الإقتصاد السوري نحو الانكماش
New Page 1
تتمتع سوريا بجو مناخي
متوسطي منحها فرصة كبيرة في مجال الاستثمار الزراعي الذي يعتبر أهم مصادر الدخل
القومي فضلا عن قطاعات الصناعة والسياحة وكذلك الثروة النفطية والغاز والفوسفات،
لكن الأزمة الأخيرة التي يمر بها النظام السوري أثرت سلبا على سير الأمور حيث
تباطأت عجلة الإنتاج وأصبحت التداعيات الاقتصادية للثورة خطيرة على النظام وبدأ
باتخاذ إجراءات جديدة للحفاظ على رصيده من العملة الأجنبية بعد ضعف الليرة السورية.
وبحسب تقارير البنك الدولي
الأخيرة فتعتبر سوريا التي يبلغ عدد سكانها 22.5 مليون نسمة من البلاد النامية،
وتصنف في المركز 97 عالميًا والثاني عشر عربيًا من حيث جودة الحياة. والمركز 107
عالميًا من حيث التطور البشري،والمركز 111 حسب تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2009 م لتقدير الناتج المحلي الإجمالي للفرد، والمركز 64 عالميًا من حيث القوة الشرائية
للفرد والمركز 75 عالميًا من حيث حجم موازنة الدولة العامة. كان النظام الاقتصادي
السائد في سوريا هو النظام الاشتراكي، غير أن الدولة أخذت تتجه نحو النظام
الرأسمالي المعتدل، أو ما يعرف بنظام السوق الاجتماعي، لكي تفتح أبواب الاستثمار
أمام المستثمرين الأجانب والعرب.
وقال موقع (الاقتصادي)
السوري إن البنوك السورية بدأت ترفض طلبات للمودعين بسحب أموالهم بالعملات الأجنبية
مثل الدولار، معللة ذلك بأن قيمة الليرة السورية قد ضعفت كثيرة في الآونة الأخيرة.
واتخذت الحكومة السورية
خطوات تظهر مدى الأزمة التي تعيشها من خلال منع استيراد السيارات والأجهزة
الكهربائية باعتبارها أجهزة ثانوية وذلك بهدف توفير العملات الأجنبية، وصرح مؤخرا
محافظ مصرف سورية المركزي اديب ميالة أن طباعة العملة السورية بمختلف فئاتها مسألة
بين يدي المصرف المركزي، وجاء تصريحه وفق ما نقلته صحيفة الثورة الحكومية تعقيبا
على قرار المصرف المركزي بإغلاق العديد من شركات الصرافة ومكاتب تصريف العملة في
العديد من المحافظات السورية".
وبدأت الحكومة اللجوء
للمرة الأولى إلى الاحتياطي النقدي لديها. وأضاف ميالة إن "المصرف المركزي قام
باتخاذ إجراءات وقائية بهدف حماية العملة السورية كرمز للسيادة الوطنية وبما يؤمن
استقرار سعر صرف الليرة السورية وضبط أي تلاعب يحدث في السوق غير النظامية وهذا
يشكل عنصر أمان يسهم في حماية الليرة".
ويتراوح سعر الصرف الرسمي
للدولار بين 48 و49 ليرة سورية بينما وصل في اليومين الماضيين في السوق الموازية
(السوداء) إلى 52 ليرة سورية، وفقدت الليرة السورية 15% من قيمتها خلال الأزمة
الحالية.
وأشار إلى أنه في ظل
"متانة الاحتياطات التي يملكها المصرف فهو قادر على الدفاع عن استقرار الليرة
وتلبية كل الاحتياجات من القطع الأجنبي للأغراض التجارية وغير التجارية"، مشدداً
على أن وضع الاحتياطات الأجنبية لدى المركزي مريحة جداً وهو قادر على التدخل في أي
لحظة لوضع حد للمضاربين في السوق المحلية.
يأتي ذلك فيما يتحدث
السوريون في مجالسهم الخاصة والعامة عن هروب مليارات الدولارات من البلاد خلال
الأشهر الماضية إلى الخارج.
