أما أفلاطون، صاحب كتاب "الجمهورية"، والمعروف بمدينته الفاضلة؛ فيرى أن المرأة أدنى من الرجل في العقل والفضيلة، وكان يأسف أنه ابن امرأة، ويزدري أُمّه لأنها أنثى. أما سقراط، فيرى أن المرأة مثل الشجرة المسمومة التي يكون ظاهرها جميلاً، لكنّ الطيور تموت عندما ت
تاريخيًا لم ينظر الغرب إلى المرأة من منظور الإنسانية التي يدعونها، بل كبار
الفلاسفة ومؤسسي الثقافة الذين ما زال الغرب يتغنى بإنتاجهم ويستشهد بآرائهم كانوا
ينظرون للمرأة من منظار يتعجب كل صاحب فطرة سليمة كيف نشأت تلك الأفكار في رؤوسهم،
فالمرأة لديهم هي منبع كل الشرور والآثام، ولا يرون فيها إلا ظرفاً مكانياً للمتعة،
ولنا أن نتخيل أن خلال القرون الوسطى كان الجدل يدور في الأديرة والكنائس في لدى
كبار المفكرين الغرببن حول بشرية المرأة وحول كونها من ذوات الأرواح أم لا؟!
في العهد اليونانيّ،
وحين النظر لمؤسس علم المنطق الصوريّ، والفيلسوف السياسيّ أرسطو، فإنك قد تُفاجأ إن
عَلِمت أنه يقرر أن المرأة لا تصلح إلا للإنجاب، وأنه لا يمكنها أن تمارس الفضائل
الأخلاقية مثل الرجل، فهي مجرد مخلوق مشوه أنتجته الطبيعة.
|
كان
القانون الإنجليزي عام 1805 يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة
بستة بنسات. وتذكر كتب التاريخ أن الكنيسة نفسها كانت تبيع النساء، بل إحدى
الكنائس البريطانية باعت امرأة لأنها كانت تعيش عالة في بيت الرب |
أما أفلاطون، صاحب كتاب "الجمهورية"، والمعروف بمدينته الفاضلة؛ فيرى أن المرأة
أدنى من الرجل في العقل والفضيلة، وكان يأسف أنه ابن امرأة، ويزدري أُمّه لأنها
أنثى. أما سقراط، فيرى أن المرأة مثل الشجرة المسمومة التي يكون ظاهرها جميلاً،
لكنّ الطيور تموت عندما تأكل منها[1]
أما في العهد المسيحي
فتسربل الموقف من المرأة بالنظرة اليونانية القديمة، غير أن تلك النظرة المشؤمة
أصبحت عقيدة مقدسة يقول سفر التكوين: "وكانت الحية أحْيَل جميع حيوانات البَرِّيَّة
التي عملها الرب الإله، فقالت للمرأة: أحقًّا قال الله: لا تأكُلا من كل شجر الجنة؟
فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما من ثمر الشجرة التي في وسطها،
فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمسَّاه لئلا تموتا، فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل
الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر،
فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت أيضًا رَجُلَها
معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان" سفر التكوين.
فالمرأة في التصور المسيحي هي أصل الخطيئة ومنبع الشرور وجذر الغواية ولذا لا نعجب
أنه في القرن الخامس الميلادي اجتمع مؤتمر (ماكون) للبحث في مسألة هل المرأة مجرد
جسم لا روح فيه؟ أم لها روح؟ ... وخرج بنتيجة أن جميع النساء المسيحيات سوف يدخلن
جهنم، بقوله "أنها خالية من الروح الناجية من عذاب جهنم، ما عدا أم المسيح .."
وفي عام 568 عقد الفرنسيون مجمعًا لدراسة ما إذا كانت المرأة إنسانًا أو غير إنسان،
وخرجوا بنتيجة مفادها "أنها إنسان خلقت لخدمة الرجل".[2]
|
يرى
إيمانويل كانط أن عقل المرأة لا يرقى إلى عقل الرجل. أما نيتشه فيرى أن
المرأة لا تزال في أفضل الأحوال حيوانًا كالقطط والكلاب والأبقار،
وأنها تتآمر مع كل أشكال الانحلال ضد الرجال |
وحتى بداية القرن الثامن عشر كانت المرأة وفق الديانة
المسيحية لا مكان لها ولا قيمة، بل تباع وتشترى، وقد كان القانون الإنجليزي عام
1805 يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات. وتذكر كتب التاريخ
أن الكنيسة نفسها كانت تبيع النساء، بل إحدى الكنائس البريطانية باعت امرأة لأنها
كانت تعيش عالة في بيت الرب. وحتى
الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر لم تتخلص من إرث الديانة المسيحية، فمع
أنها أعلنت تحرير الإنسان من العبودية، إلا إنها لم تشمل المرأة، حيث نص القانون
الفرنسي على أن المرأة ليست أهلاً للتعاقد، دون رضا وليها إن لم تكن متزوجة.[3]
وفي إنجلترا حرم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت
النساء حتى عام 1850م غيرَ معدوداتٍ من المواطنين، وظللن حتى عام 1882م لا حقوقَ
شخصيةً لهن.
