فإن حقيقة التدين تتمثل بمحبة الله - تعالى
- وتعظيمه ، ومخافته ورجائه ، والتذلّل له ، والخضوع التام لأمره واجتناب نهيه ،
قولاً وعملاً ، خفية وعلناً .
فهو تسليم مطلق ، وانقياد كامل ، في الاعتقادات
والأقوال والأعمال ، برغبة جيّاشة ، واختيار واعٍ ، وتشرف وافتخار .
فالتدين حالة مركبة من المعرفة والشعور
والسلوك ، يكون غاية مطلوب العبد منها : الظفر برضا مولاه عزَّ وجلَّ ، ونيل رحمته
، والسلامة من غضبه .
وفي أجواء التدين ومجتمعات الدعاة تكون الصورة
العامة المقبولة هي الالتزام والمحافظة الظاهرة التي من خرج عنها وُوجه باللوم
والمذمّة ، وهي لا شك حالة فضل وإنعام تحتاج إلى شكر لله - تعالى - من الفرد
والمجتمع على توفيقه وتيسيره .
لكن المحكَّ العملي الذي تتجلى من خلاله
حقيقة تلك الاستقامة العلنية يكون في عبادات السرّ المتضمنة لعبادات الخلوة
والخفاء[1] ولعبادات القلب .
فأما عبادة القلب فهي أجلُّ عبادات السِّر
وأعظمها ، فالله عزَّ وجلَّ لا يناله من عبده إلا التقوى ، ولا ينظر إلى الصور
والأموال وإنما إلى القلوب والأعمال ، ولا ينفع عنده يوم تبلى السَّرائر مالٌ ولا
بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، والإيمان ليس بالتمنِّي ولا بالتحلِّي ، ولكن ما
وقرَ في القلب وصدَّقه العمل ، كما يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن
في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب
»[2] .
وأما عبادات الخفاء وقُرَب السِّر المشتملة
على تعظيم أمر الله - تعالى - ونهيه ، والإكثار من مناجاته فهي عمل آخر جاءت
النصوص والآثار مكثرة من الحثّ عليه ، فمن ذلك قوله - تعالى - : { إِنَّمَا
تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ } (فاطر:18) ، أي : يخافونه سبحانه حال
خلوتهم به بعيداً عن أعين الخلق[3] ، وقوله - عزَّ وجلَّ - : { إِن
تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ
فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } (البقرة : 271) ، والآية الكريمة ظاهرة في تفضيل صدقة السِّر ،
والتي ثبت أنها تطفئ غضب الرب سبحانه[4] ، وجاء من السبعة الذين يظلّهم الله - تعالى - يوم القيامة في ظلّه يوم لا
ظلَّ إلا ظلّه : « رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل
ذكر الله خالياً ففاضت عيناه »[5] .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة ، والمسرُّ بالقرآن كالمسرِّ بالصدقة » ، قال الترمذي : « ومعنى هذا الحديث أن
الذي يسرُّ بقراءة القرآن أفضلُ من الذي يجهر بقراءة القرآن ؛ لأن صدقة السِّر
أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية » [6] .
وما ذاك إلا لما في قُرْبَة السِّرِّ بعيداً
عن رؤية الخلق من عظم إيمانٍ ، وكمال أدبٍ مع الله - تعالى - وتعظيمٍ له سبحانه ،
ولما فيها من حضور قلبٍ واجتماع هَمٍّ وابتعادٍ عن القواطع والمشتتات ، وثقةٍ
بالله - تعالى - ، وأُنْسٍ به ، واطمئنانٍ إليه ، ومراقبةٍ له ، ومخافةٍ منه ،
ومطالعة مِنَّتِه ، وتطلعٍ للظفر بمحبته وثوابه ، ولما فيها من تخليصٍ للنفس من
الطمع بثناء الخلق وحب مدحهم وكراهية ذمّهم ، وضمان سلامتها من بعض دسائس السوء من
رياء وسمعة وتصنُّع ، فهي أبلغ في التضرع والخشوع ، وأمكن في التذلّل والخضوع .
