النفط .. قصة حــب بين فرنسا وليبيا
New Page 1
في الوقت
الذي كان ثوار ليبيا يقاتلون فيه كتائب معمر القذافي في أغسطس آب قطع ممثلان عن
اتحاد شركات بريطاني "رحلة طويلة ومرهقة بالعبارة من مالطا" إلى الدولة الواقعة في
شمال أفريقيا.
وقال
مسؤول تنفيذي في شركة هندسية عالمية مقرها لندن كان يمثلها الرجلان "أن تصفها
بالعبارة فهذا وصف مهذب للغاية... أعتقد أنها لا تعدو كونها قارب صيد."
سافر
الرجلان إلى ليبيا بدعوة من قادة المجلس الوطني الإنتقالي. كانت بريطانيا -
بالإضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة - قد قدمت الدعم السياسي والعسكري للانتفاضة
على نظام القذافي ورعت قيادة الثورة المتمثلة في المجلس الوطني الانتقالي وهو ما
شكل فرصة لابرام بعض الصفقات.
وقال رجل
الاعمال الذي تحدث بالهاتف شريطة عدم نشر هويته "كان لنا رجال على الأرض في مصراتة...
كان مازال بإمكانك سماع دوي إطلاق النار في قلب مصراتة فقد كان الوضع لم يستتب بعد.
لكنهم كانوا يتحدثون بالفعل عن تدريب وتجهيز قوات الإطفاء والشرطة."
ومازال
الزوار يتوافدون. في بهو فندق تيبستي بمدينة بنغازي معقل المعارضة المسلحة ترى
خليطا من صائدي الفرص والدبلوماسيين والصحفيين وعمال الإغاثة. وبمساعدة حلف شمال
الأطلسي أطاح الثوار بالقذافي ويسيطرون الآن على العاصمة طرابلس. ومازال قتال عنيف
يدور في أنحاء أخرى من البلاد ومازال القذافي محاصرا. لم تدفع ليبيا بعد رواتب
موظفيها ولم تكتب دستورا جديدا أو حتى تعين حكومة مؤقتة لكنها دولة غنية ولها كثير
من الأصدقاء الجدد.
حظي
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون باستقبال
الإبطال الأسبوع الماضي حينما أصبحا أول زعيمين غربيين يزوران ليبيا بعد الإطاحة
بالقذافي. وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي إن بإمكان حلفاء
الثوار أن ينتظروا معاملة تفضيلية نظير ما قدموه من مساعدة.
كانت تلك
إشارة واضحة إلى أن الدول التي لم تؤيد حملة القصف التي شنها حلف شمال الأطلسي مثل
روسيا والصين وألمانيا أو تأخرت في إدانة القذافي مثل ايطاليا سيفوتها الكثير.
لكن
بينما يهتم الساسة الفرنسيون والبريطانيون بإحصاء العقود فان مسؤولي الشركات لا
يتركون شيئا للصدفة. وقد انسحبت الشركات الأجنبية من ليبيا مع انطلاق عمليات حلف
شمال الأطلسي كما أن العقوبات المفروضة على نظام القذافي منذ فبراير شباط وضعت
مزيدا من العقبات أمام أنشطة الاعمال.
وعلى
الرغم من ذلك أمضى عشرات المسؤولين التنفيذيين من فرنسا وبريطانيا وايطاليا ودول
أخرى شهورا لبناء علاقات مع شركاء ليبيين محتملين ففي بلد منقسمة قبليا وسياسيا
يقولون أن العلاقات هي التي تحسم الأمور.
والأرباح
المحتملة ضخمة.. فبالرغم من تضرر البنية التحتية في بعض المناطق ووجود مراكز قيادة
لكتائب القذافي فان ليبيا في حالة أفضل كثيرا من العراق بعد سقوط رئيسه الراحل صدام
حسين. وفي الوقت ذاته تحتاج ليبيا لاستثمارات جديدة في مختلف القطاعات من المدارس
وحتى الخدمات. وبحسب اتحاد الأعمال الفرنسي من المنتظر أن تتيح ليبيا فرصا
استثمارية بقيمة 200 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. والدولة التي يزيد
سكانها قليلا عن الستة ملايين نسمة وتمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا لديها
الكثير لتنفقه. فالأصول المجمدة من عهد القذافي وحدها والتي تصل قيمتها إلى 170
مليار دولار كفيلة بتغطية فاتورة إعادة الأعمار.