يقول المؤرخ فردريك هير: إنه لم يكن للمرأة في الغرب الأوروبي أيُّ حقٍّ في أيِّ
شيءٍ، فالقانون كان خاصًّا بالرجال وحدهم، والرجل هو صاحب السلطة الوحيد في العائلة
وفي المجتمع وفي الدولة؛ وكانت النظرة للمرأة في أوروبا في العهد المسيحي كما لخصها
ترتوليان -أحد قادة الفكر الأوروبي في القرون الأوروبية الوسطى-
«أنها
مدخل الشيطان إلى الإنسان نفسه، وأنها ناقضةٌ لقانون الله، مشوِّهةٌ لصورة الله.
وبالتالي نرى أن المرأة في تلك العصور وقع عليها ظلمٌ في النظر إليها كإنسانةٍ حتى
وصل الأمر إلى إقرار عدم أهليتها ولم تُسَوِّ جامعة أكسفورد بين الطالبات والطلاب
في الحقوق (في الأندية واتحاد الطلبة) إلا بقرارٍ صدر في 26 تموز 1964م[4].
في العهد الحديث عهد الأنوار والتنوير
لم يختلف الأمر كثيرًا، بل استمرت النظرة ذاتها، مع عدد من التحويرات في كتابات
عددٍ من الفلاسفة. مثلاً يرى جان جاك روسو، كما أرسطو قديمًا، أن المرأة لم تُخلق
لا للعلم ولا للحكمة، وإنما لإشباع غرائز الرجل. بينما
يرى إيمانويل كانط أن عقل المرأة لا يرقى إلى عقل الرجل. أما نيتشه فيرى أن المرأة
لا تزال في أفضل الأحوال حيوانًا كالقطط والكلاب والأبقار، وأنها تتآمر مع كل أشكال
الانحلال ضد الرجال.
أما شوبنهاور، والذي جاء لاحقًا، فقد أتت فلسفته مترجمةً لحياة البؤس التي عاشها،
فقد بقي معاديا للمرأة بسبب موقفه من فجور والدته، واشتُهر بكونه أكثر الفلاسفة
بغضًا للمرأة، فهو يراها عيبًا من عيوب المجتمعات، وأنها لم يسبق أن أنتجت فنًا
عظيمًا أو أي عمل ذي قيمة.
وينقل لنا الفرنسي كوستاف لوبون موقف المجتمع العلمي في عصره بعبارات موغلة في
الانحطاط : (في أكثر العرقيات الذكية -كما في الباريسيين- هناك عدد كبير من
النساء اللواتي حجم أدمغتهن أقرب إلى الغوريلات من الرجال الأكثر تطورًا، وهذه
دونية واضحة جدًا، كل علماء النفس الذين درسوا ذكاء النساء يدركون اليوم أنهن يمثلن
الأشكال الأكثر تدنيًا من تطور الإنسان وأنهن أقرب للأطفال والسذج منهن للرجال
البالغين المتحضرين، لا شك هناك نساء متميزات أرقى بكثير من الرجل المتوسط، لكنهن
استثناء، كولادة أي مخلوق مشوه على سبيل المثال : غوريلا برأسين وبالتالي فيمكننا
أن نهمل وجود هؤلاء النساء تمامًا)[5]
هكذا كانت صورة المرأة في الغرب بداية من الحضارة اليونانية والرومانية ثم القرون
والوسطى حيث سيطرت الكنسية وكانت وضعية المرأة خلال تلك المرحلة من أسوأ ما مر
بتاريخ المرأة ثم مرحلة التنوير أو الأنوار. أنساق فكرية وسياسية واجتماعية جميعها
تنتقص من حقوق المرأة وتضعها في مكانة أدنى من العبيد بل تم تحميلها أوزار البشرية
وجعلها مصدر الشرور.
وفي العصر الحديث نستمع إلى صياغات حديثة عن حقوق المرأة وتحرير المرأة فهل هي
بالفعل ثورة حقيقية على الظلم الذي طال المرأة خلال تلك العصور أم أنها محاولات
حديثة لاستعباد المرأة لكن بصورة عصرية تتماشى مع مقتضيات العصر الحديث.
ولعلنا في مقال آخر نصور الضوء على العصر الحديث وكيف طور من نظرته الاستعلائية
والاستعبادية للمرأة لكن بأدوات وأساليب جديدة.
[1] عزيزة علي، متخصصون يحللون موقف وعدائية الفلاسفة من المرأة
https://alghad.com/%D9%85%D8%AA%D8%AE%D8%B5%D8%B5%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D9%84%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D9%88%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81/
[2] إسلام كمال[، المرأة والفلسفة.. هل تستطيع أن تفكر؟
https://www.aljazeera.net/midan/intellect/philosophy/2020/5/5/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9
[3] ناجي فرج درويش، الأحكام الشرعية في التوراة، القاهرة، الناشر مركز ابن العطار
للتراث، ط1، سنة النشر 2004، ص449.
[4] إتيان جلسون، الفلسفة المسيحية، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير،
بيروت 2009 ،ص207.
[5] من مقال ستيفن جاي جولد (أدمغة المرأة) ، أستاذ الجيولوجيا وتاريخ العلوم
بجامعة هارفورد.