• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الحرس الثوري الإيراني.. حارس النظام ودعامة قوته

ما هي مؤسسة الحرس الثوري الإيراني؟ وما دلالة خضوعها مباشرة للمرشد دون بقية المؤسسات الدولة؟ وما هي الأدوار السرية التي يقوم بها الحرس الثوري لدعم النظام في الداخل والخارج؟


في عام 1979م؛ وبعدما تحقق النجاح للثورة الإيرانية، شرعت الخميني في إنشاء فصيل أمني وعسكري لتعزيز سلطته ولحماية نظامه الوليد من التهديدات الداخلية والخارجية، تمّ بالفعل تأسيس فيلق الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) كحارس أيديولوجي للثورة، وسرعان ما تطور الفيلق إلى مؤسسة ذات قوة سياسية واقتصادية وعسكرية واسعة وأصبح من أقوى المنظمات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، إذ بات يسيطر على شريحة ضخمة من الاقتصاد الإيراني، ويمارس دورًا محوريًا في تنفيذ سياسة طهران الخارجية عبر علاقاته المعقدة مع الجماعات المسلحة غير الحكومية حول العالم، قادته يحظون بالتبجيل والاحترام على المستوى الرسمي والعديد من كبار المسؤولين الإيرانيين قد خدموا في صفوفه خلال فترة ما من حياتهم، الآن وفي ظل ما تمر به المنطقة من أحداث واضطرابات متوالية، يتعاظم الحديث عن دور الحرس الثوري الإيراني ونفوذه، وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه المؤسسة القوية، ودورها في رسم مستقبل السياسة الإيرانية وتأثيرها.

حـراس الثورة

تأسس الحرس الثوري الإيراني (أو باسداران باللغة الفارسية) في أعقاب سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي مباشرة، حيث تنافس اليساريون والقوميون والإسلاميون لتحديد مسار الجمهورية الوليدة، وبينما كان رئيس الوزراء المؤقت يسيطر على الحكومة ومؤسسات الدولة مثل الجيش النظامي الذي كان يُعتقد أن العديد من قادته موالون للشاه المنفي في ذلك الحين، نظم العديد من رجال الدين وأتباع الخميني ثقل موازن لتلك المؤسسات الموروثة، كان الحرس الثوري هو أهمها، حيث تأسس بأمر مباشر من المرشد الأعلى الأول لإيران، آية الله الخميني، الذي كان حينها يحلم بجيش قوامه 20 مليونًا من الشباب الشيعة المتدينين الذين يتم تجنيدهم من شبكة شديدة التدقيق من المعاهد الدينية والجامعات لإنشاء وصفها بـ "حضارة إسلامية جديدة"، وعلى الرغم من أن أعداد الحرس الثوري الإيراني أقل بكثير (تُقدّر بأكثر من 190 ألفًا ـ وفقًا لبعض التقديرات)، إلا أنه يظل قوة هائلة، خاصةً مع احتساب قوات البسيج المتطوعة والتي يمكنها حشد أكثر من 600 ألف متطوع (وفقًا لتقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية)، والمثير أن الحرس الثوري تتبعه قوات بحرية وجوية منفصلة عن الفرع البحري والجوي للجيش الإيراني النظامي، وهذه القوات لها جنودها وعتادها وقواعدها.

 

يرى البعض أن الحرس الثوري بمثابة دويلة داخل الدولة، وهو مظهر مرئي لما يشار إليه عادة باسم "الدولة العميقة" في دول أخرى، فدور الحرس الثوري منصوص عليه في الدستور وهو لا يخضع إلا للمرشد الأعلى

حين أنشأ الخميني الجمهورية الإيرانية بعد الثورة جعلها قائمة على أساس مفهوم الوصاية أو ولاية الفقيه، كان الهدف هو جعل إيران جمهورية دستورية محاطة ببنية ثيوقراطية، حيث سلطة رجال الدين أعلى من سلطة القادة المنتخبين من قبل الشعب، وأراد الخميني أن يقوم الحرس الثوري بحماية هذا النظام الجديد من أي انقلاب، مثل ذلك الذي أطاح بحكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيًا وأعاد الشاه إلى السلطة في عام 1953م، ففي حين أن الجيش النظامي يقوم بالدفاع عن الحدود وحفظ النظام الداخلي وفقًا للدستور، فإن الحرس الثوري يحمي نظام الجمهورية في الداخل والخارج ويمنع التدخل الأجنبي ويقاوم الانقلابات العسكرية ويواجه الحركات المنحرفة التي قد تضر بالنظام، هذه الوظائف المطاطة في تفسيرها جعلت عمله خارج حدود القانون والقضاء، بل وفي كثير من الأحيان يتجاوز هيكله القيادي، الرئيس المنتخب وغيره من الوزراء وكبار المسؤولين، وعادةً ما يُنظر إلى الحرس الثوري على أنه جيش شعبي سرعان ما تحول إلى قوة قتالية تقليدية، خاصةً إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وذلك بعدما تبنى هيكلًا قياديًا مشابهًا لهيكل الجيوش النظامية وأصبح له طابع مؤسسي كبير.

