الولايات المتحدة إلى التجهيز لصراع طويل الأمد.

لقد استعادت القوات الأوكرانية حتى الآن عدة آلاف من الأميال المربعة من الأراضي في مقاطعات خاركيف ولوهانسك ودونيتسك وخيرسون. ونفّذت عمليات مشتركة بين مختلف الاسلحة بشكل مثير للإعجاب، مع الابتكار العسكري، واستخدام تكتيكات متنوعة من إحباط خطط العدو وخداعه. أما القوات الروسية فكانت أقل إثارة للإعجاب بكثير. فمع محاولة فلاديمير بوتين إضفاء طابع إيجابي على الحرب، وإطلاق تعبئة عسكرية جزئية، وإعلان ضم بعض الأراضي الأوكرانية، تكبّدت روسيا خسائر متزايدة في ساحة المعركة. عانت الوحدات البرية الروسية من معنويات متدنّية، وسوء الأداء للعمليات المشتركة، ومن مستوى تدريبي منخفض، وقصور في الإمداد، وفساد في الإدارة، وحتى من تفشي السُّكر بين الضباط والجنود. ومما زاد الأمر سوءاً بالنسبة تصاعد المعارضة في الداخل للتعبئة الجزئية، وبسبب الاقتصاد المتعثر بعد فرض العقوبات الغربية.

ومع النجاحات الأوكرانية في الميدان، شجع بعض المسؤولين الأمريكيين الرئيس الأوكراني زيلينسكي وغيره من المسؤولين، على الإفصاح عن نية التفاوض مع روسيا، على الرغم من اختلاف المسؤولين الأمريكيين فيما بينهم حول ما إذا كان الآن هو الوقت المناسب للضغط على كييف من أجل بدء مفاوضات جادة. الدافع وراء تلك المواقف قلق بعض المسؤولين الغربيين من أن الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالأسلحة - بما في ذلك الأسلحة الأكثر تطوراً، كما يطلب المسؤولون الأوكرانيون - قد يؤدي إلى مدّ نطاق الحرب إلى دول الناتو، مما يزيد من احتمال استخدام بوتين للأسلحة النووية، والمخاطرة بوقوع صراع مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا. وكما خلص أحد التقييمات، تحتاج واشنطن إلى اتباع سياسة "ضبط النفس المحسوب" تجاه أوكرانيا والتي تعني الحدّ من بيع الأسلحة لها وتجنّب التصعيد.

لكن هذه المخاوف في غير محلها، وكذلك الجهود المبذولة لإجبار زيلينسكي على التفاوض على صفقة مع موسكو الآن. وفي حين أن الحوار بين كييف وموسكو مهم  بحدّ ذاته، لكن الضغط على أوكرانيا من أجل التوصل إلى تسوية الآن من شأنه أن يكافئ الرئيس بوتين على عدوانه العسكري، ويضمن ضم روسيا بحكم الأمر الواقع أو بحكم القانون للأراضي الأوكرانية من خلال القوة المجردة، وإضعاف قوة الردع لأيّ معتدٍ في المستقبل - بما في ذلك الصين. فإذا كانت هذه هي نهاية بداية الحرب في أوكرانيا، فلا تزال أمام كييف طريق طويل وصعب. بالمقابل، حان الوقت للولايات المتحدة لوضع الخطوط العريضة لسياسة دعم أوكرانيا بشكل واضح، وتزويدها بأسلحة كافية لمساعدتها على استعادة أراضيها، وتقديم الدعم الاقتصادي لها لمواجهة الابتزاز الروسي في مجال الطاقة، والبدء في بناء أوكرانيا، وضمان الشفافية، ومساءلة أفضل في كيفية استخدام الدعم الأجنبي.