الأزمة مع تركيا
بعد أن شعرت الحكومة
التركية بأن النظام السوري لا يريد العدول عن إجراءاته القمعية ويستمع لنصائح
المجتمع الدولي قامت بإغلاق الحدود البرية والبحرية مع سوريا و هددت بفرض عقوبات
على النظام السوري في المستقبل السوري وخصوصا بعد أن قامت أوروبا بفرض مقاطعة على
النفط السوري و بعض الشركات السورية كما منعت مسؤولين سوريين من السفر، وبحسب مصادر
صحفية تركية فإن حكومة رجب طيب اردوغان تعتزم تجميد أصول الرئيس السوري بشار الأسد
وأسرته بتركيا في حال صدور قرار حظر من الأمم المتحدة.
وبحسب نبأ نشرته صحيفة
"صباح" التركية، بدأ مجلس التحقيق التركي للجرائم المالية (MASAK) يراقب المعاملات
المصرفية لسوريا لحظة بلحظة، إلى جانب مراقبة الشركات السورية المرتبطة بالأسد
وأسرته عن كثب.
ورغم عدم وجود معطيات
مؤكدة حول مقدار أموال الأسد، فإن الصحف الدولية تناقلت أن للأسد حوالي 450 ـ 500
مليون دولار في تركيا، فيما تقدر قيمة أمواله في روسيا حوالي 2 مليار دولار.
ومن بين الإجراءات التي
تعتزم تركيا اتخاذها ضد النظام السوري حظر السياحة إلى تركيا لكبار المسؤولين
السوريين أو المؤيدين لنظام لأسد وأسرته.
ومن المتوقع أن يعلن رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إجراءات جديدة ضد النظام السوري خلال زيارته إلى
مخيمات اللاجئين السوريين في مدينة هاتاي الحدودية مع سوريا.
وتفكر أنقرة أيضا في حظر
التعامل تجاريا مع رجال الأعمال والشركات السورية الداعمة للنظام السوري وتعليق
اتفاقيات المجلس الأعلى للتعاون الإستراتيجي الموقعة بين البلدين والمؤلفة من 51
بندا تشمل الكثير من المجالات.
وكانت بعض الصحف قد ذكرت
أن سوريا فرضت حظرا على استيراد سلع ومنتجات تركية، اعتبارا من 25 سبتمبر/أيلول
الماضي، عقب توتر العلاقات بين البلدين.
وكان وزير الاقتصاد التركي
ظافر جاغاليان قد صرح أن أنقرة ستردّ على هذا القرار بالمثل، معرباً عن أمله في
تصحيح هذا الخطأ على نحو عاجل.
و بحسب صحيفة القدس
الفلسطينية فإن الأزمة التركية- السورية نحو مزيد من التصعيد، بعد ارتفعت أصوات في
جلسات الحوار التي عقدها النظام في المحافظات السورية لتطالب بإلغاء الاتفاقيات
الاقتصادية الموقعة بين سوريا وتركيا في السنوات الأخيرة، والتي يراها كثير من
السوريين أنها مجحفة وتميل لصالح الطرف التركي، ما دفع الحكومة السورية للتلويح
بإمكانية إعادة النظر بتلك الاتفاقيات.
وفي المقابل لوح رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بمقاطعة تجارية مع سوريا، وإغلاق الأسواق التركية
أمام المنتجات السورية، وأعلن أردوغان أنه ينسق مع المسؤولين الأميركيين لزيادة
الضغط على سوريا. وإزاء هذه التطورات يرى الخبراء أن الأزمة بين البلدين، باتت تتجه
إلى تصعيد جدي، ويوحي بأن "ما يخبئه المستقبل سيكون أعظم".
وشنت وسائل الإعلام
السورية شبه الرسمية حملة تدعو إلى مقاطعة البضائع التركية في الأسواق السورية،
وقامت بإجراء استطلاعات رأي في الشارع، قالت إن السوريين، يريدون مقاطعة البضائع
التركية، ولكن هذه الحملة أخطأت في إصابة الهدف، وحصل خلط بين قرار تعليق الاستيراد
الذي اتخذته الحكومة مضطرة لحماية احتياط القطع الأجنبية في مواجهة العقوبات
الاقتصادية، وبين العلاقات السياسية مع تركيا.
وردا على حملة النظام
السوري ضد الاقتصاد التركي صرح وزير الاقتصاد ظفر كاجليان ليحذر سوريا بشدة متوعدا
برد مناسب إذا قاطعت البضائع التركية، وقال إن "بلاده لن تتردد في توجيه الانتقام
المناسب إذا ما قررت دمشق مقاطعة السلع التركية، داعيا دمشق إلى "تصحيح هذا الخطأ
في أسرع وقت".