ولذا ؛ فقد جاء التوجيه النبوي الكريم بحثِّ
العبد المؤمن على أن يكون له عبادة في السِّر ، فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه
مرفوعاً قال : « من استطاع منكم أن يكون له خِبءٌ من عملٍ صالحٍ فليفعل »[7] ، وكان الفضيل بن عياض يقول : ( كان يقال :
من أخلاق الأنبياء والأصفياء الأخيار الطاهرةِ قلوبهم خلائقُ ثلاثة : الحلم ،
والأناة ، وحظٌّ من قيام الليل )[8] ، ويحكي الخريبي عن السلف أنهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئةٌ من عمل
صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها[9] ، وقال مسلم بن يسار : ( ما تلذّذ المتلذّذون بمثل الخلوة بمناجاة الله
عزَّ وجلَّ )[10] .
ومن تأمَّل سير السلف وجد اهتماماً بليغاً
بعبادة القلب ، التي هي روح العبودية ولبّها ، بل هي الأصل وإنما أعمال الجوارح
تبع ومكملة ومتممة لها[11] ، فهذا الصحابي الجليل والإمام الجِهْبِذ
ابن مسعود رضي الله عنه يقول : « من صلى صلاة عند الناس لا يصلي مثلها إذا خلا ،
فهي استهانة استهان بها ربه » ، ثم تلا قوله - تعالى - : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ
يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا } (النساء : 108) [12] ، وفي يوم قال رضي الله عنه لأصحابه : «
أنتم أكثر صلاة وأكثر جهاداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم كانوا خيراً
منكم ، قالوا : ِبمَ ذاك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : إنهم كانوا أزهد في الدنيا
وأرغب في الآخرة »[13]
.
ويقول وهب بن منبه : ( يا بُنيّ أخلص طاعة
الله بسريرة ناصحة يصدق الله فيها فعلك في العلانية ، .. ولا تظنن أن العلانية هي
أنجح من السَّريرة ، فإن مَثَلَ العلانية مع السَّريرة كمَثَلِ ورق الشجر مع
عِرْقها : العلانية ورقها ، والسَّريرة عِرْقها . إن نُخِر العِرْق هلكت الشجرة
كلها ؛ ورقها وعودها ، وإن صلحت صلحت الشجرة كلها ؛ ثمرها وورقها ، فلا يزال ما
ظهر من الشجرة في خير ما كان عِرْقها مستخفياً لا يُرى منه شيء . كذلك الدين لا
يزال صالحاً ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته ، فإن العلانية تنفع مع
السَّريرة الصالحة كما ينفع عِرْقَ الشجرة صلاحُ فرعها ، وإن كان حياتها من قبل
عِرْقها فإن فرعها زينتها وجمالها ، وإن كانت السَّريرة هي ملاك الدين فإن
العلانية معها تُزَيِّن الدين وتجمله إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه
عزَّ وجلَّ »[14] ، وهذا الإمام أحمد يوصي ابن المديني قائلاً
: ( ألزم التقوى قلبك ، وانصب الآخرة أمامك )[15] ، فمراد الله - تعالى - ومطلوبه من عباده
صلاح قلوبهم ، والتي لا صلاح لها إلا بأن يستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته
وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه ، ويمتلئ من ذلك[16] ، يقول ابن رجب : ( فأفضل الناس من سلكَ
طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وخواصّ أصحابه في الاقتصاد في العبادة البدنية
والاجتهاد في الأحوال القلبية ؛ فإن سفر الآخرة يقطع بسير القلوب لا بسير الأبدان
)[17] .
