مابين
الرجل الذي يعاني من انفصام الشخصية إلى إنسان يعاني جنون العظمة، أم انه شخص يعي
ما يفعل ويتلاعب بمن حوله، أخر طرائفه التي برزت أنه تكفل بعلاج المصابين من
الثوار الليبيين في مستشفيات تونس، ثم بعدها ظهر وهو يلعب الشطرنج، ويتساءل "القذافي" عن
التاريخ كثيراً ماذا سيكتب عنه، ثم يتساءل مرة أخرى ماذا يريد الثوّار وحلف
الناتو وما هي نوعية الدولة التي سيقيمونها..
إنه
"معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي"
المشهور "بمعمر القذافي" ولد في قرية "جهنم"
بإحدى مناطق مدينة سرت عام 1942 وقد خلّد مسقط رأسه في قصته الأدبية المشهورة
"الفرار إلى جهنم" .
عاش
الزعيم الليبي فترة شبابه بين مدن سرت ومصراته وسبها التي تعيش فيها قبيلة
القذاذفة الذي ينتمي إليها، والتحق بالكلية العسكرية الملكية الليبية ثم تخرج
برتبة ملازم في الجيش بمنتصف الستينات.
يعرف
الشعب الليبي والعالم العربي والإسلامي عن "القذافي"
الكثير من المواقف المتناقضة فتارة يدعو على بناء مسجد بدلاً من المسجد الأقصى، و
أخرى يؤلف كتابه الأخضر الذي يجعله أشبه بدستور لليبيين، مرة أخرى يقول بأن الدولة
الشيعية دولة العربية بدأت حينما بنى الفاطميين القاهرة.
توّلى
الحكم في ليبيا عام 1969 بعد أن نفّذ انقلاباً هو ومجموعة من الضبّاط الليبيين ضد
الملكية السنوسية، وكان مما أثار إعجاب الليبيين في بداية ثورته هو حديثه بلسان
الإنسان المسلم الذي سرعان ما بدد ذالك الإعجاب أقواله الذي عارض فيها أحاديث
نبوية شريفة، ولاحق التيارات الإسلامية ووضعها في السجون وقتل الكثير من أبناءها.
ثم
عاش "القذافي" بعد الحصار الذي فرض علي
ليبيا دور الإنسان المناضل الذي يقاوم الاستعمار، لكنه لم يرى أن سياسته مع العالم
الخارجي جعلته يدفع ثمن أفعال لم يقبلها الشعب الليبي نفسه، فخسر الشعب الليبي
الكثير من الأموال بسبب جنون العظمة والعناد الذي يعانيه هذا الرجل.
قبل
سنتين طالب "القذافي" في ليبيا بجمع
أكثر من 500 فتاة من حسناوات إيطاليا لإعطائهن محاضرة حول الدين الإسلامي، فمرة
يعيش في دور الفيلسوف ومرة في دور الملك ومرة يلبس ثوب الداعية الإسلامي، ومرة
أخرى قائد الجيش، لكنه لم يعيش يوما في ثوب المواطن الليبي الذي يعاني الأمرين
بسبب عنجهيته و جهله.
لا
ينبئ المستقبل بنهاية قريبة لما يجري في ليبيا حتى لو تقدم الثوّار باتجاه طرابلس
فإن المعاناة ستطول مع وجود نزاع بين العلمانيين والإسلاميين في المجلس الانتقالي،
وهل سيزول أتباع "القذافي" بصورة سريعة
بعد رحيله، بالغرم من الزخم الإعلامي الذي منح لحملة الناتو على "القذافي" إلا أنها حملة تسير ببطء ومشكوك في
نواياها ، فلا تتناسب النتائج على الأرض مع حجم القوة العسكرية المعلن مشاركتها في
ضرب "القذافي".. هذا الرجل يعيش تناقضات
لكنه لن يرحل بسهولة.