أهداف الحرب

إن الهدف الأساسي من الحرب التي تخوضها كييف هو استعادة السلامة الإقليمية لأوكرانيا التي انتهكتها القوات الروسية ووكلائها ابتداء من عام 2014. ويجب على الولايات المتحدة أن تعلن بوضوح دعم هذا الهدف، وأنها ستفعل كل ما هو ممكن لمساعدة أوكرانيا على تحقيقه. وإن مساعدة أوكرانيا على تحقيق هذا الهدف، ليس فقط بسبب غزو القوات الروسية للبلاد - بل لأن لها أيضاً فوائد أخرى للولايات المتحدة.

في البدء، دعم السيادة الأوكرانية يمكن أن يساعد في ردع موسكو عن محاولة تغيير حدود جيرانها مرة أخرى بالقوة أو بالإكراه. وإن إضعاف القوات الأوكرانية للجيش الروسي، وللمجمّع الصناعي العسكري سيقلّل من حجم التهديدات لدول الناتو على أطراف روسيا - في الأقل على المدى القريب. سيسمح هذا للولايات المتحدة بتركيز دولارات الدفاع الشحيحة على مواجهة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقد يكون إضعاف الجيش الروسي بمنزلة الصدمة التي يحتاجها الجسم السياسي الروسي للانفصام من عهد بوتين. وهو تحذير للديكتاتوريين الآخرين الذين يحاولون غزو البلدان المجاورة من خلال القوة الغاشمة. إن ضمان عدم تحقيق روسيا لهدفها يساعد أيضاً في تعزيز قوة الردع في آسيا من خلال إظهار التصميم الغربي العسكري والاقتصادي والدبلوماسي في مواجهة العدوان.

الأسلحة المناسبة للقتال الصحيح

قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 19 مليار دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا بين فبراير ونوفمبر 2022. ومع ذلك، فإن المبلغ الإجمالي للمساعدات لن يكون ذا صلة بالمستوى المطلوب إلى حد كبير إذا لم يكن يتضمن النوع المناسب من المعدات. تطورت احتياجات أوكرانيا مع مراحل الحرب، انتقالاً من الدفاع إلى الهجوم. فالحرب تطورت إلى حرب استنزاف طاحنة يخوض فيها الجانبان حرباً صناعية حديثة وطويلة الأمد لم نشهدها منذ الحرب العالمية الثانية. مثل هذه الحروب هي مستهلكة للمعدات والذخائر. في بعض الأيام، أطلق الجيش الروسي 50 ألف قذيفة مدفعية على مواقع عسكرية ومدنية أوكرانية، بمقابل أقل من عُشرها من القذائف الأوكرانية ضد المواقع الروسية.

قد تكون ATACMS مفيدة. إنها صواريخ أرض - جو يمكن إطلاقها من نظام صاروخ المدفعية عالي الحركة  (HIMARS)الذي تمتلكه أوكرانيا بالفعل. ويبلغ مدى صاروخ ATACMS  ثلاثة أضعاف مدى الصواريخ الحالية، مما يسمح للقوات البرية الأوكرانية بالابتعاد عن مدى المدفعية الروسية بعيدة المدى. وهي بحاجة إلى الدبابات والمركبات القتالية للمشاة لتوفير الدعم الناري ونقل المشاة إلى المعركة، حيث من المرجح أن تظل الحرب حرب استنزاف برية طويلة. وتوفر الطائرات بدون طيار قدرات استخباراتية، مع المراقبة والاستطلاع، وتوجيه ضربات دقيقة للأهداف. وقام الجيش الأوكراني بدمج الطائرات بدون طيار بشكل فعال في حرب الأسلحة المشتركة، حيث كانت ذات قيمة خاصة في بيئة متنازع عليها لتحسين الإدراك بميدان المعركة دون المخاطرة بخسائر بشرية.