عضـلات النظـام

يعدّ المرشد الأعلى هو قلب وعقل النظام وأعلى سلطة فيه، فيما يمثل الحرس الثوري عضلاته، لذا فإن الحرس المدافع عن النظام يدافع تلقائيًا عن المرشد وأولوية حكمه، ومن الخميني إلى خليفته خامنئي.. استفاد المرشدان من دعم الحرس الثوري مما ضمن لهما القوة في تنفيذ سياساتهما الداخلية وطموحاتهما الخارجية، لكن على عكس الخميني الذي كان لديه عدد كبير من الأتباع قبل الثورة، كان خامنئي يفتقر إلى جمهور طبيعي عندما تولى السلطة، فملأ الحرس الثوري الإيراني هذا الفراغ وأقام علاقة تكافلية وطيدة مع المرشد الجديد، فدعم الحرس بقوة سياسات خامنئي، وفي المقابل ضمن خامنئي للحرس الثوري مكانة فريدة داخل الجمهورية الإيرانية، يرى البعض أن الحرس الثوري بمثابة دويلة داخل الدولة، وهو مظهر مرئي لما يشار إليه عادة باسم "الدولة العميقة" في دول أخرى، فدور الحرس الثوري منصوص عليه في الدستور وهو لا يخضع إلا للمرشد الأعلى، وهذا ما يمنحه بطبيعة الحال مجموعة هائلة من السلطات القانونية والسياسية والدينية أيضًا، يمكننا تلخيصها في النقاط التالية:

في المجال العسكري:

تصل قوة الحرس الثوري إلى أبعد أركان الجمهورية الإيرانية من خلال شبكة قوية تابعة له تدير بفعالية المجمعات العسكرية والاستخباراتية، إذ يقف وراء العديد من العمليات العسكرية الرئيسية في البلاد ويشرف على برنامج الصواريخ الباليستية وأجرى عدة تجارب على صواريخ يمكن أن يصل مداها إلى كل دول المنطقة، وتتولى البحرية التابعة للحرس الثوري القيام بدوريات في مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية حيث يمر عبره 20% من إمدادات النفط العالمية، كما أنه المسيطر الأكبر على الصناعات العسكرية في البلاد.

في المجال السياسي:

يصل نفوذ الحرس الثوري في الساحة السياسية إلى حد لا رجوع فيه، إذ يعدّ الحرس الثوري على أرض الواقع المنظمة الأكثر أهمية في البلاد، فلديه نفوذ سياسي ملحوظ ويتمتع بقاعدة انتخابية في مناطق واسعة من البلاد، لا سيما في المحافظات الريفية حيث تمنح مشاريع البنية التحتية التي ينفذها وعمليات التوظيف لأبناء تلك المحافظات في فرق الباسيج شبه العسكرية درجة أعلى من الدعم والتأييد، كما أن رجال الحرس السابقين موجودين بكثرة في الحياة السياسية؛ حيث يمكن ملاحظتهم كسفراء، ونواب برلمان، ورؤساء بلديات، ووكلاء وزراء، وحكام مقاطعات، وكان منهم 14 وزيرًا من أصل 21 في حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، وبالتالي فإن الحرس يتمتع بقدرة كبيرة على المساهمة في صنع القرار السياسي للبلاد، كما أن لديه نفوذ سياسي آخر يتم فرضه عبر العنف والتزوير؛ ففي عام 2009م حينما انتشرت تقارير تتحدث عن تزوير الانتخابات الرئاسية، ساعدت قوات الباسيج على دحر المظاهرات الحاشدة الرافضة للنتائج، كما يتدخل الحرس باستمرار في توجيه الانتخابات الرئاسية من خلال الضغط على مجلس صيانة الدستور الذي يفحص المرشحين من حيث ملاءمتهم الأيديولوجية، وذلك لإبعاد المرشحين الذين يعتبرهم غير مقبولين، وكان من أشهر المستبعدين سابقًا؛ المرشح أكبر هاشمي رفسنجاني.