كما يجد المطالع لسيرهم عنايةً فائقة بعبادة
السِّر وعمل الخفية ، فعن محمد بن إسحاق قال : ( كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون
لا يدرون من أين كان معاشهم ، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به
بالليل )[18] ، وعن زائدة :( أن منصور بن المعتمر مكث
ستين سنة يقوم ليلها ويصوم نهارها ، وكان يبكي ،فتقول له أمه : يا بني ! قتلت
قتيلاً ؟ فيقول : أنا أعلم بما صنعت بنفسي .
فإذا كان الصبح كحل عينيه ، ودهن رأسه ،
وبرق شفتيه ، وخرج إلى الناس )[19] .
وقال محمد بن واسع : ( لقد أدركت رجالاً ،
كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة ، قد بلَّ ما تحت خدّه من
دموعه لا تشعر به امرأته .
ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل
دموعه على خدّه ولا يشعر به الذي إلى جانبه )[20] ، وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله ،
ويخفي ذلك ، فإذا كان عند الصبح رفع صوته ، كأنه قام تلك الساعة [21] ، والأمر أكثر من أن يحصر .
والمتأمل في واقع الدعاة ومحاضن التدين
وبيئاته اليوم يلحظ مظاهر عدة تدل على تقصير في عبادة القلب ، وضعف بيِّن في
القيام بكثير من القربات في الخفاء ، والتي يدّخرها صاحبها لوقوفه بين يدي ربه
عزَّ وجلَّ يوم تُبلى السرائر ، مما وَرَّث هشاشة بيّنة في الاستقامة ، وضعفاً
جلياً في الجدِّية ، وفتوراً ظاهراً في أخذ الكتاب بقوة تعلّماً وعملاً ودعوة ،
وهو أمر ما لم يشعر بخطره القائمون على الشأن الدعوي والتربوي - مؤسسات وأفراداً -
ويولوه ما يستحق من أولوية في التصحيح والمعالجة ، فإن أجيال الاستقامة القادمة
ستكون أكثر بَهَتَانَاً وأشدّ ضعفاً .
وفي ظنِّي أن مسؤولية معالجة هذه الظاهرة
تقع بدرجة أكبر على الفرد نفسه على اعتبار أن عبادة القلب وعمل السِّر هي بوّابة
نجاته وطريق رفعته ، فإن اعتنى بها وأصلح من حاله فيها ففي ذلك سعادته ، وإن قصَّر
بإلقاء نفسه في بحور الغفلة ودركات البطالة والشهوات فقد أساء إلى نفسه ، والإنسان
على نفسه بصيرة .
ولعلَّ من أبرز ما يعين العبد على الوصول
إلى مقصوده في هذا الجانب : مراقبة من لا تخفى عليه خافية والسِّر عنده علانية ،
ومخافته - تعالى - والحياء منه ، والتعرف على جلاله وعظمته سبحانه ، وترك الاشتغال
بما لا يعني من فضول الطعام والمنام والكلام والنظر والخلطة ونحوها ، والزهد في
متع الدنيا وملذّاتها وإيثار الآخرة على الدنيا ، وخشية عدم قبول العمل ، والشعور
الدائم بالتقصير والزّلل في القيام بحق الباري سبحانه ، والاهتمام بأعمال القلوب
وعدم قصر العبد جهده على أعمال الجوارح ، وتذكّر الموت والبلى ، ومطالعة سيرة
النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والإكثار من القراءة في تراجم العلماء الربّانيين
والعُبّاد الزاهدين ، ومحاسبة النفس ، وإدراك ثمار وفوائد قُرَب السِّر ، وتنمية
الحياء من النفس وجعله في رتبة أعلى من رتبة الحياء من الخلق ، ومرافقة من تنفع
مرافقته في الآخرة وتزيد صحبته المرء قرباً من الله - تعالى - ، وتخصيص أوقات
للخلوة بالله والأنس به والعيش في كنفه من اعتكاف وقيام ليل وخلوات للتفكر في
ملكوت الله سبحانه والذكر والدعاء والقراءة ونحو ذلك[22] .
