• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كيف سُرقت أموال العراق؟

كيف سُرقت أموال العراق؟


نشرت صحيفة "لوس أنجيليس تايمز" الاميركية مقالاً لمراسلها بول ريختر تناول فيه حكاية مبالغ مالية طائلة أرسلت خلال حكم الرئيس جورج بوش في أعقاب غزو العراق في العام 2003 الى الدولة المحتلة بكميات كبيرة من النقد لسداد تكاليف إعادة الإعمار والمشاريع الأخرى خلال السنة الأولى التي تشكلت فيها وحدة مقاييس جديدة.

وتقول الصحيفة ان مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قرروا أن بالإمكان تحميل طائرة شحن هيركوليز سي-130 ضخمة (بـ2.4 مليار) دولار بأوراق نقدية من فئة 100 دولار في لفافات. وقد أرسلوا أول حمولة كاملة من النقد وتبعتها 20 طائرة أخرى إلى العراق بحلول أيار (مايو) العام 2004 نقلت (12 مليار) دولار يقول المسؤولون الاميركيون إنها كانت أكبر حمولة نقدية دولية جوية في أي وقت من الأوقات.

وفي هذا الشهر بدأ البنتاغون والحكومة العراقية إقفال دفاتر حسابات البرنامج. ورغم سنوات من التدقيق والتحقيقات، فان المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية لا يزالون عاجزين عن معرفة مصير (6.6 مليار) دولار نقداً – وهو مبلغ تقول الصحيفة انه يكفي لتغطية مصاريف إحدى مدارس لوس انجيليس أو المدارس العامة في شيكاغو لمدة سنة، من بين أمور أخرى.

وللمرة الأولى يوحي مدققو الحسابات الفيدراليين باحتمال أن يكون جزء أو كل المبلغ قد تعرض للسرقة، وليس لخطأ محاسبي. وقال ستيوارت بوين، المفتش لعام الخاص لأعمال إعادة إعمار العراق، وهو مكتب أنشأه الكونغرس، إن من المحتمل أن يمثل مبلغ (6.6 مليارات) دولار "أكبر حادث سرقة أموال في تاريخ الولايات المتحدة".

والغموض الذي يحيط باختفاء هذا المبلغ اصبح محرجاً للبنتاغون، ومثيراً لقلق لعلاقات واشنطن مع بغداد. ويهدد المسؤولون العراقيون باللجوء إلى القضاء للمطالبة بالمبلغ الذي جاء من مبيعات النفط العراقي والأصول العراقية المحتجزة والأموال الفائضة من برنامج الأمم المتحدة النفط من أجل الغذاء.

وقد يكون من العدالة في شيء القول ان الكونغرس، سدد حصته من المال وقيمتها(61 مليار) دولار من أموال دافع الضرائب الأميركي لعمليات مماثلة لإعادة الإعمار ولمشاريع التنمية في العراق.

وقال النائب هنري واكسمان الذي ترأس جلسات الاستماع لعمليات التبذير والتزوير والإساءة في العراق قبل ست سنوات عندما ترأس لجنة الإصلاح الحكومي في الكونغرس أن "مجلس الكونغرس يتوقع أن يكون قد صرف مليارات من أموالنا للتعويض عن مليارات من أموالهم التي لا نستطيع العثور عليها".

ومن غير المحتمل أن يكون مثل هذا المبلغ الكبير قد تعرض لحادث سرقة، إلا أن مسؤولين أميركيين لا يستبعدون ذلك. وقد اتهم بعض المقاولين الأميركيين بانهم دفعوا عشرات الملايين كرشوة خلال فترة ما بعد الغزو، خاصة في الأيام الأولى للفوضى. وان كان ينظر إلى المسؤولين العراقيين على أنهم المتورطون في ذلك.

وكان نقل النقد الأميركي عن طريق الجو إجراءاً يائساً اتخذ عندما كانت إدارة بوش حريصة على إعادة الحياة إلى الخدمات الحكومية والاقتصاد المتهاوي لمنح العراقيين الثقة في أن النظام الجديد سيكون تحسيناً كبيرا ًبالنسبة لنظام صدام حسين في العراق.

وقرر البيت الأبيض استخدام الأموال فيما أطلق عليه "صندوق التنمية العراقي" الذي أنشأه بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك للمحافظة على أموال جمعت خلال سنوات حكم حسين الذي كان يخضع لعقوبات اقتصادية وتجارية تصيبه بالشلل.

وقد نقلت المبالغ النقدية في حاويات تجرها شاحنات من مستودع النقد التابع للاحتياط الفيدرالي الذي يشبه القلعة في ايست روثرفرد بولاية نيو جيرسي، إلى مطار اندروز الجوي العسكري في مريلاند ومن ثم جرى نقلها بالجو إلى بغداد. وقام المسؤولون الأميركيون بنقل الحمولة إلى قبو في أحد قصور حسين والى قواعد عسكرية أميركية، ومن ثم جرى توزيع الأموال على الوزارات والمقاولين العراقيين.

إلا أن المسؤولين الأميركيين لم يكن لديهم الوقت او الموظفون بما يكفي للتحكم بدقة بتلك الأموال. فملايين الدولارات وضعت في أكياس ونقت على شاحنات إلى الوكالات أو المقاولين العراقيين، حسب شهادة المسؤولين الأميركيين.

ووجهت لجنة الإصلاح الحكومي في الكونغرس الاتهام في العام 2005 إلى مسؤولين أميركيين باعتبار أنهم "لم يستخدموا فعلاً التحكم المالي لحساب مسحوبات تلك الأموال النقدية الهائلة فور وصولها إلى العراق، وهناك من الأدلة ما يشير إلى وجود تهاون وتزوير واسع في عمليات صرف وتوزيع الأموال العراقية".

واقتنع المسؤولون في البنتاغون خلال السنوات الست الأخيرة أن بإمكانهم معرفة أين ذهبت تلك الأموال لو انه كان لديهم الوقت الكافي للرجوع الى السجلات. إلا أن الجهود المستمرة للعثور على المستندات او على النقد لم تكن مثمرة.

ويقول المسؤولون العراقيون انه كان من المفروض في الحكومة الأميركية حراسة الأموال بمقتضى الاتفاق المبرم في العام 2004، وان واشنطن هي المسؤولة.

وقال عبد الباسط تركي سعيد، كبير مدققي الحسابات العراقي ورئيس المجلس الأعلى للتدقيق، إن المسؤولين الأميركيين سيستدعون أمام القضاء عند الضرورة للتعويض عن الأموال المفقودة.

وقال سمير السميدعي، سفير العراق لدى الولايات المتحدة إن "من الواضح أن لدى العراق مصلحة في الاهتمام بأصولها وحمايتها".

أعلى