قتل اللواء "عبد
الفتاح يونس" وترك خلفه خلافاً قد يهدد وحدة الثوّار الليبيين بسبب
الغموض الذي شهدته حادثه مقتله، لكن سيرته أيضاً ربما يكون لها إسهام في عملية
قتله، فروايات تقول إنه قتل على يد ثوّار ينتمون لتنظيم القاعدة عاقبه بسبب جرائم
ارتكبها نظام "القذّافي" بحق المعتقلين الإسلاميين أثناء توليه منصب
وزير داخلية، ورواية أخرى تقول بأن نظام "القذّافي" يريد التخلص
منه لأنه ساهم في تقدم الثوّار على الصعيد
العسكري، و هناك رواية ثالثة قالت بأن المخابرات الإيطالية تخلصت منه نيابة عن حلف
الناتو بسبب أرائه الرافضة لسيطرة الحلف على تحركات الثوّار.
سيرة ومسيرة
اللواء "عبد
الفتاح يونس العبيدي" (1944 - 28 يوليو 2011) رئيس أركان جيش التحرير
الوطني الليبي خلال ثورة 17 فبراير ووزير داخلية ليبيا السابق وأحد قادة حركة
الضباط الوحدويين الأحرار عام 1969. ولد "عبد
الفتاح يونس" في منطقة الجبل الأخضر الليبية سنة 1944، ثم وَصَل إلى
مناصب الدولة في عام 1969 عندما شارك في قيادة انقلاب الفاتح من سبتمبر الذي تمخض
عنه نظام العقيد "معمر القذّافي"، ومنذ ذلك الوقت أصبح قائد القوات
الخاصة الليبية. ولاحقاً في عام 2009 حصل عبد الفتاح على منصب وزير الداخلية في
الجماهيرية العربية الليبية.
يَنتمي اللواء "عبد
الفتاح يُونس" بالأصل إلى قبيلة العبيدات، وهي واحدة من أكبر القبائل
الليبية في شرق البلاد. وُلد "عبد الفتاح"
في مصر عام 1944 م، ولاحقًا التحق خلال شبابه حركة الضباط الوحدويين الأحرار التي
كانت تُعد لانقلاب عسكري بهدف إسقاط المملكة الليبية، وقد نجحت بالفعل في ذلك،
وكان للواء دور في قيادة ذلك الانقلاب حيث تولّى مهمة اقتحام "محطة إذاعة
بنغازي" الرئيسية في ليلة الانقلاب عام 1969 وكان يَبلغ من العُمر آنذاك 25
سنة.
وبحسب موسوعة ويكيبيديا فقد حصَلَ "عبد الفتاح" على العديد من المناصب العالية
والهامة في السلك العسكري للدولة، من أهمها رئاسة القوات الخاصة الليبية التي
قادها في عدة حروب ليبية خلال العصر الحديث هيَ بشكل رئيسي المناوشات المصرية
الليبية والصراع الليبي التشادي. ظلَّ "عبد
الفتاح" بشكل عام عضواً هاماً في الدولة خلال مُعظم السنوات الأربعين
التي حكم خلالها "معمر القذّافي"، لكن أعلى المناصب التي حاز عليها كانت
وزارة الداخلية التي تولى حقيبتها في عام 2009، وعكف خلالها على التواصل مع
الاتحاد الأوروبي لحل أزمة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وبقيَ في هذا المنصب
حتى تاريخ 21 فبراير 2011.
الانقلاب الثاني
شاءت إرادة الله عزّ وجل أن يقوم "عبد الفتاح يونس" بانقلابه الثاني في حياته على
حكام ليبيا فبعد انقلابه الأول مع "القذّافي" على الملكية السنوسية
انقلب "يونس" على الزعيم الليبي "معمر
القذّافي".
بعد قيام الثورة الليبية واشتعالها في بنغازي
عاصمة الشرق الليبي أراد "القذّافي" أن يرسل "يونس" لمكافحة الثورة وإخمادها، لكن يونس أعلن انضمامه
للثوّار ومنح الثورة بانضمامه إليها زخما جديدا لم يتوقع الليبيين أنفسهم.