وبالرغم
من وجود الإسلاميين بقوة ضمن قيادة الثورة المسلحة في ليبيا إلا أن الغرب يقيد
المجلس الانتقالي ويجعله رهينة لحساباته بسبب الحصار الذي فرضه مجلس الأمن على
ليبيا تحت ذريعة محاربة القذافي، وهذا يجعل القرار الليبي اقتصاديا ضيق الأفق وقريب
جدا من الخيارات الغربية.
وفيما
يلي الأسلوب الذي تتعامل به الشركات مع هذه الجبهة الجديدة في أحدث موجة تدافع على
إفريقيا.
بدأت
شركات غربية مثل فيتول وترافيجورا وجنفور لتجارة النفط العمل بالفعل. وباع فريق
تابع لفيتول في لندن مشتقات نفطية إلى ثوار ليبيا بكميات كبيرة في ابريل نيسان
وساعدها على نقل أولى شحناتها من النفط الخام. وعبرت ترافيجورا عن اهتمامها ألا أنه
لم يتضح بعد أن كانت قد أبرمت أي صفقات.
وأرسلت
فرنسا مسؤولين تنفيذيين إلى بنغازي في يونيو حزيران ويوليو تموز وفقا لما قاله
ميشيل كازالس رئيس غرفة التجارة الفرنسية الليبية.
وقال
تيري كورتين المدير العام لمؤسسة ميديف انترناشونال الفرنسية التي تدافع عن المصالح
الخارجية للشركات الفرنسية الكبرى "لا فائدة من الذهاب بينما الناس غير مستعدين لكن
لا يمكننا الذهاب بعد ستة أشهر حينما يكون الكل قد ذهب إلى هناك بالفعل."
وفي نفس
الوقت مازالت بعض الشركات قلقة من إبرام صفقات مع المجلس الانتقالي خشية انتهاك
العقوبات الدولية. وبالرغم من أن العقوبات الدولية بدأت تخف الآن - فقد خففت أوروبا
والأمم المتحدة عقوباتها على ليبيا - إلا أن الشركات الأمريكية على وجه الخصوص
مازالت مترددة. وأبدى مسؤول تنفيذي بشركة هندسية تفاؤله بشأن الفرص في ليبيا "بمجرد
أن تستقر الأمور" وقال انه يحاول إحياء علاقات قديمة. لكنه إلى جانب مسؤول أخر
بشركة أمريكية قالا انهما لا يدريان إلى أي مدى يمكنهما الذهاب بسبب العقوبات
الأمريكية. وأبلغ كثيرون رويترز أنهم ينتظرون التوجيه من واشنطن.
وهناك
طرق للعمل أثناء الانتظار من بينها تعيين وسيط حر يقوم بجمع المعلومات على الارض
وتقديم خدمات الأمن والعلاقات دون أن يمكن ربطه بالشركة في حال حدوث نزاع قضائي.
هؤلاء الوسطاء عادة ما يكونون عسكريين بريطانيين سابقين وتستخدمهم الشركات على نطاق
واسع في الدول الغنية بالموارد والتي تديرها حكومات ضعيفة. وفي ليبيا يمكنك العثور
على جماعة صغيرة من هؤلاء الوكلاء في فنادق مثل تيبستي مركز العلاقات الرئيسي في
بنغازي.
من بين
هؤلاء ضابط كبير سابق في القوات الجوية الخاصة البريطانية. وعادة ما يرى جون هولمز
- وهو رجل في أوائل الستينيات من العمر غزا الشيب رأسه - برفقة رجلين آخرين في
تيبستي. يقضي هولمز معظم وقته في بهو الفندق في محاولة للحديث إلى مسؤولين من
المجلس الوطني الانتقالي يمكنهم المساعدة في تسهيل الدخول لقطاع النفط.
