• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
شي جين بينغ.. ديكتاتور الصين وزعيمها الأوحد

من هو الفتى الصغير الذي عاني البؤس ثم أصبح رئيسا للصين؟ كيف استطاع أن يصعد داخل الهيكل الإداري للحزب؟ وكيف خطط للتخلص من معارضيه؟


بينما كان الفتى البالغ من العمر 13 عامًا يتم جره إلى فناء واسع، مُجبرًا على ارتداء قبعة مخروطية الشكل، ثقيلة الوزن لدرجة أنه اضطر إلى تخفيف وطأتها عن رأسه بكلتا يديه، كانت والدته تقف أيضًا مجبرةً بين أفراد الحشد الذي يحيط به وتهتف معهم: "يسقط الخائن شي"، كانت القبعة تحمل نقشًا بالأحرف الصينية يكشف عن جريمته؛ إنها "معاداة الثورة"، حدث ذلك في العام 1966م حيث كانت الثورة الثقافية التي أعلنها الرئيس ماو تسي تونغ في الصين على وشك الانطلاق، وانتهى الأمر بالفتى الصغير في مركز احتجاز لأطفال المسؤولين الحكوميين الذين شملتهم عملية التطهير الثوري، فهو ابن بطل ثوري قَاتلَ إلى جانب ماو، لكن عندما اتُهِمَ والده بعدم الولاء انقلبت حياتهم رأسًا على عقب، حيث نهب المسلحون منزل أسرته وضربوا والده ووصل الأمر بشقيقته الكبرى إلى تعرضها للاضطهاد حتى الموت، في أعقاب ذلك عاش "شي" حياة منعزلة عاني فيها من الجوع والإهمال، وازداد الأمر سوءًا مع صدور أمر ماو في النهاية لشباب الصين المتعلمين في المناطق الحضرية بالعيش والعمل في الريف للخضوع لـما أسماه "إعادة تأهيل وتعليم" من قبل الفلاحين الفقراء، ومع وصوله إلى منفاه الريفي وهو في سن السادسة عشرة، كانت تلك هي المرة الأولى التي يصادف فيها اللحم، لقد كان جائعًا جدًا لدرجة أنه أكله نيئًا .. إنه "شي جين بينغ"، زعيم الصين الحالي الذي تُروى قصته تلك الآن للنشء الصيني كملحمة بطولية يدرسونها في مناهجهم، بينما يستمر هو في تكريس سلطاته وإحكام قبضته على البلاد ليكون ـ هو ـ ديكتاتورها في تاريخها الحديث.

 

مع كل خطاباته كان يواجه "شي" بعاصفة من التصفيق، لكنه كان يعرف في قرارة نفسه أن لديه العديد من النقاد من داخل حزبه ومن خارجه، خالف القواعد بصورة لم تشهدها الصين في العقود الأخيرة

أمضى "شي" سبع سنوات في العيش في كهوف تلك القرية ويعمل بأرضها الزراعية، قال في وقت لاحق في عام 2002م: "مع هذا النوع من الخبرة، ومهما كانت الصعوبات التي قد أواجهها في المستقبل، فأنا كامل الشجاعة لمواجهة أي تحد، ومستعد للتغلب على كل العقبات"، بعد تلك السنوات التي قضاها في الريف، تم قبوله ضمن رابطة شباب الحزب الشيوعي الصيني، لقد نجحت الثورة الثقافية في تحويله من ضحية لهذا الحزب إلى أحد أبنائه المخلصين، ارتقى سريعًا في المناصب السياسية في المقاطعات الساحلية إلى أن أصبح حاكمًا لـ "فوجيان" في عام 1999م، ثم حاكمًا وأمينًا للحزب في جيجيانغ في 2002م، قبل أن ينضم بعد ذلك إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب لتكون تلك هي انطلاقته الحقيقة نحو قمة هرم السلطة، في عام 2008م تم تعيينه نائبًا للرئيس "هو جينتاو"، قبل أن يأتي يوم الرابع عشر من مارس 2013م حيث أصبح رئيسًا لجمهورية الصين الشعبية وتولى رئاسة اللجنة العسكرية المركزية، إلى جانب كونه أمينًا عامًا للجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني وعضو اللجنة الدائمة لمكتبها السياسي.