وتقول رواية نشرتها وسائل إعلام ليبيا أنه بعد
أن اشتدّت المواجهات في بنغازي وأدّت إلى سقوط مئات القتلى من المدنيين، أخذ "القذّافي"
بالإعداد لخطة لقصف المتظاهرين في المدينة بالطائرات العسكرية والحربية بهدف تخويف
السكان وإخماد الثورة. ولطبيعة كون "عبد الفتاح
يونس العبيدي" مسؤولاً أمنياً هاماً ورئيسياً في شرق البلاد، فقد حدثه
"القذّافي" عما يَنوي فعله، وقد أبدى اللواء تخوفاً من حجم المجزرة التي
سيُسببها ذلك.
ولهذا السبب بالإضافة إلى ضغوط وُجهت له من
قبيلته - العبيدات - للتنحي من منصبه فقد أعلن "عبد
الفتاح" في يوم 21 فبراير 2011 التحاقه بالثورة وصرّح في مقطع فيديو
أذاعه على قناة الجزيرة بأنه استقال من جميع مناصبه في الدولة وانشق عن نظام "القذافي".
وفي مقالة نشرها موقع عرب 48 ذكرت أن اللواء خلال تلك الفترة التي انضم فيها
للثوّار تعرض إلى عدة محاولات للاغتيال،
كانت إحداها في يوم 22 فبراير عندما أطلق عليه مسلح النار بشكل مفاجئ، لكنها أصابت
معاوناً له كان يَقف بجواره بدلاً من أن تصيبه هوَ، وقد مات ذلك المعاون جراء
الإصابة بعد مُدة. وأصدرت أيضاً أوامر لبعض الطائرات بقصف مقر اللواء لكنها عصت
الأوامر.
وأعلن "يونس"
عن تلقيه طلبات بتشكيل وحدات عسكرية لتنظيم الثوّار وبدأ بالعمل على ذلك، تم
تعيينه رئيس أركان لجيش التحرير الوطني الليبي الذي يشرف عليه المجلس الانتقالي.
وقال "محمد الريبي" وهو شاب من سكان
بنغازي شارك في تشييع يونس الجمعة : إنه كان مكسباً لنا لأنه عمل "للقذافي"
خلال فترة طويلة وهو يعرف قواته وتنقلاتهم.
وأفاد مصور لوكالة فرانس برس اقترب منه في بنغازي
أنه كان يبدو كممثل سينمائي، واثق من نفسه في زيه العسكري. وكان مربوع القامة لكنه
كان يبدو مع شعره الذي خطه الشيب ويتمايل غالبا في الهواء، أطول مما هو عليه فعلا
بسبب جسمه الرياضي.
لكن انتقاله إلى المعارضين لا يحظى بالإجماع.
فالبعض يرتاب في هذا الرجل الذي كان حتى قبل أشهر قليلة أحد أقرب مستشاري العقيد "القذافي".
وفي 19 مارس الماضي نفى اللواء "يونس" بعض الشائعات التي تحدثت عن عودته إلى
مهامه داخل نظام طرابلس، وعبّر عن امتنانه للحلف الأطلسي لتدخله الذي سمح بصد
الهجوم المضاد لقوات "القذافي" على بنغازي. ومطلع أبريل لم يتردد مع ذلك
عن مهاجمة الغربيين الذين اتهمهم بترك "أهل مصراته يموتون"، عندما كانت
قوات "القذافي" تحاصر المدينة.
وعشية مقتله كان يقود قوات المتمردين في برقة،
المرفأ النفطي الاستراتيجي الذي انتقل منذ بضعة أيام إلى سيطرة المتمردين. وكان
استدعي للمثول أمام لجنة "للتحقيق بموضوعات تتعلق بالشأن العسكري" بحسب "مصطفى
عبد الجليل"، لكنه قتل الخميس قبل مثوله.
وقد سرت شائعات حول توقيفه لكن رئيس المجلس
الانتقالي أعلن في مؤتمر صحافي في بنغازي مساء الخميس وفاة اللواء "عبد الفتاح يونس" رئيس الأركان العامة للجيش
الليبي ورفيقيه العقيد "محمد خميس" والمقدم "ناصر مذكور".
وقال إن "يونس"
ورفيقيه تعرضوا لإطلاق نار من مسلحين بدون مزيد من التفاصيل حول ظروف اغتياله
والدوافع الكامنة وراءه، لكنه اتهم بشكل ضمني عناصر موالية "للقذافي"
بالوقوف وراء مقتله.