ويقول
مسؤولون بالمجلس ان هولمز يعمل لحساب شركة النفط البريطانية هريتدج اويل التي تسعى
لتمويل تأمين الحقول وأعمال الصيانة لقاء حصة في إنتاج البلاد النفطي. ورفض هولمز
الحديث متعللا بأنه رجل يحب الخصوصية. وأحجمت هريتدج أيضا عن التعليق على ما إذا
كانت الشركة قد استعانت بخدماته. وقال منافس "أنهم يغامرون بقوة ويخاطرون."
هناك
آخرون الحديث معهم أكثر سهولة لكنهم يطلبون عدم نشر هويتهم أو الإفصاح عن الجهات
التي يعملون لحسابها بسبب طبيعة مهنتهم الحساسة. وكثير من الوسطاء جاءوا لتوهم من
مهام في العراق. أحدهم - يرتدي زيا صحراويا مموها ويدخن سجائر لامبرت اند بتلر
البريطانية - كان مسؤولا عن الاتصال بالعراقيين. ورغم أنه لا يتحدث العربية فهو
يقول إن لديه وصفة سحرية وهي الحصول على احترام الناس والتودد إليهم وألا تعد بما
لا يمكنك فعله.
وتشمل
المهمة إعطاء العملاء فكرة عن الأوضاع المحلية وإبراز الفرص. وفي مذكرة أرسلها أحد
الوسطاء يصف الكاتب تفاصيل اجتماعات مع مسؤولين ليبيين ويناقش إستراتيجية للحصول
على إذن بالوصول لمنشات نفطية نائية لتفقد الخسائر التي أصابتها أثناء الحرب. وهذه
معلومات قد لا تقدر بثمن بالنسبة لشركات النفط التي تزن مخاطر العمل في ليبيا في
مقابل الأرباح الضخمة المحتملة.
ويمكن
للدعم السياسي أن يسهل الأمور فيما يتعلق بالوصول والقانون. ونفى ساركوزي بشدة
الحديث عن "صفقات تحت الطاولة لثروات ليبيا" من بينها تقارير عن أن مجموعة توتال
النفطية ستحصل على وضع تفضيلي في إنتاج النفط الليبي في مقابل مساعدة فرنسا. ومع
ذلك فقد كانت باريس صريحة في الحديث عما تتوقعه نظير قيادة مهمة حلف شمال الأطلسي.
وقال
وزير التجارة الفرنسي بيير لولوش في السادس من سبتمبر أيلول خلال ندوة نظمتها غرفة
التجارة الفرنسية الليبية عن المجلس الوطني الانتقالي "لقد أخذ الرئيس مخاطرة
سياسية وعسكرية ... وتدرك السلطات الليبية والشعب ما هم مدينون به لفرنسا.
"لن نخجل
من مساعدة شركاتنا للاستفادة من هذه الميزة."
وتقول
مصادر نفطية ودبلوماسية إن فيتول حينما قامت بشحن نفط من إنتاج المعارضة في ابريل
نيسان كان بدعم من مكتب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج.
وقال
مصدر دبلوماسي إن مجموعة خاصة يدعمها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وتشير
إليها وسائل الإعلام البريطانية على أنها خلية نفطية سرية تضم مجموعة من المسؤولين
وتدعمها المخابرات البريطانية.
و نقلت
وكالة رويترز عن مصدر أوروبي أن أعضاء الوحدة يعملون أيضا على تمهيد الطريق أمام
عودة شركات النفط الكبيرة إلى ليبيا. وأضاف المصدر أن الشركات تحتاج للمشورة فيما
يتعلق بالامن والجهة التي عليهم التحدث معها والفترة المتوقعة للإدارة الجديدة.
وأكد متحدث باسم الحكومة البريطانية وجود الخلية.