في المجال الاقتصادي:

يحظى الحرس الثوري بحصة كبيرة في الاقتصاد سواء في الكيانات القانونية أو غيرها، وبالرغم من أن هذه الحصة من المستحيل قياسها إلا أن التقديرات الغربية تقدّرها من ثلث إلى ما يقرب من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي لإيران، حيث يمتلك الحرس نفوذًا واسعًا في العديد من الصناعات والبنوك وقطاع الشحن والواردات الاستهلاكية وذلك من خلال الشركات القابضة وبعض المؤسسات الخيرية، كما يعتبر لاعبًا كبيرًا في أعمال البناء والنفط والغاز والاتصالات، كما تتعاقد شركاته من الباطن مع الشركات الأجنبية، وتحصل أيضا على عقود ضخمة من الدولة بدون مناقصات في قطاع النفط وتطوير البنية التحتية، على سبيل المثال حصلت الشركة الهندسية "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري على أكثر من 750 عقدًا حكوميًا لمشاريع البنية التحتية والنفط والغاز، وهي عقود تقدر قيمتها بمليارات الدولارات وقد حصلت عليها بالأمر المباشر بدون مناقصات، ويُضاف إلى كل ذلك سيطرة الحرس على سلسلة من الأرصفة البحرية على طول ساحل الخليج، وكذلك محطات الشحن في معظم المطارات الإيرانية، وتعدّ شركة "خاتم الأنبياء" إحدى المؤسسات الرئيسية المكلفة بتنفيذ ما يُعرف بـ "اقتصاد المقاومة"، وهو جهد متضافر لاحتكار موارد إيران وصناعاتها ومشاريع البنية التحتية للتحايل على العقوبات الدولية وتمويل التوسع الأيديولوجي العسكري للنظام الحاكم في الداخل والخارج.

عمليات خارج إطار القانون:

الحرس الثوري هو المدبر الأكبر لعمليات التهريب الواسعة التي تتم عبر الحدود، حيث يشارك بشكل مطرد في الأسواق السوداء لا سيّما بعد موجة العقوبات الأمريكية التي أدت إلى انقطاع الشركات الإيرانية عن أسواق التجارة العالمية، فكانت العقوبات الدولية فرصة ذهبية للحرس الثوري لترسيخ نفوذه في مجال تهريب المنتجات سواء بالتصدير أو الاستيراد، وهو ما ساعد على خلق نفوذ اقتصادي واسع للحرس الثوري، لدرجة أن الرئيس الإصلاحي السابق حسن روحاني قد فشل في مساعيه للحد من هذا النفوذ كجزء من إصلاحاته الاقتصادية.

جـنود بـلا حـدود

منذ عام 1979م، تعهد ملالي إيران علنًا بتصدير ثورتها، وقد التزم الحرس الثوري الإيراني بهذا التعهد، وبالفعل كرّس الحرس نفسه باعتباره الوصيّ على العديد من القضايا؛ بدءًا من تحرير القدس والقضاء على إسرائيل إلى محاربة الولايات المتحدة ووكلائها في الشرق الأوسط، وقد بنى الحرس الثوري الإيراني جسرًا بريًا عبر العراق وسوريا ولبنان، محققًا الهدف الاستراتيجي الفارسي القديم والإيراني الحديث المتمثل في إنشاء طريق مجاور للبحر الأبيض المتوسط، ويسعى الحرس الثوري إلى تحقيق 3 أهداف أساسية في السياسة الخارجية:

الهدف الأول: بناء الهيمنة الإقليمية الإيرانية في الشرق الأوسط وغيره من مناطق العالم، فقد تم نشر فيلق القدس ـ الذي أنشأه خامنئي كوحدة تابعة له ومسؤولة عن عملياتها الخارجية ـ في لبنان عام 1982م، حيث ساعد في نشأة ميليشيا حزب الله اللبناني، وكان له دور كبير في شحن الأسلحة إلى حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق، كما تدخل الحرس الثوري في العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003م وقام بتقديم الدعم لمسلحين شيعة هناك، ومع مرور السنوات باتت الميليشيات الشيعية أكثر قوة حتى باتت متفوقة على الجيش الوطني العراقي الذي كان أداءه ضعيفًا للغاية وسط التقدم السريع لتنظيم داعش في عام 2014م، وبمجرد اندلاع الثورة السورية في عام 2011م انتشر فيلق القدس هناك لمساعدة نظام بشار الأسد في قمع حركة الاحتجاجات.

