• - الموافق2024/11/26م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
خيبة أمل قادمة للفلسطينيين

تمارس الأردن دور الوساطة في القضايا الأمنية والسياسية العربية مقابل الحصول على المساعدات المالية المشروطة في كل صفقة، لذلك فهي تعلم جيداً أن قبولها بالكونفدرالية مع الضفة المحتلة سيكون مقابله الكثير من المكاسب الاقتصادية


أثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال خطابه الأخير على منصة الأمم المتحدة مخاوف بعض النخب المثقفة الفلسطينية ليس لكونه يريد إشعال حرب على الاحتلال الصهيوني بقدر ما أنها حزمة قد تكون صادمة من التنازلات، فعباس الذي أمهل الدولة العبرية عاماً واحداً للإنسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م، ربما أصبح أكثر مرونة مع ضغوط التطبيع التي استهدفت الفلسطينيين طوال السنوات الماضية وأصبح أكثر قبولاً، لشفرة الكاهن الإنجليزي وليام الاوكامي، التي تنص على أن الحل الأبسط هو الحل الأنسب دائماً.

تقول مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن ملك الأردن، عبد الله الأول، كان أكثر واقعية حينما ذهب في أبريل 1950 إلى ضم الضفة المحتلة إلى مملكته وقام تجنيس سكانها، عقب إتفاق الهدنة الذي وقعه العرب مع الدولة العبرية عقب نكبة فلسطين عام 1948. كان الغراء المقدم لسكان الضفة المحتلة كبير جداً مقارنة مع محنتهم الأبدية في الصراع مع اليهود، فقد منحتهم السلطة الأردنية حقوق المواطنين الأردنيين وجعلت لسكان الضفة بجزئيها الشرقي والغربي 30 مقعداً في البرلمان مقابل عادة دائماً تمارسها الدبلوماسية العربية وهي إمتصاص غضب الصوت الوطني الفلسطيني.

استغلت الدولة العبرية منذ احتلال فلسطين، الضعف والاختلاف العربي وغياب وحدة المشروع والمصير واستباحت الكثير من أراضيهم برعاية وغطاء دولي قوي ومارست الكثير من جرائم الحرب بحق شعوبهم إلى أن آلات مصائرهم لتصبح معلقة بالمشنقة الصهيونية، وأصبحت جهودهم منصبة حول كيفية إخراس الصوت الفلسطيني وتبرير عمليات التطويع والتطبيع لخدمة الأهداف الصهيونية، لدرجة أن الأصوات التي أصبحت تتحدث عن استيعاب سكان الضفة المحتلة من الفلسطينيين في الأردن مرتفعة جداً دون عواقب لصوتها المهزوم.

لقد بدأت المكينة الإعلامية التابعة للسلطة الفلسطينية الترويج لنظرية الدمج مع الأردن من خلال إتحاد كونفدرالي عبر الحديث عن أفضال الوجود الأردني في الضفة المحتلة قبل عام1967م وخلوها من أي كتل استيطانية، لكن تلك المكينة تعتقد أن ذاكرة الشعب الفلسطيني كانت متوقفة حينما اقتحم موشيه ديان المسجد الأقصى وانتزعه من سيطرة من يد الجيش الأردني، فالقرار الأخير لرئيس الوزراء الصهيوني، نفتالي بنيت حول منح "اليهود حرية إقامة الصلوات التلمودية"، والذي صدر على مرأى ومسمع دائرة أوقاف القدس الأردنية ربما تشي بواضع قدرة الأردن على حفظ وحماية حقوق الفلسطينيين.

فخطوة كهذه ستخفف الأعباء القانونية الناجمة عن احتلالها للضفة المحتلة، وسيحرم الفلسطينيين من أي فرصة لبناء دولتهم أو جيش دائم لهم، وسيكون أمام الدولة العبرية للإستفادة من خبرات الجيش الأردني في قمع أي هجمات فلسطينية قد تستهدف المستوطنات الصهيونية، ولا شك أن المملكة الأردنية قد ربطت مصيرها المائي بالدولة العبرية وأصبحت تعول كثيراً على إتفاقية توريد الغاز الطبيعي مع الكيان الصهيوني وهي بذلك تمهد لخطوات أكبر بكثير من مجرد صفقات إقتصادية.

تمارس الأردن دور الوساطة في القضايا الأمنية والسياسية العربية مقابل الحصول على المساعدات المالية المشروطة في كل صفقة، لذلك فهي تعلم جيداً أن قبولها بالكونفدرالية مع الضفة المحتلة سيكون مقابله الكثير من المكاسب الاقتصادية، فمقابل إتفاقية السلام الأردنية الصهيونية حصلت المملكة الهاشمية على دعم سنوي أمريكي سخي يزيد عن مليار دولار، واستثمارات صناعية صهيونية ساهمت بتشغيل الآلاف من الأردنيين.

إن مايجري الحديث عنه من مخططات لضم الضفة المحتلة يتم بالتزامن مع إنقسام فلسطيني متواصل منذ أكثر من 17 عاماً بين الضفة وغزة وعدم وجود جدية من الأطراف الفلسطينية لصياغة خطاب وطني فلسطيني موحد، بالإضافة إلى ذلك فهو أمر مرتبط نسبياً بعدم قبول السلطة الفلسطينية بتنظيم انتخابات نيابية ورئاسية قد تنتج جيل جديد من السياسيين يقللون خطورة المغامرة التي قد تنجم عن وفاة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ظل غياب البدائل القانونية عنه وهو أمر على الأرجح يتم بإرادة أمريكية صهيونية متكاملة هدفها تمزيق السلطة الفلسطينية وتمهيد أراضية سياسية تجعل ضم الضفة المحتلة أمراً أكثر قبولاً بالنسبة للعالم.


أعلى