وقال
المتحدث في بيان "النفط كان عاملا محوريا في آلة حرب القذافي... تعطيل الإمداد
وتقييد قدرته على تحصيل إيرادات من خلال بيع النفط حد من قدرته على التعامل بوحشية
مع المدنيين الليبيين. خلية النفط عملت أيضا على أسلوب دعم استئناف عمل قطاع الطاقة
الليبي بعد انتهاء الصراع وساهمت في تخطيط واسع في ضوء أهمية ذلك في توفير مصدر
مستدام للإيرادات والوفاء باحتياجات ليبيا من الوقود."
وقال
المتحدث عند سؤاله عن تعاون الحكومة مع فيتول "سياسة بريطانيا دعمت إمداد الوقود
إلى المجلس الوطني الانتقالي. خلية النفط قدمت نفس المعلومة بشأن إمدادات الوقود
إلى مجموعة كبيرة من الشركات لكنها نصحتهم بأخذ المشورة القانونية بشكل مستقل بشأن
أي أنشطة قد تخالف أي قوانين معمول بها."
ودخلت
شركات أخرى منذ ذلك الحين لكن فيتول وحدها صدرت نحو 20 إلى 25 بالمائة من الشحنات
ومعظمها من الديزل على مدى الشهرين الماضيين. وقالت مصادر من المجلس الوطني
الانتقالي إن الفاتورة الإجمالية للوقود التي سلمته فيتول تجاوزت المليار دولار.
أما
بالنسبة لمجموعة النفط والغاز الايطالية ايني أكبر شركة نفط أجنبية في ليبيا فلم
يكن رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني ذا فائدة تذكر. فبسبب صداقته للقذافي تأخرت روما
كثيرا في تأييد الثورة المسلحة عن سائر العواصم الغربية. وقال برلسكوني إن تخليه عن
صديقه القديم جعله يشعر "بحزن بالغ".
وقال
مصدر في شركة الخليج العربي للنفط (اجوكو) ومقرها بنغازي "كان ابريل وقتا حرجا ولم
تكن ايني هنا من البداية. النفط والسياسة متداخلان."
وأضاف "اذا
كان أمامنا شركتان إحداهما فرنسية فسنختار الفرنسية بالطبع. حينما بدأت الثورة ظن
الايطاليون أن القذافي سينتصر. كانت حساباتهم خاطئة."
وقال
مصدر مقرب من الشركة وأسلوب تفكيرها إن ايني أجرت منذ ذلك الحين اتصالات منتظمة مع
المجلس الوطني الانتقالي على أمل أن تصبح لا غنى عنها بفضل وضعها المهيمن في قطاع
النفط الليبي على الاقل في المدى القصير. وقال وزير الخارجية الايطالية فرانكو
فراتيني انه التقى في الآونة الأخيرة مع محمود جبريل أحد قادة المجلس الانتقالي
الليبي وانه يتوقع أن يزور جبريل ايطاليا قريبا.
وانضم
الرئيس التنفيذي لايني إلى مسؤولين نفطيين كبار في مأدبة غداء على شاطئ البحر في
بنغازي في اغسطس وصرح نوري بالروين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية أن الشركتين
أقامتا "فندقا عائما" لإقامة العاملين في حقل غاز بحري.
وتواجه
الشركات الروسية مأزقا مماثلا. فقد انتقدت موسكو بشدة تأييد الغرب للثورة الليبية
ولم تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي إلا منذ بضعة أسابيع. وكانت روسيا قد وصفت
إرسال فرنسا أسلحة إلى الثوار بأنه "انتهاك سافر" لحظر الاسلحة الذي فرضته الامم
المتحدة.
وقدرت
روسوبورون اكسبورت شركة الأسلحة الحكومية الروسية التي كانت موردا رئيسيا للسلاح
إلى القذافي خسائرها نتيجة تغير النظام في ليبيا عند أربعة مليارات دولار. ووصف
رئيس مجلس الاعمال الروسي الليبي سقوط القذافي بأنه كارثة على الشركات الروسية
المتشعبة في قطاعي البنية التحتية والطاقة.