الهدف الثاني: تصدير الثورة، فمنذ الأيام الأولى للجمهورية الإسلامية، حاول الحرس الثوري نشر أفكار الخميني، خاصة في الدول التي تضم عددًا كبيرًا من السكان الشيعة، وذلك عبر تطوير التأثير الديني من خلال تنمية رموز الشيعة البارزين في تلك الدول، ثم عن طريق إدخال عملاء إلى المجتمع الشيعي الأوسع، وهو ما قد يشمل تطويق شيوخ ومساجد السنة، كما تقوم إيران بدعم بناء مساجد جديدة لتُدَار تحت السيطرة المباشرة أو غير المباشرة لطهران، كما قامت إيران ببناء 80 مركزًا ثقافيًا في أمريكا اللاتينية وحدها، حيث تعمل هذه المراكز على تحسين صورة إيران، وتعزيز الإسلام الشيعي، وزيادة نفوذ إيران السياسي، كما تجري إيران أيضًا عمليات استخباراتية وتأثيرًا تحت ستار الدبلوماسية من خلال السفارات والقنصليات والمكاتب المرتبطة بها، ففي بعض الأحيان تستخدم إيران موظفين دبلوماسيين للترويج لمهرجانات ثقافية ومعارض كتب وأنشطة شبابية لنشر نفوذها، في إطار ما يُعرف باستراتيجية القوة الناعمة الثقافية؛ تبث إيران خدمة إخبارية باللغة الإسبانية على مدار 24 ساعة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، ناهيك عن القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية والتي باتت منتشرة في وطننا العربي مؤخرًا.

الهدف الثالث: دعم الدول والجماعات والميلشيات التي تهاجم أعداء إيران، وقد طوّر الحرس الثوري من خلال فيلق القدس علاقات مع جماعات مسلحة في أفغانستان والعراق ولبنان واليمن وأماكن أخرى، حيث قدم لهم التدريب والمشورة العسكرية لإبراز قوته في الخارج، والآن يتمركز أفراد الحرس الثوري الإيراني في بلدان في معظم أنحاء أمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، وفي بعض الأحيان يعمل فيلق القدس كوزارة خارجية موازية لوزارة الخارجية الإيرانية الرسمية، وكان الجنرال الراحل قاسم سليماني من أبرز قادة الفيلق، وقد تم اغتياله باستخدام طائرةٍ أمريكية مسيّرة في 3 يناير 2020م بعدما وصل إلى درجة كبيرة من النفوذ في المنطقة.

منظمـة إرهـابيـة

في عام 2007م، صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية فيلق القدس على أنه فصيل داعم للإرهاب، وفرضت مزيدًا من العقوبات على مسؤولي الفيلق في عام 2011م وذلك بعد محاولة اغتيال فاشلة للسفير السعودي في الولايات المتحدة، وفي أبريل 2019م أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الولايات المتحدة عن تصنيف الحرس الثوري رسميًا كمنظمة إرهابية، كانت هذه هي المرة الأولى التي تضع فيها حكومة الولايات المتحدة على القائمة السوداء جزءًا من جيش دولة ما كمنظمة إرهابية، حينها قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: "لا يمكن أن يكون لديك سلام أو استقرار أو أمن في الشرق الأوسط دون إضعاف الحرس الثوري الإيراني"، وقد بررت الإدارة الأمريكية قرارها بالعديد من العوامل، من أهمها:

تهديد الحرس الثوري للمصالح الأمريكية في المنطقة.

رغبة الإدارة الأمريكية من وراء التصنيف في إرسال رسالة قوية إلى إيران والعالم بأسره بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي نشاط يهدد مصالحها الوطنية وأمنها القومي.

دعم الحرس الثوري للجماعات الإرهابية في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وبعض الميليشيات الشيعية في العراق.

تدخل الحرس الثوري في شؤون الدول العربية الحليفة لواشنطن، وخاصة تلك التي تضم عددًا كبيرًا من السكان الشيعة.

وقد أدى تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية إلى بعض التبعات، من أهمها:

توقف المفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015م، وما تبع ذلك من تباطؤ في جهود التسوية والتهدئة، وزاد من صعوبة التوصل إلى اتفاقيات سلمية بين طهران والدول الغربية.

