• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
سد النهضة - الحل الدبلوماسي في مواجهة الخيار العسكري

يتفق الموقف الدولي مع الموقف المشترك لمصر والسودان برفض أي تصرف أحادي إثيوبي دون اتفاق شامل، ملوحا بوقف المساعدات المالية التي يقدمها البنك الدولي لأثيوبيا مما يقوي ويصب في صالح الموقف المصري السوداني


من جديد عادت مشكلة سد النهضة بين مصر وأثيوبيا إلى الواجهة من جديد، ويمكن القول أن الصراع حوله وصل إلى حد الذروة أو الانفجار، نتيجة تفاقم الأزمة بعد نية أثيوبيا ملأ الخزان والذي بدوره سيؤثر على كمية المياه الواردة إلى مصر بدرجة كبيرة.

القاهرة على ما يبدو استنفدت إلى حد كبير جميع الخيارات الممكنة لمواجهة ملء إثيوبيا للسد في أي مرحلة، وهذا يعني أن مصر لن يكون أمامها في نهاية المطاف من خيار سوى التعاون على الأقل في القضايا الفنية لإدارة تدفق المياه بين فتح سد أسوان العالي وفتح سد النهضة، لذا ستحاول تعزيز مكانتها الدبلوماسية مع جيران إثيوبيا بعد فشل الوساطة الأميركية، وتدخلات الاتحاد الأفريقي وجامعة الدولة العربية والأمم المتحدة، على الرغم من أن هذه التحركات فشلت في تغيير سلوك أثيوبيا في الماضي ومن غير المرجح أن تكون ذا تأثير الآن.

فأثيوبيا التي تسعى لتحقيق حلمها منذ سنين في بناء السد سارعت إلى إنشائه بعد ثورة 25 يناير في مصر لأنها ترى فيه ضرورة حتمية لتوليد الكهرباء ونجاح اقتصادها في المرحلة القادمة وتعتمد في مشروعية بناءه إلى اتفاق إعلان المبادئ بينها وبين مصر والسودان والذي تم التوقيع عليه في مارس 2015.

أما مصر فتعتبر أن درجة أمان هذا السد لم تصل إلى مرحلة الأمان المقبولة دوليا لبناء السدود وأن سرعة ملء السد بالطريقة التي تريدها أثيوبيا ستؤدي إلى إحداث ضرر كبير وكارثة إنسانية ودمار اقتصادي وهو ما يتعارض مع البند الثالث من اتفاق إعلان المبادئ المذكور أعلاه.

بينما تدعي السودان أن الأرض التي تم بناء السد عليها أرضاً سودانية تم إعارتها لمزارعين أثيوبيين عام 1902 بموجب اتفاقية تمنعهم من بناء سدود عليها إلا بعد موافقة السودان، وهي اتفاقية موثقة في الأمم المتحدة أي أنها من الناحية القانونية أكثر ثقلاً من الموافقة التي تمت في اتفاق المبادئ..

و يتجلى الموقف الأمريكي بوضوح عندما أعلنت عنه وزارة الخزانة الأميركية في فبراير 2020  رفضها ملء السد قبل الوصول لدرجة الأمان المقبولة بالمعايير الدولية لأن انهياره بعد ملئه سيتسبب في تشريد وموت الملايين في السودان ومصر.

ويتفق الموقف الدولي مع الموقف المشترك لمصر والسودان برفض أي تصرف أحادي إثيوبي دون اتفاق شامل، ملوحا بوقف المساعدات المالية التي يقدمها البنك الدولي لأثيوبيا مما يقوي ويصب في صالح الموقف المصري السوداني.

أثيوبيا وعلى لسان سفيرها في القاهرة، ماركوس تيكيلي، أكدت أنها متمسكة باستئناف التفاوض مع القاهرة والخرطوم بشأن ملف السد وأنه سيتم استئناف التفاوض برعاية الاتحاد الأفريقي قريباً، وأنها ملتزمة بالتفاوض وفق الحلول السلمية للوصول إلى اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف.

هذا الموقف الأثيوبي والذي يتناقض مع  تصريحات رئيس وزرائها أبي أحمد "بأن ملء السد الثاني سيتم كما هو محدد له في يوليو القادم وهو موعد فيضان نهر النيل" جاء بعد تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والتي حملت تلويحاً بإمكانية استخدام الحلّ العسكري لتسوية النزاع معها أو إرغامها على القبول بالوساطات والحلول المقترحة، والتأكيد على عدم التنازل عن نقطة مياه واحدة من حصّة مصر المائية المقررة وفقاً للمعاهدات السابقة. 

ورغم التفوق المصري في المجال العسكري على أثيوبيا والذي يمكنها من التدخل لحسم الأمر لصالحها، إلا أن كل الدلائل تشير إلى أن مشكلة السد لن تتطور إلى الحد الذي يمكن معه اللجوء إلى الحل العسكري، كون الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يسمحا بذلك ولكن مصر والسودان لن تنتظرا حتى تتم كارثة من وراء هذا الملء مثل جفاف وتصحر الكثير من أراضي مصر الزراعية أو انهيار السد وموت الملايين، ولن تسمحا بذلك لأنه دمار لا يمكن إصلاحه. لذلك ستعملان وفق هاذين السيناريوهين:

-       محاولة مصر والسودان حشد المجتمع الدولي معهما كي يتم الضغط على أثيوبيا بشدة  لمنع احتمال الكارثة، مع العمل في نفس الوقت على إبرام اتفاق يتم بموجبه مساعدة أثيوبيا في الحصول على الكهرباء من مصر أو من مصادر أخرى بسعر مناسب ومخفض، حتى تتمكن أثيوبيا من ملء السد في فترة مناسبة لمصر بعد استيفاء المعايير الدولية لأمانه، حيث أن مصر الآن لديها فائض في إنتاج الكهرباء يسمح لها بذلك إذا اقتضى الأمر ورأت الدولة المصرية أنه في مصلحة مصر.

-       سعي مصر والسودان لتحويل الأمر للمحاكم الدولية ومجلس الأمن لمنع الملء حتى يتم الحسم في الأمر دولياً.

تصب كل الترشيحات في خانة مصر والسودان اللتان ستمليان إرادتهما في موضوع سد النهضة في النهاية، وسينتهي الأمر لصالحهما بطريقة أو بأخرى، لأن وضع مصر السياسي والأمني والاقتصادي حالياً يجعلها في وضع أفضل من أثيوبيا، كون الدول الغربية تحتاج في الفترة القادمة للتعاون مع مصر في مجال مقاومة الإرهاب وفي منع الهجرة غير الشرعية لأوروبا وفي مجال الطاقة من البحر المتوسط. كما يأتي رجوع السودان وقبولها مرة أخرى في المجتمع الدولي والاستثمارات الغربية فيها، سيدعم موقفها لأن انهيار السد يعني ببساطة تدمير معظم استثمارات الدول الغربية في المنطقة.

 

 


أعلى