الا أن
مصادر بالسوق قالت انه بنهاية أغسطس - وقبل اعتراف موسكو بالمجلس الوطني الانتقالي
- كانت المشتقات النفطية الروسية قد أرسلت بالفعل إلى ليبيا من خلال جنفور التي
تتخذ سويسرا مقرا والتي شارك في تأسيسها رجل الاعمال الروسي جينادي تيمتشينكو.
وقالت
مصادر بشركة جازبروم إن الشركة التي تسيطر عليها الدولة وتحتكر تصدير الغاز في
روسيا وقعت الاسبوع الماضي عقدا خياريا مع ايني يمنح الشركة الروسية حق الحصول على
نصف حصة ايني البالغة 33 بالمئة في حقل الفيل الليبي. وهذا العقد يبقي ذراع النفط
التابعة لجازبروم في اللعبة لحين انتهاء القتال.
واعترفت
الصين بالمجلس الوطني الانتقالي الاسبوع الماضي. وفي مارس اذار لم تستخدم بكين حقها
في النقض (الفيتو) بمجلس الامن الدولي لمنع عملية حلف الاطلسي في ليبيا لكنها ادانت
توسيع رقعة الضربات وحثت الطرفين مرارا على التوصل لحل وسط.
وبعد
هروب القذافي من طرابلس في وقت سابق من الشهر الحالي وجد مراسلون وثائق تشير إلى أن
شركات أسلحة تابعة للحكومة الصينية عرضت بيع قاذفات صواريخ وقذائف مضادة للدبابات
وأسلحة أخرى بقيمة إجمالية حوالي 200 مليون دولار لقوات القذافي رغم حظر الأمم
المتحدة لمبيعات الأسلحة. وقالت بكين إن الشركات فعلت ذلك دون علمها وانه لم يجر
شحن أي أسلحة.
لكن
الشركات الصينية مثل كثير من الشركات الامريكية تقول أنها تنتظر الضوء الأخضر من
حكومتها للعودة إلى ليبيا حيث شاركت شركات الإنشاء بقوة في مشروعات السكك الحديدية
ومحطات المياه ومنشات الاتصالات. وقبل الصراع كانت مؤسسة الإنشاءات الهندسية
الصينية ومجموعة ميتالورجي الصينية تبنيان مشروعا للإسكان الاقتصادي بدعم حكومي يضم
25 ألف شقة.
وقال
مسؤول في شركة حكومية صينية لها استثمارات في ليبيا "سحبتنا الحكومة والآن سننتظر
أن تعيدنا الحكومة."
ويخشى
مسؤول اخر في شركة صينية كبيرة للطاقة من أن سياسة الصين عدم التدخل في شؤون الدول
الأخرى قد تتعارض بشكل متزايد مع المصالح الاقتصادية للبلاد.
وقال
"اذا كان لديك مصالح اقتصادية كافية لحمايتها فعليك أخذ مسؤولية أكبر باعتبارك قوة
اقتصادية كبيرة."
ووفقا
لمبعوث أوروبي يتلقى وزير النقل والمواصلات بالمجلس الوطني الانتقالي مكالمات
ورسائل بالبريد الالكتروني من الصينيين بصفة يومية.
وإذا
كانت الشركات الصينية مستاءة لضياع فرصها في ليبيا فقد أفلتت على الأقل من حسرة
رؤية دخول الفرنسيين. وقال كازالس من غرفة التجارة الفرنسية الليبية إن نحو 20 إلى
30 شركة فرنسية شاركت في بعثات لتقصي الحقائق في بنغازي في يونيو حزيران ويوليو
تموز. وقال في وقت سابق من الشهر الحالي انه سيسافر قريبا إلى ليبيا لاستكشاف
الأوضاع.
وفي عهد
القذافي كان أقل من 50 شركة فرنسية تعمل في ليبيا. وفي مطلع سبتمبر أيلول استضافت
باريس ندوة لرجال الإعمال عن المجلس الوطني الانتقالي حضرها 400 مسؤول تنفيذي كان
من الممكن رؤيتهم يتجولون بحقائب ومفكرات جاهزة لتدوين ملاحظات.