زيادة التوترات بين إيران والولايات المتحدة، حيث ترفض إيران تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، وتعتبره جزءًا لا يتجزأ من جيشها.

أثار القرار جدلًا في بعض الدول؛ حيث اعتبرته بعضها خطوة إيجابية ضد إيران، بينما اعتبرته دول أخرى خطوة تصعيدية ستزيد من التوتر في المنطقة.

عوامل وسيناريوهات

لا يمكن لعينٍ أن تُخطئ تأثيرات الحرس الثوري الإيراني على السياسات الداخلية والخارجية لإيران، بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، والتي تضمن تحقيق مصالح النظام الإيراني والحفاظ على نفوذه، بالرغم من ذلك فإن مستقبل الحرس الثوري لا يزال غير مؤكد، خاصةً في ظل التفاعل المعقد بين العوامل الداخلية والخارجية، وفي حين أن التنبؤ بالتفاصيل أمر مستحيل، إلا أن فهم بعض الديناميكيات يوفر إطارًا لتحليل السيناريوهات المحتملة وآثارها، وفيما يلي بعض الاعتبارات الرئيسية:

انتقال القيادة: فالمرشد الأعلى الحالي، علي خامنئي، كبير في السن، وسيؤثر خليفته بشكل كبير على مستقبل الحرس الثوري، والسؤال الكبير هنا: هل سيحافظ القائد الجديد على العلاقة الوثيقة مع الحرس، أم ستنشأ توترات بينهما؟، في الواقع فإنه من غير المرجح أن تؤدي الإصلاحات الداخلية أو التغييرات الكبيرة في القيادة إلى تحول في تأثير الحرس أو تقليل في أدواره السياسية والاقتصادية.

الوضع الداخلي: تواجه إيران تحديات اقتصادية واضطرابات اجتماعية، وقد يؤدي استمرار السخط إلى زيادة دور الحرس الثوري في الأمن الداخلي، مما قد يؤدي مواجهات مع جماهير الشعب وحدوث اضطرابات كبيرة، يُضاف إلى ذلك أن منظمة الحرس الثوري اليوم باتت مفرطة في الانقسام وتتكون من تيارات متنافسة مدفوعة بشكل مكثف من الشخصيات المعروفة، والاختلافات السياسية التي تتداخل مع الهياكل الرسمية.

النفوذ الاقتصادي: يسيطر الحرس الثوري الإيراني على جزء كبير من الاقتصاد الإيراني، فهل ستستمر هذه القوة الاقتصادية أم أن العقوبات الغربية قد تحد منها؟، فالعقوبات تؤثر بالفعل على موارد الحرس الثوري وقدراته، وربما قد تجبر الضغوط الاقتصادية على تغيير الحرس الثوري لاستراتيجياته وأولوياته، خاصة إذا استمرت العقوبات في تقويض الاقتصاد الإيراني ككل.

الديناميكيات الإقليمية: يلعب الحرس الثوري دورًا حاسمًا في الصراعات الإقليمية، حيث يدعم جماعات وميليشيات مختلفة، ومن الممكن أن تؤثر التحولات في التحالفات والصراعات الإقليمية على نفوذ الحرس الثوري وقوته.

الاتفاق النووي: لا يزال مستقبل الاتفاق النووي لعام 2015 غير مؤكد، وإذا تم إحياؤه، فمن المحتمل أن يحد من الميزانية والأنشطة العسكرية للحرس الثوري الإيراني.

على مدى العقود الماضية، قامت الجمهورية الإيرانية على تحالف أساسي بين رجال الدين والحرس الثوري، حيث كان رجال الدين يحكمون البلاد، فيما يقوم الحرس الثوري بحراسة الجمهورية والقيم التي تأسست عليها، لا أحد يعلم متى يمكن أن تتغير هذه الديناميكية إلى حيث يصبح الحرس الثوري في الحكم والحراسة معا، حينها سيؤسس قادة الحرس الثوري ديكتاتورية عسكرية تستخدم الدين كقشرة أيديولوجية، بعض التقارير تشير إلى أن قادة الحرس الثوري يتصرفون بخطى ثابتة لتأكيد أنفسهم كلاعبين سياسيين رئيسيين يمكنهم تولي كل المناصب، حتى ولو كان منصب المرشد الأعلى، ويبدو أن الأمر قد بات قريبًا.

 

أعلى