 على طريق الديكتاتورية

بالرغم من أنه وعد بعدم تكرار ثورة ماو الثقافية مرة أخرى، إلا أن "شي" بمجرد أن تولى السلطة في فترته الرئاسية الأولى بدأ حملة قمع شرسة تحت عنوان مكافحة الفساد، كانت أطول وأعمق من أي حملة قاداها أسلافه، وتم الترويج لها في البداية كطريقة لتنظيف البلاد من سبل الكسب غير المشروع المتوطن في البلد المترامي الأطراف، لكن سرعان ما أصبح واضحًا أن "شي" كان ينظف الصين بشكل دقيق من معارضيه، وفي خطابه الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات قبل بدء فترة رئاسته الثانية في عام 2017م، أوضح "شي" أن الحزب الشيوعي هو النظام السياسي الوحيد للصين، مذكرًا بأن "ديكتاتورية الشعب هي الديمقراطية"، وهو مصطلح صاغه ماو نفسه، ويهدف من خلاله إلى التأكيد على أنه يمثل الحزب ويعمل نيابة عن الشعب، وهو ما يمنح النظام غطاءً لسحق حرية التعبير وإخضاع المجتمع لأوامره.

 مع كل خطاباته كان يواجه "شي" بعاصفة من التصفيق، لكنه كان يعرف في قرارة نفسه أن لديه العديد من النقاد من داخل حزبه ومن خارجه، خالف القواعد بصورة لم تشهدها الصين في العقود الأخيرة، أعاد كتابة الدستور لإنهاء حدود الولايات الرئاسية ومن ثمّ البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى، وسجن أعضاء من أعلى مستويات السلطة وعاقب مئات الآلاف من المسؤولين الآخرين ذوي الرتب الدنيا في حملته الواسعة النطاق لقمع كل من يظن أن ولائهم مصدر شك، وضع الجيش والشرطة تحت سيطرة الحزب الشيوعي، كما وضع وسائل الإعلام تحت مقصلة الحزب كذلك، وتعد الصين هي أسوأ دول العالم في التعامل مع الصحفيين، وظلت كذلك لمدة ثلاث سنوات متتالية وفقًا لتقرير سنوي من قبل لجنة حماية الصحفيين، لكن الأمر لا يتوقف عند حدود حرية التعبير عن الرأي في الصحافة ووسائل الإعلام فحسب، إذ أنشأ "شي" نظام مراقبة رقمي متطور، فأصبحت كاميرات التعرف على الوجه موجودة في كل مكان بالصين، يُضاف إلى ذلك تقنية تحديد الهوية بالقياسات الحيوية، لتتبع ما يفعله الناس وأين يذهبون وماذا يشترون، فكل شيء يفعله الناس تحت المراقبة، والمثير أن هذه البيانات تغذي نظام الائتمان الاجتماعي الناشئ في الصين، وهو برنامج مصمم لمكافأة ما يعتبره الحزب سلوكًا جيدًا من قبل المواطنين، ومعاقبة المخالفين من خلال حرمانهم من بعض الحقوق، المؤسف أن جميع الشركات العاملة في الصين - سواء صينية أو أجنبية - ملزمة بموجب القوانين بتسليم كل بياناتها إلى الحكومة إذا طُلِبَ منها ذلك، وهو ما يتم استغلاله لاحقًا في اضطهاد الأقليات العرقية والدينية.

 خطة "الحلم الصيني"

طيلة السنوات الماضية، عمل "شي" على توسيع سيادة الصين باستمرار ضمن خطته الخاصة التي أسماها "الحلم الصيني"، وهو تعهد قطعه على نفسه باستعادة وتجديد الصين ومكانتها في العالم لجعلها عظيمة مرة أخرى، في هذا الإطار تقوم البحرية الصينية بتجريف بحر الصين الجنوبي لبناء جزر اصطناعية مع تسريع تسليحها في تحد صريح للقواعد المتعلقة بالمياه الدولية، فيما بدأ في تصدير مزيج تقنيات المراقبة من الشركات الصينية إلى الخارج في محاولة للهيمنة على شبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجه، وهو ما يثير المخاوف من جمع الصين للبيانات على نطاق واسع، وفي حين يتم دعم قطاع الزراعة في العديد من البلدان من خلال مبادرة الحزام والطريق الخاصة بـ "شي"، فإن الشبكة العالمية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار من الموانئ والسكك الحديدية والطرق والبنية التحتية تعني أن القوة الصينية تتسرب إلى 140 دولة حول العالم، والأسوأ أن بعض الدول الفقيرة وقعت بالفعل في ديون ضخمة بشروط غير مواتية، مما يجبرها أحيانا على تسليم السيطرة على الأصول الحيوية إلى بكين، مثلما حدث في ميناء هامبانتوتا الرئيسي في سريلانكا المفلسة الآن، حيث ستحتفظ الصين بعقد إيجار له يمتد إلى 99 عامًا.