وتعتبر تركيا الشريك
التجاري الأول لسوريا، واحتلت مشاريعها في البلاد العام الماضي المرتبة الأولى.
وتشير أرقام رسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما بلغ العام الماضي 2.5 مليار
دولار، بينها نحو 1.6 مليار دولار صادرات تركية إلى سوريا. علما أن البلدين وقعا في
عام 2004 اتفاقا للتجارة الحرة دخل حيز التنفيذ عام 2007 م، فأدى إلى زيادة حجم
التبادل التجاري بين البلدين نحو 30 في المائة سنويا. وبلغ التبادل التجاري خلال
الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي نحو 1.4 مليار دولار، بانخفاض 1.1 في المائة
عن الفترة ذاتها من العام الماضي. ودخل نحو 1.5 مليون سائح تركي إلى سوريا العام
الماضي، منهم 865 ألفا أمضوا على الأقل ليلة واحدة في البلاد، بينما زار تركيا نحو
مليون سائح سوري.
ويقول محللون اقتصاديون إن
النظام السوري واجهه أزمة فادحة حينما قرر تعليق الاستيراد، فمع أن الهدف من القرار
بحسب تصريحات حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة "توفير ما لا يقل عن 6 مليارات
دولار بينها 4.5 مليار دولار من استيراد السيارات"، مع الإشارة إلى أن "البضائع
التي يشملها القرار تمثل نحو 25 في المائة من الواردات"، إلا أنه قرار جاء صادما
لسوق العمل.
وتوقع اقتصاديون أن يلحق
القرار مزيدا من الأضرار بالاقتصاد السوري خاصة في ظل فرض عقوبات من دول غربية، حيث
بادر الكثير من التجار إلى رفع أسعار المواد الاستهلاكية احتجاجا على القرار، الأمر
الذي ألحق ضررا مباشرا بالمواطن.
وبسبب الضغط من قبل التجار
والمستهلكين لجأت وزارة الاقتصاد إلى التصريح بأنها ستقوم بتعديل القرار وفقا
لحاجات الصناعة والتجارة ولتوفير السلع الأساسية في الأسواق، معتبرة أن القرار ليس
منزلا، وأنه قابل للتعديل أكثر من مرة، وفقا لحاجة الأسواق، وطلبت من غرف الصناعة
والتجارة إبداء ملاحظاتها لدراستها.
وذكرت مصادر صحافية أن
مساعد وزير الاقتصاد والتجارة السوري خالد سلوطة التقى في مقر غرفة التجارة بحلب
حشدا من التجار الذين أجمعوا على رفض قرار تعليق الاستيراد، حيث أعرب البعض عن
دهشته من إصدار مثل هذه القرارات بشكل مفاجئ دون أي سابق إنذار وعدم الإعلان عنه
ولو بفترة قصيرة مما سبب إرباكا للتجار الذين كانت لديهم طلبات استيراد بمواعيد
محددة، وإذا ما طالت مدة هذا المنع فإن التجار سيضطرون لفسخ العقود التي أبرموها مع
الجهات الموردة وبالتالي خسارة ملايين الليرات.
وتأثر الإقتصاد السوري
كثيرا في المرحلة الحالية بعد انب لغ مردود السياحة صفرا وتباطأت عجلة الإنتاج بشكل
كبير في عدة مجالات فيه، أهمها السياحة، وتوقع صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي
أن ينكمش الاقتصاد السوري 2 في المائة هذا العام بعد أن كان يتوقع نموا نسبته 3 في
المائة في أبريل (نيسان).
ومع استمرار التوتر ستجبر
الكثير من المصانع على تخفيض إنتاجها والاستغناء عن العمالة، و بالتالي فإن ذلك
سيؤدي إلى زيادة نسبة البطالة مع توقعات بزيادة نسبة الانكماش في الاقتصاد،
بالإضافة إلى المقاطعة التجارية من بعض البلدان للنظام السوري، وكذلك فقدان أكثر من
مائتي ألف وظيفة في القطاع السياحي، وهروب أموال لمستثمرين عرب ومحليين بسبب التوتر
ومخاوف من انزلاق الأوضاع إلى المزيد من التصعيد، مثل ما حدث في ليبيا.