يأتي عيد الفطر ، وقد أتم المسلمون صيام شهر رمضان وقيامه ، فيحمدون الله أن
أتم عليهم نعمه التي لا تحصى ، ويفرحون لذلك .
يفرح المسلمون وهم يرون من مظاهر الطاعات ما يثلج الصدور ؛ فهاهي
أفواج المعتمرين إلى بيت الله العتيق تترى ، وأهل الدعوة إلى الله يتبارون بإعداد
المناشط الدعوية ، ويتفننون بالأفكار الإبداعية ، كل ذلك ليصل الخير إلى جميع
الناس . فحق لنا أن نفرح بالعيد ؛ فمن الحِكَم التي أباح فيها الرسول - صلى الله
عليه وسلم - الاحتفاء بالعيد أن يعلم الناس أن في ديننا فسحة .
يأتي عيد الفطر ، وإخواننا في غزة يستبشرون بما تحقق لهم من دحر
الصهاينة وخروجهم من تلك البقعة ، ليرينا الله ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم
- وصحبه الكرام ، وأثبته في محكم التنزيل : { فَأَتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا
أُوْلِي الأَبْصَارِ } (
الحشر : 2 ) .
قبل أربع سنوات ، أزبد وأرعد الرئيس الأمريكي ، وانتشى بسقوط حكومة
طالبان وظن أن العالم صار رقعة شطرنج ، وهو اللاعب الوحيد فيه ، فهدد دولاً كثيرة
، قال إنها تزيد على ستين دولة .
وها هي الأيام تمضي ، وقد عجزت أمريكا أن تهضم أفغانستان ، وغصت بـ
العراق ، والطريق ما زال طويلاً طويلاً أمام أحلامه التي كان يمنِّي بها نفسه .
ويرسل الله عليه جنداً من عنده ، فتكون الفضيحة الكبرى ، بأن الدولة
العظمى تعجز عن مواجهة إعصار كاترينا بسبب حرب تخوضها على أرض دولتين ضعيفتين لا
تملكان حولاً ولا قوة من الناحية المادية .
ولكن هل من يملك الأرض يملك الشعوب والقلوب ؟ لقد زرع بوش ليحصد
لقومه الكراهية بين الأمم ، وهاهم جنوده يعودون إليه محمولين في التوابيت ، لتصرخ
أمهاتهم ويتحرك بعض نواب الكونغرس لعلهم يستدركون سقوط القوة العظمى وحفظاً لماء
الوجه لا رغبة بالعدل بين الشعوب .
أليس لنا أن نفرح ونحن نرى مصداق قوله تعالى : { إِن
تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ
مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } ( النساء : 104 ) .