أخيراً، تحتاج القوات الجوية الأوكرانية التي تعود إلى الحقبة السوفييتية إلى طائرات أفضل. خسرت أوكرانيا أثناء القتال في الأشهر الخمسة الماضية ما يقرب من أربعين طائرة مقاتلة ثابتة الجناحين من تعداد أسطول جوي يقل عن 150 طائرة. ومع بقاء عدد أقل من الطائرات، يتعين على كل طائرة أوكرانية القيام بالمزيد من الطلعات الجوية بما يؤدي إلى استهلاكها بشكل أسرع. ومن دون الدعم الغربي، قد تفقد أوكرانيا قدرتها على الدفاع عن مجالها الجوي، وعلى استهداف القوات البرية الروسية، في حين تقوم القوات الجوية الأمريكية بسحب أكثر من 200 طائرة من طراز A-10 و وF-15 و F-16 من دائرة التشغيل لإفساح المجال أمام مقاتلات الجيل السادس، والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وأنظمة أخرى. ويمكن لأوكرانيا استخدام بعض هذه الطائرات، لا سيما في مهام الدعم الجوي القريبة لمساعدة القوات البرية الأوكرانية.

مخاوف كاذبة

يشعر بعض صانعي السياسة بالقلق من أن الأسلحة المتقدمة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد أكبر للحرب أو حتى إجبار الروس على استخدام الأسلحة النووية. كانت هذه المخاوف عاملاً رئيسياً في عدم رغبة الولايات المتحدة في توفير أسلحة تقليدية متطورة.

أولاً، هم يبالغون في القدرات الروسية، ويتجاهلون حقيقة أن روسيا قد استخدمت تقريبًا كل سلاح تقليدي ممكن في أوكرانيا، واستهدفت على نطاق واسع السكان المدنيين. فضلاً عن ذلك، نشر الجيش الروسي جميع وحداته التكتيكية تقريباً في الحرب، وليس لديه احتياطي استراتيجي من وحدات المناورة المختصة لتمديد الحرب إلى دول البلطيق أو أي دولة أخرى في الناتو. ومن غير المرجح أن يؤدي استدعاء ما يقرب من 300 ألف جندي احتياطي إلى تكوين قوات كفوءة وجاهزة للقتال في أوكرانيا. استُنفدت مخزونات الذخيرة الروسية، وخاصة الذخائر الموجهة بدقة، لدرجة أنها تشتري الآن قذائف مدفعية من كوريا الشمالية وطائرات بدون طيار من إيران. وثبت أن نظامها اللوجيستي غير قادر على دعم حرب واحدة. ولا يمكنها بأي حال من الأحوال دعم حرب أخرى ضد الناتو.

ثانيًا، تضخم هذه المخاوف احتمالية استخدام بوتين للأسلحة النووية من خلال تصويره على أنه لاعب غير عقلاني. من المؤكد أن بوتين أجرى حسابات خاطئة غير عادية حول كيفية رد الأوكرانيين على الغزو الروسي، وفعالية جيشه، ومدى العزم الغربي على تنفيذ عقوبات اقتصادية واسعة النطاق، وتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا. لكنه لم يكن غير عقلاني. لم يوسع الحرب إلى دول الناتو كما كان يخشى بعضهم. كما أنه لم ينفذ عمليات إلكترونية منهكة ضد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

أخيراً، قد تكون تهديدات بوتين باستخدام السلاح النووي ضد الغرب مما يُشعره بالتحسن، لكنها ليست ذات مصداقية ما لم يكن الجيش الروسي على استعداد للسماح لبوتين بالانتحار المجتمعي. ومن غير المحتمل أن يؤدي استخدام الأسلحة النووية في ساحة المعركة إلى تغيير مسار الحرب. أوكرانيا ليست محمية بالمظلة النووية لحلف الناتو وهناك خطر، مهما كان صغيراً، من أن تستخدم روسيا الأسلحة النووية. لكن من المأمول أن تستنتج معظم الدول التي ما تزال تميل إلى روسيا، وخاصة تلك التي تعيش في ظل قوى نووية أخرى، أن قيام دولة نووية بضرب دولة غير نووية بأسلحة ذرية، هو سابقة تقوض الأمن القومي لجميع دول العالم تقريباً.

لقراءة النص الكامل:

https://www.csis.org/analysis/end-beginning-ukraine

 

 

أعلى