فهيّا إخواني إلى بذل الوسع في إتيان قُرَب
السِّر وتكميلها فإنها أقوات الروح ، وليكن لأحدنا حظ من عبادة لا يعلم بها أحد
إلا البَرُّ الرحيم ، إذ السائر إليه سبحانه لا بد له ( من أوقات ينفرد بها بنفسه
في دعائه وذكره وصلاته وتفكّره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه وما يختص به من الأمور
التي لا يشركه فيها غيره )[23] ، فعبادات الخفاء من أعظم أسباب الثبات التي
تحول بين المرء وحالات الضعف والانتكاس ، فالحذر الحذر من أن نتغافل عنها ، فإن
ثمارها عظيمة ، والصوارف عنها كثيرة ، وعلينا من الله عين ناظرة ، والشاهد هو
الحاكم ، والموفَّق من هداه الله - تعالى - وأعانه .
اللهم ارزقنا خشيتك ومحبتك والقرب منك ،
والبصيرة في دينك ، والمداومة على طاعتك ، وعافِ نفوسنا بمنّتك ، وأصلح حال أمتنا
، وارزقها الرّفعة والتمكين على أيدينا ، إنك على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم
على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين .
(1) المراد بعمل الخلوة ما كان بين العبد
وربه بعيداً عن أعين الناس ، لكن تحقيق ذلك بإطلاقٍ متعذر ، ولذا فقد عدّ بعض أهل
العلم عمل الرجل مع رفيقه الملازم ومع أهله عملاً في السِّر ؛ لأنه لا يقدر أن
يكتم منهما .
(2) البخاري (52) .
(3) يقول ابن عاشور في التحرير والتنوير
(9/173) : (أي : يخشون ربهم في خاصتهم ، لا يريدون بذلك رياء ، ولا لأجل خوف
الزواجر الدنيوية والمذمّة من الناس) .
(4) انظر : المعجم الصغير للطبراني (1033)
، صحيح الجامع للألباني (3759) .
(5) البخاري : (1428) .
(6) الترمذي : (2919) ، وحسَّنه ، وصححه
الألباني ، ومقولة الترمذي في جامعه عقبه ، والملحوظ أن النصوص لم تكتف بالحثِّ
على عبادة السِّر ، بل تجاوزت ذلك إلى التحذير من خيانة السِّر ، وعصيان الله -
تعالى - في الخفاء ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم عند ابن ماجه بسند صحيح
(4245) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال : " لأعلمنّ أقواماً من أمتي يأتون
يوم القيامة بحسناتٍ أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً ،
قال ثوبان : يا رسول الله ! صِفهم لنا ، جَلِّهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا
نعلم ، قال : أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم
أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " ، ولأن جوهر المقالة لا يتحدث عن هذا
الجانب فلن يتم التركيز عليه .
(7) تاريخ بغداد ، للخطيب : 11/262 ،
وصححه الألباني في صحيح الجامع (6018) ، ورجّح الدارقطني وقفه ، انظر : العلل
المتناهية لابن الجوزي (1376) .
(8) حلية الأولياء ، لأبي نعيم : (8/95) .
(9) انظر : تهذيب الكمال ، للمزي :
(14/464) .
(10) حلية الأولياء ، لأبي نعيم : (4/272)
.