وكان من
بين الحضور أبرز الأسماء على مؤشر كاك 40 الفرنسي ومؤسسات قانونية وشركات هندسية
وخدمة البريد وشركات قمح وطابعات وتبغ وتأمين. ووصف كورتين الاجتماع الذي نظمته
غرفة التجارة الفرنسية الليبية بأنه "محدد الهدف وجاد".
وقال جان
جاك رويان مدير التعاون الدولي في جي.اي.بي وهي جماعة تمثل شركات خدمات النفط
والغاز الفرنسية إن وزير التجارة الخارجية لولوش أبلغهم أن من المتوقع أن تأخذ
شركات الطاقة الكبيرة الشركات الصغيرة تحت جناحها لمساعدتها في الفوز بعقود. وربما
يسر ساركوزي بهذه الجهود لكن لا أحد يظن أن أي شيء مضمون.
وقال
رويان "لا أؤمن بالمحاباة... سيكون هناك واقع على الأرض. هناك احتياجات وستكون هناك
شركات في وضع أفضل من غيرها لتلبية هذه الاحتياجات... أمامنا عمل كثير لإعادة بناء
شبكاتنا وعلاقاتنا."
هناك
بالتأكيد تحولات أخرى في المشهد السياسي الليبي. وقال مصدر بالمجلس الوطني
الانتقالي "نوضح تماما أن هذه صفقات تجارية.. أنت تفعل هذا وهذا ثم مع السلامة. نحن
مجلس انتقالي ولا يمكننا اخذ قرارات دائمة."
وقال
الرئيس التنفيذي لإحدى شركات البناء البريطانية "في مثل هذه الأجواء ستكون العلاقات
والصلات هي السبيل للحصول على العمل ... اذا كانت علاقاتك قوية فستوفر عليك شهورا."
وتعمل
شركة الاتصالات الفرنسية الكاتل لوسنت وشركة سانوفي للادوية بالفعل على شبكة الهاتف
المحمول وتعهدت فرنسا بكبائن حتى يتسنى بدء الدراسة ووقع المجلس الوطني عقودا مع
شركة حبوب فرنسية لشراء قمح بقيمة 22 مليون دولار.
وبغض
النظر عن السياسة فستكون العلاقات الحقيقية هي العامل الحاسم. فالعلاقات من السهل
توطيدها ومن الصعب محوها ولذا فهي تساعد على اقتناص صفقات لا تستطيع الدبلوماسية
رفيعة المستوى سوى إعدادها. وقال المسؤول التنفيذي بالشركة الهندسية في لندن إن
الممثلين اللذين سافرا الى مصراتة بالقارب "حظيا باستقبال جيد للغاية... دعيا إلى
هناك بفضل علاقاتنا في ليبيا."
وقال
انطوان سيفان المبعوث الفرنسي إلى بنغازي "فرنسا تعيش قصة حب هنا. أقول لرجال
الأعمال الفرنسيين الذين يأتون إلى هنا ويلتقون بي أنهم (المجلس الوطني الانتقالي)
حتى الأن ليس لديهم أي أموال ولذا لا تتوقعوا إبرام عقود في الحال لكن الزموا الباب
وثقوا بهم."
والثقة
لا تقدر بثمن في أي مجتمع. لكنها في ليبيا تعني أكثر من ذلك. وقال مصدر بقطاع النفط
الليبي ان قلة عدد السكان تجعل المجتمع الليبي شديد الترابط.
وأضاف
"هناك ثقافة بدوية معينة حيث يستغرق بناء الثقة وقتا وبمجرد حصولك عليها فستفقد كل
شيء إن خسرتها.
"العلاقات متداخلة بين الناس في ليبيا لدرجة أن أي مواطن في الشارع سيكون بطريقة أو
بأخرى من أقارب خمسة أعضاء من المجلس الوطني الانتقالي."