لماذا لا يستطيع ترامب تحمل الخسارة؟!
جين ماير/نيويوركر
في صيف عام 1974 كان سقوط الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، أحد أكثر الأحداث دراماتيكية في التاريخ الأمريكي، وفي شهر أغسطس من ذلك العام أجبرت فضيحت "ووتر غيت" نيكسون على الإستقالة، وتم توجيه إتهامات إلى 29 فرداً مرتبطين بإدارته من بينهم كبار مساعديه ومستشاريه بمن فيهم المدعي العام، جون ميتشل، الذي انتهى به المطاف إلى السجن، لكن نيكوسن نفسه أفلت من الملاحقة القضائية بعد حصوله على عفو من الرئيس جيرالد فورد في سبتمبر 1974م.
طوال التاريخ الأمريكي لم يتم يتم إتهام أي رئيس أمريكي بإرتكاب جريمة جنائية، لكن بينما يكافح الرئيس دونالد ترامب من أجل البقاء في البيت الأبيض، فهو يعلم ومن حوله بأنه إذا خسر، وهي نتيجة لا يمكن الإعتماد عليها، فإن الحصانة التي يتمتع بها سوف تختفي. هناك عشرة تحقيقات ودعاوى قضائية مدنية تلاحق ترامب حالياً، وهذا الأمر يجعل لعبة ترامب مع القضاء الأمريكي أكثر خطورة من فضيحة "ووترغيت" التي نجا منها نيكسون.
نجح ترامب في الإفلات من محاكمة واحدة وحالتي طلاق، وست حالات إفلاس، و 26 تهمة تتعلق بسوء السلوك الجنسي، وآلاف الدعوات القضائية، قلة من الناس تهربوا بمكر من العواقب التي يعيشها ترامب، لكن الحظ السعيد قد ينتهي بالنسبة لترامب وربما ستكون النهاية وحشية في حال خسر أمام جو بايدن، وحتى لو فاز ترامب مرة أخرى ستبقى التهديدات القانونية والمالية الخطيرة تلوح في الأفق خلال ولايته الثانية.
يتولى قيادة التحقيقات المتعلقة بترامب رجال أقوياء في إنفاذ القانون في مدينة نيويورك منهم سايروس فانس الابن، المدعي العام لمنطقة مانهاتن، ونظراً لأن سلطاتهم القضائية تقع خارج النطاق الفيدرالي، فإن إي لوائح اتهام موجهة لترامب ستكون خارج نطاق العفو الرئاسي. وهذا الأمر سيجعل النفقات القانونية مكلفة للغاية بالنسبة للترامب، بالإضافة إلى الضغوط المالية المتزايدة التي سيعيشها خلال السنوات المقبلة وفقاً لمجلة تايمز، فلديه مواعيد نهائية لسداد أكثر من ثلاثمائية مليون دولار من القروض جزء كبير منها لـدويتشه بنك. وتقول صحيفة فاينانشال تايمز إن 900 مليون دولار من ديون ترامب القعارية تستحق في الأربع سنوات المقبلة، كذلك لديه نزاع مع دائرة الإيرادات الداخلية بشأن ضريبة الدخل الخاصة به قد يكلفه 100 مليون دولار في حال صدر حكم ضده. لذلك دونالد ترامب الذي تقدر ثروته بملياري ونصف المليار دولار قد يضطر لبيع بعضاً من أصوله العقارية للإلتزام مع دائنيه، لكن وفقاً لتحليل نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن ممتلكات ترامب، وخاصة فنادقه ومنتجعاته تضررت بشدة بسبب وباء كورونا، لذلك يقول أستاذ التاريخ بجامع ييل، تيموثي ساندر، "إن مكتب الرئاسة هو الذي يحفظ ترامب من السجن".
تقول باربرا ريس، التي ألفت كتاب "برج الأكاذيب" وقد أمضت ثمانية عشر عاماً في تطوير وإدارة مشاريع لترامب، إن الرئيس لا يرشح نفسه لولاية ثانية فحسب، بل إنه يهرب من القانون. وقالت: "أحد الأسباب التي تجعله ينوي الفوز بجنون هو كل التوقعات بأن المدعين سوف يلاحقونه". تقول الكاتبة من الصعب أن نتخيل رئيساً أمريكياً سابقاً وراء القضبان أو يجبر على أداء خدمة مجتمعية، كما كان يفعل رئيس الوزراء الإيطالي السابق، سلفيو برلسكوني، بعد إدانته بتهمة الإحتيال الضريبي.
يقول لي جو لوكهارت الذي شغل منصب السكرتير الصحفي للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، إذا فاز بايدن بفارق ضئيل، فإن فترة من الفوضى يمكن أن توفر بيئة لــ"تسوية عالمية" يتنازل فيها ترامب عن الانتخابات و "يرحل" مقابل وعد بعدم توجيه إتهامات له في أي مكان بما في ذلك نيويورك، ويقول لوكهارت إن السلطات القانونية في نيويورك ليست مجرد محامين بل سياسيين أيضاً، وقد تكون صفقة مقنعة لصالح المصلحة العامة، وهذا الأمر قد حدث مع كلينتون حينما وافق المستشار المستقل وراء تحقيقات مونيكا لوينسكي على إنهاء مقاضاة كلينتون مقابل إعتراف كلينتون وغرامة مالية.