الحضور الدولي الكبير لم يكن أكثر من حدث علاقات عامة يحاول ماكرون أن يرفع به أسهمه الداخلية قبيل إنعقاد الإنتخابات الفرنسية في إبريل المقبل
تحاول أوروبا تنسيق جهودها للتوصل إلى حالة سياسية تؤمن إنتقالي سياسي في ليبيا
يتوافق مع مصالحها، لكن إنتهاء مؤتمر باريس الدولي دون إظهار توافق واضح من الأطراف
الليبية المشاركة على موعد الإنتخابات يؤكد أن المسار الديمقراطي صعب التحقق. رغم
إعلان رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلتزامه بإجراء الإنتخابات الرئاسية
في 24 ديسمبر المقبل خلال المؤتمر إلا أن هناك شكوك كبيرة بشأن تحقق ذلك.
ففي البيان الختامي للمؤتمر الذي عقد برعاية فرنسية، أكد المشاركين على " الإلتزام
بنجاح العملية السياسية الليبية وإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية في 24
ديسمبر2021".
لايمكن الرهان كثيراً على الوعود التي يطلقها المشاركين في مؤتمر باريس رغم أن
فرنسا أمرت القائد العسكري خليفة حفتر بإخراج 300 مرتزق كانوا يخدمون تحت أمرته من
الأراضي الليبية، لأن الكثير من القضايا الرئيسية لا تزال عالقة مثل قانون
الإنتخابات والسيطرة الأمنية وتنازع الصلاحيات حول تعيين وزير الدفاع، والأزمة
الأخيرة حول تجميد عمل وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.
لقد أعلن رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة، عزمه الترشح للرئاسة في ليبيا، وقال إنه
لن يلتزم صراحة بإجراء الإنتخابات في ديسمبر وحاول التهرب من التأكيد على الموعد
النهائي، بالقول إن الأمر متروك للجنة الإنتخابات، رغم أن الرئيس الليبي محمد
المنفي إلتزم صراحة بالتاريخ المحدد بالوثيقة السياسية المتفق عليها.
سجل ثلاثة ملايين ليبي للتصويت في الإنتخابات، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الإيطالي
ماريو دراجي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لذلك قال رئيس الوزراء الإيطالي يجب
على الأطراف الليبية أن تتوافق على قانون إنتخابي لإجراء الإنتخابات.
في البيان الختامي للمؤتمر وصف ماكرون المؤتمر بالمكسب السياسي الخاص بأوروبا، وهو
المؤتمر الأكثر حضوراً من قبل ساسة دول مؤثرة في الملف الليبي مثل روسيا ومصر، فقد
شارك فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس،
ونائب وزير الخارجية التركي سادات أونال بالإضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي.
الحضور الدولي الكبير لم يكن أكثر من حدث علاقات عامة يحاول ماكرون أن يرفع به
أسهمه الداخلية قبيل إنعقاد الإنتخابات الفرنسية في إبريل المقبل، فمنظمة هيومن
رايتس ووش، أكدت أن الأوضاع في ليبيا محفوفة بالمخاطر الأمنية ولايمكن ضمان إجراء
عملية إنتخابية نزيهة.
وفقاً لموقع" بوليتيكو" فقد كان مؤتمر باريس تتويجاً لأربع سنوات من الدبلوماسية
الأوروبية المكثفة لتحقيق تأثير ملموس في الملف الليبي، سبقه إجتماعان رفيعا
المستوى في فرنسا عامي 2017 و2018، وكذلك إجتماع باليرمو في 2018 و مؤتمر برلين في
عام 2020، وكان الجهد منصب على تصارع بين نفوذ فرنسي روسي لتمكين الجنرال خليفة
حفتر وكذلك مساحة تحرك إيطالية لتمكين حكومة طرابلس للحفاظ على مكتسبات إقتصادية
ووقف تدفق موجات اللاجئين نحو شواطئها.ولقد أظهر المؤتمر أن الإنقسام الأوروبي بشأن
ليبيا تقلص بسبب التأثير والنفوذ الروسي والتركي الذي حل بقوة مكان التأثير
الأوروبي وأصبحت ليبيا مساحة صراع مرتبطة بتأثير كلاً من موسكو وأنقرة لذلك لا يمكن
التعويل على نتائجه فبالكاد القوة ذات التأثير قد أظهرت إهتمامها بالجهود
الأوروبية. فروسيا التي تواصل نفي وجود مرتزقة لها في ليبيا يقاتلون إلى جانب حفتر
ترفض تقديم أي مبادرات بشأن سحب قوات الفاغنر التي ساهمت في الهجوم على طرابلس،
بينما تركيا أرسلت خطاب تحفظ على المؤتمر.