إن تلك التصريحات تصدر الآن في ظل حكومة انتقالية سابقة وحكومة تصريف أعمال، وسنرى إلى أين يقود هذا مع تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة إذا كان سيعتمد هذه السياسة أم لا، ففي حين اعتمد هذه السياسة فسيذهب باتجاه تشديد الحصار على قطاع غزة وهذا هو المتوقع
في ظل توسع رقعة العمليات الفدائية في مناطق الضفة المحتلة، واستمرار
تهديدها لمنظومة أمن الكيان الصهيوني، بعد فشل السيطرة عليها، يحاول قادة الاحتلال،
حرف المسار، ومحاولة نقل المعركة إلى قطاع غزة لتخفيف الضغط الحاصل في الضفة والقدس
نتيجة العمليات الفردية، والخروج من الحرج الشديد الذي سببه الفدائيون لقادة كيان
الاحتلال، داخل المجتمع الصهيوني وخارجه.
فقد كشفت (القناة 12) الصهيونية، عن مسئول أمني أن المنظومة الأمنية
التابعة للاحتلال الصهيوني تبحث تغيير سياستها تجاه قطاع غزة، ومراجعة أساليب عملها
ضد الفصائل والمنظمات المسلحة وعدم الفصل بين تحريض حماس والجهاد في غزة عما يحدث
في الضفة، بعدما باتت تدرك تمامًا أن المنظمات المسلحة في غزة هي المسئولة عن
التحريض على العمليات في الضفة وتمويلها.
إن سلسلة التصريحات والتهديدات بشأن دراسة المنظومة الأمنية الصهيونية لتغيير
سياستها مع قطاع غزة، عقب اتهام فصائل المقاومة فيها بالتحريض على العمليات بالضفة
الغربية، جاءت من أجل حرف الأنظار عن العمليات النوعية التي ينفذّها الفلسطينيون في
الضفة بتحميل قطاع غزة المسؤولية عما يحدّث، بالإضافة إلى حجم التخبط الذي
يعانيه قادة الاحتلال في التعامل معها، وكذلك حجم الإرباك الذي يعانيه الاحتلال
نتيجة الموجة التصاعدية من العمليات والتي ربما تمثل لأول مرة الإيمان بفكرة
المقاومة بعيدًا عن العمل التنظيمي والحزبي المنظم، ويلغي فكرة تل أبيب التي طالما
راهنت عليها بأن الجيل الجديد قد يكون مدجنًا، ومنسجمًا مع متطلبات العصر البعيد عن
كل أشكال العنف. لكن من الواضح أن المسار مختلف تمامًا، لأن هناك إيمان عميق من
الجيل الجديد بأن هذا الاحتلال الذي أنجب هذه الحكومة اليمينية الفاشية المتطرفة لا
يفهم إلا لغة القوة، لذلك بدأت الأمور تتصاعد، وتتجه اتجاها تخشاه دولة الكيان لحجم
العمل العسكري المتزايد وكذلك التطور النوعي في وسائل المقاومة والإيمان العميق بها
إضافة للبُعد الجيوسياسي للضفة الغربية في العمل المقاوم.
|
إن
ما يقوم به الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية هو نتيجة سلوك الاحتلال
والانقلاب على الاتفاقيات، لاسيما اتفاق أوسلو الذي نعيش ذكراه الـ29 والذي
انقلبت عليه دولة الكيان |
من الواضح أن تلك التصريحات تعني بأن دولة الكيان بصدد تغيير المعادلة
القائمة، "نظرة الصهاينة للتعامل مع قطاع غزة لا تتم من خلال إطلاق الصواريخ فقط،
وإنما أن تُحاسبه على سياساته ومواقفه، تجاه العمل العسكري في الضفة الغربية"، وهذا
يعني أن الأمر مقبل على أن دولة الكيان تبحث عن ذرائع جديدة طوال الوقت لتجاوز
المعادلة القائمة، الهدوء مقابل التسهيلات، وأنها يمكن أن تلجأ إلى تقليص التسهيلات
شيئًا فشيئًا، وحتى يمكنها أن تقوم بعمليات اغتيال أو اعتداء على قطاع غزة كما حصل
في أوقات متقاربة دون أن يكون هناك ذريعة واضحة تستخدمها كما كانت تفعل دائمًا،
وهذا معناه أننا أمام تصعيد متوقع في إطار الحرب الشاملة التي تشنها دولة الكيان
على كل الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
إن تلك التصريحات تصدر الآن في ظل حكومة انتقالية سابقة وحكومة تصريف أعمال، وسنرى
إلى أين يقود هذا مع تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة إذا كان سيعتمد هذه
السياسة أم لا، ففي حين اعتمد هذه السياسة فسيذهب باتجاه تشديد الحصار على قطاع غزة
وهذا هو المتوقع، واستخدام القبضة الحديدية في الضفة الغربية والضغط على السلطة
الفلسطينية لزيادة حجم التنسيق الأمني والتعاون من أجل وأد المقاومة والعمليات
العسكرية المتصاعدة. فالأمر الآن بانتظار السياسة التي سيتّبعها نتنياهو وحكومته
الجديدة، وبطبيعة الحال كل ما سبق متوقع وذلك من خلال النظر لطبيعة هذه الحكومة
التي تجاوزت العنصرية إلى الفاشية.
إن ما يقوم به الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية هو نتيجة سلوك الاحتلال والانقلاب
على الاتفاقيات، لاسيما اتفاق أوسلو الذي نعيش ذكراه الـ29 والذي انقلبت عليه دولة
الكيان،
رغم تبني العالم له وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي
التهديدات الصهيونية، حول مواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية، بردٍ
عسكري في قطاع غزة، لا تؤثر على المقاومة الفلسطينية، رغم أنها تأخذها على محمل
الجد، لأنها تعلم أن الاحتلال قد يقوم بذلك الفعل في محاولة لحرف البوصلة والأنظار
عما يحدث في الضفة الغربية، خاصة بعد الاتفاق الجديد بين رئيس الوزراء الجديد،
بنيامين نتنياهو، وايتمار بن غفير حول تعديل قانون فك الارتباط، والذي تم بموجبه
إخلاء أربع مستوطنات رئيسية شمال الضفة وإعادتها من جديد، الأمر الذي قد يزيد من
تدهور الأمور وتصاعد الغضب الفلسطيني والهجمات الانتقامية ضد المستوطنين وجنود
الاحتلال من قبل الفصائل الفلسطينية والأفراد، والمقاومة الفلسطينية لديها جهوزية
وإعداد كبير جدًا لمواجهة الاحتلال مهما كانت النتائج، وهي جاهزة للدفاع عن جزئها
الأخر في الضفة الغربية كما دافعت سابقًا عن القدس، ودفعت ثمنا كبيرا فداء لها في
معركة سيف القدس وكبدت العدو الصهيوني خسائر فادحة.