 

 أمضى "شي" سبع سنوات في العيش في كهوف تلك القرية ويعمل بأرضها الزراعية، قال في وقت لاحق في عام 2002م: "مع هذا النوع من الخبرة، ومهما كانت الصعوبات التي قد أواجهها في المستقبل، فأنا كامل الشجاعة لمواجهة أي تحد

يمكن للمرء أن يجادل بالتأكيد أنه في ظل قبضة "شي" الصارمة شهدت الصين تغييرات للأفضل؛ فقد كبحت حملته الواسعة لمكافحة الفساد بعض عمليات الكسب غير المشروع التي كانت منتشرة في كل مكان، وساعدت سياساته في انتشال الملايين من الفقر المدقع، وأدى التحول إلى طاقة أنظف إلى تحسين جودة الهواء بشكل كبير من خلال التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لكن مع ذلك فإن تكاليف حكم "شي" كانت ولا تزال باهظة، فحملات قمع واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان ومستويات الرقابة والمراقبة كانت لها كلفتها العالية، وعلى الصعيد الاقتصادي عاقبت رؤية "شي" التي تقودها الدولة للاقتصاد الشركات من عمالقة العقارات إلى قطاع التكنولوجيا، تهدف تلك الرؤية إلى بناء "رخاء مشترك" من أجل إعادة توزيع الثروة عبر تطبيق ضريبة على الممتلكات لوقف المضاربة وتضييق فجوة الثروة، بالرغم من أن هذه الخطة لا تحظى بشعبية داخل حزبه، في حين تسببت سياسته المعروفة باسم "صفر كوفيد" الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا المستجد في حدوث عمليات إغلاق مفاجئة لعدد من المدن، مما أضرَّ بالاقتصاد الصيني وتسبب في زيادة بطالة الشباب وارتفاع معدلات التضخم.

 تقول برقية دبلوماسية أمريكية مسربة في عام 2009م إن "شي لا يهتم على الإطلاق بالمال، فتركيزه الدائم منصب على القوة ومصادر السلطة"، وبالفعل لقد حوّل "شي" الصين إلى قوة عسكرية عظمى، وقام بتحديث الأسلحة ودعا علنًا إلى أن تكون قواته دائمًا جاهزة للقتال، كما حدد جدولاً زمنيًا بحلول عام 2049م ـ الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الشعبية ـ لتحقيق الاتحاد الوطني، هادفًا من ورائه إلى لمّ شمل هونج كونج وجزيرة تايوان مع بر الصين الرئيسي، وبالتزامن مع ذلك يواجه "شي" رياحًا معاكسة شديدة خارج حدود الصين، فقد أدت الممارسات التجارية غير العادلة لنظامه وعمليات التسليح والتجسس المدعوم من الدولة إلى زعزعة علاقات بكين مع شركائها الدوليين، كما أن انتهاكات الصين لحقوق الإنسان، وتأثيرات قانون الأمن القومي الصارم الذي فُرض على هونغ كونغ في عام 2020م، وتفاقم الترهيب العسكري لتايوان، إلى جانب إعلان شراكة بلا حدود مع فلاديمير بوتين قبيل غزوه لأوكرانيا، أدت جميعها إلى تغذية سردية دولية متنامية حول التهديد الصيني، هذه الشكوك تدفع بالغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة إلى حرب باردة جديدة مع الصين، في حين أدت المخاوف بشأن الموقف العسكري الصيني العدواني المتزايد في آسيا واستعدادها لاستخدام الإكراه الاقتصادي ضد الشركاء التجاريين إلى نشر تهديد متزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من أستراليا إلى كوريا الجنوبية.

