• - الموافق2024/11/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل تنقل

تقول دولة الاحتلال: إن التحالف مع دول الخليج هو الركيزة الثالثة لإستراتيجيتها في مواجهة إيران في الشرق الأوسط، فالركيزة الأولى هي تطوير خياراتها العسكرية لتوجيه ضربة لبرنامج إيران النووي


تستغل الدولة العبرية بصورة جيدة المخاوف الخليجية والعربية من التوغل الإيراني في المنطقة لإيجاد مساحة مشتركة للالتقاء وفتح نوافذ جديدة للتطبيع، لذلك روجت إلى مشروع " الناتو الشرق أوسطي" لكن على ما يبدو فإن المتغيرات في العالم أكبر بكثير من مساعي الدولة العبرية الهادفة لمسح خطيئتها باحتلال فلسطين عبر بوابة التطبيع.

لقد نجحت فعلياً في تطوير علاقات أمنية ثنائية مع عدد من الدول الخليجية والعربية أبرزها البحرين والإمارات والسودان والمغرب ومصر والأردن، وتسعى حالياً إلى تحقيق تقدم في علاقتها مع أندونيسيا وموريتانيا لكن تبرير تلك العلاقات للتصدي للتوسع الإيراني في المنطقة ومحاولة إيجاد حاضنة سياسية "ناتو مشترك" يجمع العرب مع الصهاينة يبدو أنه حلم يصطدم بالمتغيرات التي تشهدها المنطقة، فالدولة العبرية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في الشرق الأوسط وتحاول إقناع الدول الخليجية والعربية باستثمار مواردها للتصدي للمشروع النووي الإيراني الذي رفضت واشنطن  التصدي له وحاولت استثماره لاحتواء  وتهديد حلفائها من خلال إفشال الاتفاق النووي الذي وقعته مع إيران عام 2015.

حاولت تل أبيب استثمار زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى المنطقة في يوليو الماضي للاستفادة من الورقة الأمريكية في تأييد " مشروع الناتو العربي"، لكن يبدو أن طموحات الدولة العبرية تتلاشى بسبب مخاوف خليجية تتعلق بعدم السماح للصهاينة باستدراج المنطقة إلى مواجهة مع إيران سيكون الخاسر فيها دول مجلس التعاون الخليجي. رغم ذلك لا يمكن إنكار نجاح دولة الاحتلال لاستغلال العلاقات الدبلوماسية لتوقيع اتفاقات ثنائية تتعلق بالتجارة والأمن مع البحرين والإمارات، بالإضافة إلى موافقة تل أبيب على بيع نظام دفاع جوي للإمارات وطائرات بدون طيار للبحرين، وبحسب مجموعة الازمات الدولية فإن التعاون الاستخباري بين الطرفين عميق.

تقول دولة الاحتلال: إن التحالف مع دول الخليج هو الركيزة الثالثة لإستراتيجيتها في مواجهة إيران في الشرق الأوسط، فالركيزة الأولى هي تطوير خياراتها العسكرية لتوجيه ضربة لبرنامج إيران النووي، والركيزة الثانية تتعلق بالضغط على واشنطن لاستخدام القوة ضد إيران، بما في ذلك تنفيذ حملات اغتيال تستهدف علماء ونشطاء في إيران، أما الركيزة الثالثة فهي تركز على إقناع الدول العربية والخليجية للدخول في تحالف عسكري مع الدولة العبرية هدفه إنشاء نظام دفاع جوي جماعي يسمح للجيش الصهيوني بالحصول على غطاء استخباري قوي في المنطقة  وهذا الأمر  سينعكس على الأداء السياسي لدولة الاحتلال.

روجت دولة الاحتلال في الفترة الماضية لمجموعة من الأكاذيب بشأن نظام الدفاع الجوي المشترك رغم عدم وجود شيء على أرض الواقع، لأسباب منها إقناع محيطها بقدرتها على التصدي لإيران وكذلك الإيحاء بأنها تكدس مجموعة من الخيارات لدعم قوة الردع الخاصة بها برعاية أمريكية كاملة، وبخلاف استخدام هذا النوع من الدعاية للتأثير في المحيط العربي والإسلامي إلا أن الكتلة الحاكمة في الكيان الصهيوني تحتاج لرفع رصيدها مع قرب الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر المقبل.

رداً على التصريحات العبرية قال المستشار الدبلوماسي الإماراتي، أنور قرقاش، " لن نتعاون مع أي دولة لاستهداف دولة أخرى في المنطقة وأنا أذكر إيران على وجه الخصوص"، وكذلك رفضت السعودية هذا المشروع برمته على لسان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، الذي أشار إلى وجود نافذة للحوار مع إيران.