(11) ولذا قرّر أهل العلم أن معرفتها أهم
، والقيام بها أجل وأعظم ، وذلك لأن مقصود الشرع من الأعمال كلها ظاهرها وباطنها
إنما هو صلاح القلب وكماله وقيامه بالعبودية لربه عز وجل ، ولذا فإن عبادة الجوارح
إذا خلت من عبودية القلب لم تكن عبادة ، ولم ينتفع صاحبها بها البتة ، يقول ابن
تيمية في فتاويه (10/355) : (الدين القائم بالقلب من الإيمان علماً وحالاً هو
الأصل ، والأعمال الظاهرة هي الفروع وهي كمال الإيمان) ، ويقول ابن القيم في بدائع
الفوائد (3/710) : (ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال
الجوارح بأعمال القلوب ، وأنها لا تنفع بدونها ، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد
من أعمال الجوارح ، وهل يميز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كل واحد منهما من
الأعمال التي ميَّزت بينهما ؟ وهل يمكن أحداً الدخول في الإسلام إلا بعمل قلبه قبل
جوارحه ؟ وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم ، فهي واجبة في كل
وقت) .
(12) تفسير ابن أبي حاتم 4/346 ، وقد روي
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً أيضاً ، وفيه إبراهيم الهجري ، صدوق ، كثير
الوهم في رفع الموقوفات ، وقد حسَّنه الحافظ ابن حجر في المطالب 9/260 ، وضعّفه
جماعة ، منهم الألباني ، كما في ضعيف الجامع (5355) .
(13) المعجم الكبير ، للطبراني : (9/153)
.
(14) حلية الأولياء ، لأبي نعيم :
(4/69-70) .
(15) حلية الأولياء ، لأبي نعيم : (9/173)
.
(16) انظر : جامع العلوم والحكم ، لابن
رجب : 75 .
(17) المحجة في سير الدلجة ، لابن رجب :
56 .
(18) تهذيب الكمال ، للمزي : (20/392) .
(19) انظر : حلية الأولياء ، لأبي نعيم :
5/41 ، تهذيب الكمال ، للمزي : (28/554) .
(20) حلية الأولياء ، لأبي نعيم : (2/347)
.
(21) تذكرة الحفاظ ، للذهبي : (1/131) .
(22) وقد جاءت في ذلك أقوال عدة عن السلف
، ومنها : قول عمر رضي الله عنه : " خذوا بحظِّكم من العزلة " ، وقول
أبي الدرداء رضي الله عنه : " نِعْمَ صومعة الرجل بيته يكفّ فيها بصره ولسانه
، وإياكم والسوق فإنها تلهي وتلغي " ، وقول ابن المسيب : (العزلة عبادة وذكر)
، وقول مسروق : (إن المرء لحقيق أن تكون له مجالس يخلو فيها يذكر فيها ذنوبه
فيستغفر منها) ، انظر : الزهد ، لأحمد : 135 ، المصنف لابن أبي شيبة : 7/148 ،
التمهيد لابن عبد البر : 17/446 ، وليس المراد من الحث على اتخاذ خلوات للتعبد
الحث على العزلة المطلقة عن الناس ، إذ ذاك أمر تأباه نصوص الشرع وقواعده ، والحق
أن من العزلة ما هو مشروع ، ومنها ما هو ممنوع ، فالعزلة المشروعة ما كان مأموراً
بها أمرَ إيجاب أو استحباب كاعتزال الأمور المحرمة وترك مخالطة من يخوض في آيات
الله عز وجل حتى يخوض في حديث غيره ، واعتزال الناس في فضول المباحات وما لا ينفع
في الآخرة ، والاختلاء الوقتي بالنفس للمحاسبة والتأمل والصلاة ، والقراءة والدعاء
والاعتكاف ونحو ذلك - والعزلة غير المشروعة ما أدَّت إلى إضاعة حق الحق أو النفس
أو الخلق كإضاعة الجُمَع والجماعات ، وجهل ما يجب علمه ، وعدم تعاونٍ على البر
والتقوى ، وتضييعٍ لحق الأهل والوالد والولد ، وترك كسب ما يحتاج إليه العبد من
نفقة ، ونحو ذلك - انظر في ذلك : الفتاوى لابن تيمية : (10/393-407) ، والبحث
القيم الموسوم بـ (العزلة والخلطة) ، لـ د / العودة .
(23) الفتاوى ، لابن تيمية : (10/426) .