قمع واضطهاد وتهميش

الجانب الأكثر بؤسًا في حملة "شي" لقمع الأقليات هي حملته ضد الأويغور، وهم أقلية عرقية مسلمة تعيش بشكل أساسي في منطقة شينجيانغ بغرب الصين، إذ تم احتجاز أكثر من مليون شخص من الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في معسكرات الاعتقال من أجل ما أسماه بـ "إعادة التعليم"، وقد كشفت وثائق مسربة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" في عام 2019م أن "شي" قد تغاضى عن الوحشية في شينجيانغ، فيما تظهر الخطب الداخلية التي توزع داخل صفوف الحزب أنه دعا في وقت مبكر من حكمه إلى أنه "لا رحمة على الإطلاق في مكافحة الإرهاب"، وهي إشارة أعطت الضوء الأخضر لسلطاته للتعامل بعنف مفرط مع الأويغور، لدرجة أنه تم القبض على البعض بسبب الصلاة في المنزل أو إطلاق اللحية أو مجرد الاتصال بأقاربهم في الخارج، فكل ذلك تعتبره الصين نشاطًا إجراميًا، فيما تحدثت تقارير عديدة عن تعرض الأويغور في معسكرات الاحتجاز للتعذيب والصعق بالكهرباء، وإجبارهم على تناول حبوب بيضاء يخشون أن تجعلهم عقيمين، كما تحدثت بعض النساء عن تعرضهن للاعتداء الجنسي والضرب بشكل متكرر، وفيما يصر "شي" على أن برنامج حكومته مصمم لإصلاح من وصفهم بـ "الإرهابيين المحتملين"، فإن الأمم المتحدة ومعها العديد من المنظمات الحقوقية الدولية تؤكد إن "أنماط التعذيب وسوء المعاملة في معسكرات احتجاز الأويغور، بما في ذلك العلاج الطبي القسري، تشكل جرائم ضد الإنسانية".

 لا يتوقف الأمر عند الأويغور، ففي السنوات الأخيرة، وسّع "شي" حملته القمعية لتشمل أي شخص يشكل تحديًا لسلطته وسلطة الحزب الشيوعي، بات المعارضون إما في السجون يتعرضون للتعذيب، أو رهن الإقامة الجبرية، أو مُطَاردين في الخارج، حيث يتم تصنيف المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ والرهبان النشطاء في التبت بالإرهابيين، وتمتد حملة "شي" لقمع المعارضة إلى جميع أنحاء العالم، فالمواطنون الصينيون الذين يبدون أي معارضة صريحة لنظام "شي" في الخارج، يجدون بشكل تلقائي أقاربهم محتجزين ومهددين بالسجن بتهم ملفقة في محاولة لإسكاتهم، وإذا ما قرروا العودة إلى الصين يتم استجوابهم وقد ينتهي الأمر بهم في السجن، وكشفت عدة تقارير مؤخرًا أن الصين تدير مراكز خارجية في لندن لمطاردة المعارضين، في حين تحظر الحكومة خدمات شبكات الإنترنت الخاصة الافتراضية (VPN) لمنع الوصول إلى المواقع الخارجية المحظورة والمعلومات غير الخاضعة للرقابة، كما تم إغلاق شركات البرامج التعليمية الخاصة، ووصل الحزب الشيوعي بشأن تأثير الأفكار الغربية التي قد تشكل تحديًا لحكمه إلى حد انتقاد ومهاجمة الأشخاص النباتيين على اعتبار أنهم يروجون للمواقف الغربية.

 حاكم أوحد في السلطة

في الثمانينيات، وُضِعَت قاعدة من قبل زعيم الحزب الشيوعي الصيني آنذاك دنغ شياو بينغ تنص على أن الرئيس الصيني ونائبه لا يمكن أن يخدما أكثر من فترتين، لكن "شي"، البالغ من العمر 69 عامًا، خرج من المؤتمر العشرين لحزبه بمصادقة كاملة على توليه فترة رئاسية ثالثة، مع مؤشرات قوية على بقائه في السلطة مدى الحياة، يسعى "شي" للحصول على وضع مشابه - أو ربما يتجاوز - مكانة ماو، لكنه على عكس ماو صاحب السلطة المطلقة في الوقت الذي كانت فيه الصين غارقة في الفقر وتعاني من الحملات الداخلية المضطربة بشكل كبير بما في ذلك القفزة العظيمة للأمام والثورة الثقافية، فقد ترأس "شي" دولة يحكمها حزب واحد بشكل استبدادي وصاحبة ازدهار اقتصادي لافت، وما كان عليه إلا أن يحكم قبضته على هذا الوضع أكثر فأكثر، كانت آخر تجليات إحكام قبضته على السلطة في ما خلال الاجتماع الأخير للجنة المركزية للحزب، تفاجئ الحضور بأحد مساعدي "شي" يمسك بذراع سلفه، هو جينتاو، البالغ من العمر 79 عامًا، في محاولة لإخراجه من القاعة، أثار الموقف تساؤلات حول ما إذا كان "شي" يستعرض سلطاته من خلال طرد قادة الحزب الآخرين، ذكرت وكالة أنباء شينخوا الرسمية لاحقًا أن "هو" كان في صحة سيئة ويحتاج إلى الراحة، ولكن محللين شككوا في الرواية الرسمية تلك، معتمدين على حقيقة أخرى وهي أن الحزب قام بتعيين لجنة دائمة مكونة من سبعة أعضاء جدد، يهيمن عليها حلفاء "شي"، كما تم إسقاط رئيس الوزراء الحالي لي كه تشيانغ، الزعيم الثاني والمدافع عن إصلاح نمط السوق والمشاريع الخاصة، بالرغم من أن "لي" أصغر من سن التقاعد الرسمي للحزب البالغ 68 عامًا، وتمت ترقية لي تشيانغ، السكرتير السابق للحزب في شنغهاي، ليصبح في مرتبة رئيس الوزراء على الرغم من عدم وجود أي خبرة سابقة له كوزير أو نائب رئيس وزراء، لكن كل مؤهلاته أنه قريب من "شي"، حيث عمل الاثنان معًا في وقت مبكر من حياتهم المهنية في مقاطعة جيجيانغ.