راهنت السعودية والإمارات طويلاً على الموقف الأمريكي بصفته الضامن لمعالجة الملف الإيراني لكن في الفترة الأخيرة خسرت تلك الأطراف الثقة في الموقف الأمريكي، وبدأ كليهما يحاول معالجة أزماته السياسية الخارجية بانتهاج سلوك مبني على تصفير الأزمات وإعادة ترتيب تحالفاته، وهذا الأمر عبر عنه التقارب السعودي الروسي مؤخراً خصوصاً في ملف "أوبك +"، فقد استنفدت واشنطن أقصى وسائلها ضد إيران في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب من خلال الضغوط الاقتصادية، وتوجيه ضربات عسكرية خفيفة بالتنسيق مع الدولة العبرية مثل اغتيال قاسم سليماني في العراق، فقد كان الرد الأمريكي الفاتر على مهاجمة منشآت أرامكو السعودية في عام 2019 مؤشراً خطيراً بالنسبة لطبيعة التعامل الأمريكي مع التهديد الإيراني، وهذه الأزمة جعلت المملكة العربية السعودية تبحث عن خيارات أخرى لمواجهة إيران لكن ليس من بينها التورط بمواجهة عسكرية مباشرة يمكن أن تجلب الكثير من الضرر على منطقة الخليج برمتها.

في أعقاب الهجمات التي نفذت في منتصف عام 2019 من قبل المليشيات الحوثية، أرسل حاكم الإمارات، محمد بن زايد، العديد من المسؤولين الأمنيين إلى طهران ونجحت جولات حوار عديدة في إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين البلدين، وبدأت السعودية تستجيب لجهود وساطة عراقية وعقدت مباحثات بين جهات سيادية سعودية ونظيرتها الإيرانية في بغداد كان آخرها في أبريل المنصرم لمحاولة إيجاد مساحة للحوار تجنب منطقة الخليج حرب جديدة.  وبغض النظر عن الموقف من أزمة العلاقات الإيرانية الخليجية فإن الشعبوية الرافضة للتطبيع مع الدولة العبرية لاتزال مؤثرة في بلدان مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، فوفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لا يزال الدعم الشعبي مرتفع جداً للقضية الفلسطينية وهي عقبة مهمة في تحقيق أي تقدم في العلاقات العربية مع الصهاينة.

لذلك تحاول دولة مثل الإمارات التركيز على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إيران لتجنب الصدام بينهما، فقد حلت الإمارات محل الصين كأكبر مصدر للسلع المصنعة لإيران، فقد زودت إيران بنسبة 68% من وارداتها غير النفطية بينما تتجه إلى تعزيز تعاونها الأمني مع الدولة العبرية، لكن المملكة العربية السعودية تضع حواجز لمحاولات التمادي الصهيوني في الخليج من خلال ربط وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، أي تقارب مع الدولة العبرية بحل القضية الفلسطينية مستشهداً بمبادرة السلام العربية التي قدمتها الرياض عام 2002 وهي مبادرة رفضها رئيس الوزراء الصهيوني الراحل، آرئيل شارون.

رغم التحفظ الخليجي إلا أن الدولة العبرية تحاول زيادة وثيرة الصراع بين الدول الخليجية وإيران وتراهن على هذا الأمر لتحقيق تقدم على المدى البعيد في ملف "الناتو الشرق اوسطي"، لكن دول الخليج تعلم جيداً أن التقارب مع الدولة العبرية والسماح لها بالعمل ضد إيران من أراضيها سيعرضها للضغط العسكري الإيراني بينما ستنجو الدولة العبرية عملياً من ذلك، فكل ما تريده نقل المعركة إلى الخليج.

لذلك نجحت الدولة العبرية وعبر الضغط الأمريكي في الحصول على مكانة مركزية في التأثير  العسكري في منطقة الخليج عبر منحها مقعداً للمرة الأولى ضمن القيادة المركزية الأمريكية المتمركزة في البحرين، ويسمح لها ذلك بالمشاركة في أي تمارين عسكرية مشتركة بين الجيش الأمريكي والقوات العربية في المنطقة بغطاء من الجيش الأمريكي لكن وبحسب تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية، فإن هذا الأمر لم يفلح في تحقيق تقارب عسكري، وظهر ذلك جلياً في مارس الماضي حينما شاركت الدولة العبرية في اجتماع رؤساء الأركان العرب الذي عقد في مصر برعاية أمريكية في مارس الماضي، فدول الخليج تعتقد أن المحادثات النووية مع إيران ستنتهي بالفشل بالإضافة إلى أن القيادة المركزية الأمريكية سوف تتغير في عام 2024 وهذا الأمر سيترتب عليه وجود سيناريو جديد لذلك هم يحاولون تجنب المواجهة عبر استثمار الحوار والقنوات الدبلوماسية.

 

 

 

 

أعلى