 

دعا في وقت مبكر من حكمه إلى أنه "لا رحمة على الإطلاق في مكافحة الإرهاب"، وهي إشارة أعطت الضوء الأخضر لسلطاته للتعامل بعنف مفرط مع الأويغور

 كان بعض الصينيين يأملون أن تكون الأمور مختلفة في عهد "شي"، الرجل الذي عاش في الولايات المتحدة لفترة من عمره ضمن وفد مكون من خمسة أفراد لتعلم تقنيات الزراعة الحديثة، وأرسل ابنته إلى جامعة هارفارد لتتعلم، وإن كان ذلك تحت اسم سري، لكنهم سرعان ما وجدوا الرجل الذي نصّبَ نفسه على أنه رجل الشعب الأول يصبح قامعه وديكتاتوره الذي يرحم من يخالفه الرأي أو الرؤية، وزاد من تكريس وضعه في المجتمع وبين أبناء شعبه لدرجة أن معاناته في المنفى الريفي خلال الثورة الثقافية أصبحت منهجًا يُطلب من التلاميذ الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات أن يتعلموه في المدارس، إلى جانب الكثير من أفكاره ورؤيته التي يتم تدريسها في سنوات الدراسة المختلفة، وأنشأت الجامعات معاهد بحثية لدراسة عقيدته الفكرية، وبات من الشائع جدا رؤية آلاف الأشخاص يجلسون في صفوف ويستمعون إلى محاضرات طويلة حول رحلة "شي" الشاقة إلى القمة وتفانيه تجاه شعبه، فيما تنتشر صورته على اللوحات الإعلانية في جميع أنحاء البلاد، ويجب عرضها في جميع المؤسسات وحتى دور العبادة، فيما أصبحت القرية التي نُفِي إليها والكهوف التي نام فيها "شي" من المعالم السياحية الرئيسية التي يزورها المواطنون اليوم للاطلاع على رحلة عناء زعيمهم الذي يتم وصفه الآن بأنه "ابن هوانغتو" أو "الأرض الصفراء"، في إشارة لإظهار أنه يعرف قيمة التضحية.

 عندما سُئل "لي روي"، أحد كبار أعضاء الحزب الشيوعي وسكرتير ماو خلال فترة الخمسينيات، عن لقائه مع "شي" في ذلك الوقت، أعرب عن دهشته الكبيرة من أن "مستواه التعليمي كان منخفضًا للغاية بشمل ملحوظ"، في حين قال "تيري برانستاد"، سفير الولايات المتحدة لدى الصين والذي كان حاكمًا لولاية أيوا التي زارها "شي" وعاش فيها، إن "شي خجول بشكل كبير"، وعندما تولى "شي" السلطة للمرة الأولى، توقع العالم الغربي على وجه الخصوص أنه سيقود الصين وحزبها الحاكم نحو مزيد من تبني الديمقراطية واقتصاد السوق، لكن بدلاً من ذلك وبعد عقد من الزمان باتوا يواجهون زعيمًا أدت رغبته في إعادة كتابة النظام العالمي إلى وجود صين أكثر هيمنة وعدوانية، فيما أصبح هو ديكتاتور الصين وزعيمها الأوحد.

 

أعلى